/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

هذا ما حدث في "عملية الخيبة" في جنين

2015/09/01 الساعة 07:49 ص
التصدي للعدو في مخيم جنين
التصدي للعدو في مخيم جنين

وكالة القدس للأنباء - متابعة

قرابة الساعة الحادية عشرة ليلاً، بدأت قوات العدو الصهيوني عملية عسكرية مباغتة في الضفة الغربية المحتلة، إذ تحركت آليات عسكرية إلى داخل منطقة الهدف في مخيم جنين، بعدما انتشرت في كافة أنحاء مدينة جنين، كأنه اجتياح كامل للمدينة، ما لبث أن تبيّن أن هذا الانتشار هدفه تأمين العملية العسكرية التي تجري في داخل المخيم.

وكشفت المجريات اللاحقة أن عصابات جيش العدو تنفذ عملية كوماندوس واسعة لها هدف محدد، هو اعتقال – أو بالأحرى  اغتيال - القيادي في حركة الجهاد الإسلامي والأسير المحرر بسام السعدي.

ما لم يكن العدو يتوقعه أن تكون خطة الهجوم قد انكشفت لدى المقاومين في جنين، حيث تمكن الجهاز الأمني في سرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ـ من اختراق اتصالات جيش العدو، وحصل على معلومات كافية، مكنته من إعداد كمين محكم للوحدات العسكرية المتقدمة، حسب معلومات صحفية، وهو ما أقر به الناطق باسم جيش العدو الذي قال إن سرايا القدس قد أوقعت عصابات جيشه في كمين.

ولأن جنين لقنت العدو درساً قاسياً فيما مضى، فقد كان سقوط جريح واحد من قواته سبباً لتبادر وحداته إلى إطلاق النار بشكل عشوائي ومكثف، واستدعى تدخل مروحيات الجيش الصهيوني في العملية، خشية وقوع مزيد من الإصابات.

وبحسب المعلومات المتوفرة، عمد العدو إلى نشر معلومات كاذبة عن قتل عدد من الفلسطينيين، ظنّاً منه أن ذلك قد يؤدي إلى إرباك الخصم.  غير أن ما لم يكن يتوقعه هو ردة الفعل الشعبية، حيث وجد نفسه في مواجهة مع عشرات الشبان الذين تصدوا لقواته بالحجارة، رغم كثافة النيران التي استخدمها، ورغم أصوات الانفجارات التي كانت تهز المنطقة.

وقد تناقل الشبان في وسط جنين، عبر وسائط التواصل الاجتماعي، الرسالة التالية: "فش أحلى من هيك موقف بتكون بتضرب أحجار على الجيش.  وأنت بتضرب حجارتك بيجيك 10 شباب مسلحة وبيحكولك إبعدوا عشان سلامتكم وحينها تنتهي لغة الحجارة وتبدأ لغة الرصاص"، وهي رسالة تحمل الكثير من المعاني النفسية إضافة إلى أبعادها العسكرية.. أهالي جنين متشوقون للمواجهة.

وسرعان ما بدأ الرد الشعبي على العملية ينتشر بسرعة، ولم تعد المواجهات الميدانية مقتصرة على مخيم جنين، بل انتقلت إلى قلب المدينة التي بدأ شبابها وأطفالها يرشقون جنود العدو بالحجارة، ويقطعون الطرقات بإحراق الإطارات المطاطية.  ومثلها استنفرت عدة مخيمات ومناطق في الخليل ونابلس وغيرها.

لم يتمكن العدو من تحقيق هدفه، وما أشاعه عن مقتل القيادي بسام السعدي تبدد قبل ساعات الصباح، وعمدت قيادة عصابات العدو إلى تعويض خسارتها باعتقال المجاهدين من عائلة أبو الهيجا، وتدمير عدة منازل من بينها منزلي السعدي وأبو الهيجا، قبل أن ينسحب وهو يجر أذيال الخيبة والخسران.

عملية الخيبة في جنين تؤشر إلى عدة دلالات أبرزها:

الدلالة الأولى: سعي حكومة العدو إلى البحث عن "رد اعتبار" لكرامتها التي داستها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مرات عديدة، حيث رضخ العدو بإذلال وهو صاغر للإفراج عن الشيخ خضر عدنان، ومن بعده الأسير محمد علان.. وهو قد فعل ذلك تحت الضغط وبعد إعلان سرايا القدس إنهاء التهدئة إذا استشهد أسير في زنازين العدو.  وكانت السرايا قد حركت بالفعل منصات صواريخها واستنفرت مجاهديها، بحسب ما أوضح أمين عام الحركة، الدكتور رمضان عبد الله شلح، في مقابلته الأخيرة عبر قناة الميادين.

الدلالة الثانية: تشير عملية الخيبة في جنين إلى أن العدو كان يبحث عن مواجهة يسجل من خلالها ولو شبه انتصار على حركة الجهاد الإسلامي، بعد أن فشل في استغلال مزاعمه بمسؤولية الحركة عن إطلاق الصواريخ من الجولان قبل أيام، وارتد خائباً مدحوراً.

الدلالة الثالثة: ظن العدو أن اعتقال أو اغتيال القيادي بسام السعدي قد يرد له شيئاً من ماء وجهه، فإذا هو يخرج مدحورا، ويراكم الخيبات، عوضاً من تسجيل انتصار، ولو كان وهمياً.

ما حصل الليلة الماضية في جنين من شأنه أن يزيد من حدّة المأزق الذي تشعر به حكومة العدو إزاء حركة الجهاد الإسلامي. فما جرى يعني تماماً أن الحركة جاهزة لمواجهة العدو ليس في داخل الزنازين فحسب، وليس في غزة فقط، بل أيضاً في قلب جنين.. والعدو يدرك أكثر من غيره رمزية جنين، ولا تزال ذكرى ملحمة جنين البطولية في عام 2002 ماثلة، بعد أن لقنت العدو الصهيوني درساً في معاني الصمود والمقاومة، اضطر معها إلى استخدام وحدات النخبة في جيشه، في معركة استمرت تسعة ايام متواصلة، اضطر معها إلى تدمير نصف المخيم بالكامل، دون أن يحقق انتصاراً إلا بعد أن نفذت ذخيرة المجاهدين، واستشهدوا، دون أن يكروا أو يستسلموا. 

فهل يجرؤ نتنياهو على إعادة الكرة، أم يضطر إلى ابتلاع السم؟

إن موقعة جنين البطولية تعيدنا إلى المربع الأول، الذي تلتقي فيه كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، وكل القوى الحية المخلصة لقضيتها ولشعبها... مربع المقاومة الذي تسقط فيه كل المراهنات والأوهام، وكل أشكال الانقسام السياسي والجغرافي والديموغرافي...

في جنين توحد الكل الفلسطيني على اتجاه البوصلة نحو العدو الصهيوني.

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/79058

اقرأ أيضا