/مقالات/ عرض الخبر

لأجل كلّ هذا نقاتل!

2024/07/16 الساعة 12:59 م

هبة دهيني – وكالة القدس للأنباء

أثناء تصفُّحكَ لهاتفك اليوم، ستبصر الأخبار تتسارعُ خبرًا تلوَ آخر، لكي تسبقَ الموتَ الّذي سيلحقُ بعائلةٍ بعد آخر مجزرة، ثمّ ستتعثّر أصابعُكَ بأشلاءٍ نُثرَت على هوامش أحد الصّفحات، لجثامين مجهولة الهُويّة، ثمّ لأطفالٍ يصارعون للبقاء بعد نفاد آخر قطرات المياه الصّالحة للشّرب في قطاع غزّة، وبعدها لكلبِ "حراسة" العدوّ، وهو ينهش جسدًا تبقّى لعجوز، ثمّ لطفلٍ يدور بحثًا عن قبر أمّه لكي يحضنها كوداعٍ أخير، بقُبلةٍ أخيرة.

تنتقلُ عيناكَ من غزّةَ إلى القدس، فتُبصرَ اعتداءاتٍ على المسجد الأقصى ثمّ أسرًا وقتلًا لمصلّينَ كانوا يدعونَ لغزّةَ في أتونِ الحَرب، بعدها بكيلومتراتٍ قليلة، يراها العدوّ نقاط استهدافٍ حيثُ يرى بقِصَرِ نظره "حيواناتٍ بشريّةً"، فيستهدفُ كلّ من يراه في كلّ مناطق الضّفّة، ثمّ ترى العدوّ الأكبر وقد شطّ في وقاحته، حينَ تشوّه "أمريكا" أجسادَ الغزّيّين الذين ما زالوا أحياء، يناشدون "الحكومات والمنظّمات الدّوليّة" تحت التّراب، فتدهسهُم بجنازير الدّبّابات الّتي ربّتها في أحضانِها ثمّ أهدتها للمحتلّ بُغيةَ إبادة القطاع. وفي بيتِ القصيد، تحديدًا، في بيوت الله، حيثُ المصلّون يكبّرونَ ثمّ يُقصفون، فتمتلئ الزّوايا بدماء من استُشهدوا في غُمّةٍ من نكباتٍ لم يجدوا فيها لضراعتهم من مهربٍ سوى الله.

مجازرُ شعواء، مترامية الأطراف بوحشيّتها، فلو كنتَ طفلًا، أو رجلًا، أو مسنَّا، أو امرأةَ، أو حجرًا، أو خيمةَ أو حتّى هواءً في غزّة، فأنتَ مُستَهدَف. ولا سبيلَ للانعتاق من المحتلّ سوى بالمقاومة، أمّا الإدانات ووصمُ السّلوك المعتادد كأبواقٍ تعتمدها الحكومات المتخاذلةُ بعلاقاتها "الطّبيعيّة" مع المحتلّ وأعوانه، فهي هراءٌ لا يتوجّس منه المحتلّ، ولغةٌ ركيكةٌ لا نعتمدها في مصطلحاتنا النّضاليّة.

أمّا لغتنا نحن، فتبدأ بباء البسملةِ عند انطلاقة كلّ صاروخٍ نحو أراضينا المحتلّة، في كل موقعٍ وفي كل وادٍ يرمي مقاومونا بأجسادهم نحو الموتِ الّذي يرَونَهُ ببصيرتهم أعزَّ من العيشِ مع الأرذال، هم أصحابُ الأرض، يتبدّى انتماؤهم حينَ يصيرُ الدّم بوصلةً أولى، ووعدًا ناجزًا أوفى به قادة المقاومةِ على كلّ الجبهات.

لذا فإنّا نقاتل، ولكلّ شهيدٍ من شهدائنا سبيلٌ ما كنّا اقتربنا من النّصر لولاه، وهذا سبيلهم، وقد صدقنا محبّتهُم، فسنحملُ وصاياهُم، وسلاحَهُمُ الثّابتَ ببوصلته في كلّ السّاحات، والّذي يستميتُ في الدّفاع عن عِرضِهِ وأهله وأبناء بلاده، بل ويستميت في الدّفاع عن كلّ جغرافيا الأرض، لأنّ "إسرائيل" هذه تسيرُ على غرار مستعمري الأرض في تاريخ أمّتنا، ولم يبقَ مستعمرٌ في الأرضِ من قبل، ولو بمليون شهيد، ولو بدماء أهل الأرض جميعًا، إنّا صدَقنا محبّة البلاد، وصدَقنا عشقَ طريق الجهاد، طريق ذي الشّوكة، فإنّ غطرسةَ "أمريكا" و"إسرائيل" وكلّ من غمّس يده في دماء الغزّيّين، لهوَ وقودٌ لمعاركنا القادمة، وشرارةُ تحريرٍ من إمبرياليّة هذا المحتلّ ومعاونيه، وعجرفةِ أهل الاستعمار وداعميه، لهذا اليوم، سنقاتل.

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/206898

اقرأ أيضا