القدس للانباء / خاص
منذ انطلاقتها في 1/1/1965 دأبت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) على إحياء ذكرى انطلاقتها باحتفالات يتخللها عروضا عسكرية وكشفية وشعبية وإضاءة شعلة تنصب في أبرز ساحات المخيمات. وبعد (انتفاضة) حركة فتح التي قادها العقيد ابو موسى وابو خالد العملة في أواسط ثمانينيات القرن الماضي، صارت المخيمات تشهد احتفالين وإضاءة شعلتين في المناسبة ذاتها، وخطابين سياسيين متباينين تبعا لتوجهات الشقيقين (اللدودين)... في هذه السنة، دخل على خط إحياء الذكرى تطور جديد بإعلان العميد محمود عيسى (اللينو) الضابط المفصول من حركة فتح كما وصفه فتحي ابو العردات (الاخبار)، الاستعداد لإحياء ذكرى الإنطلاقة باحتفال كبير في حي صفوري بمخيم عين الحلوة يتخلله إضاءة شعلة، وإطلاق مواقف سياسية منددة بسياسة رئيس السلطة محمود عباس... في حين تستعد قيادة الحركة في لبنان وقيادة المنظمة والسفارة لاقامة مهرجانها المركزي وإضاءة شعلتها أمام مقرها في حي البراكسات. وقد أثار هذا التطور اللافت الكثير من التساؤلات والمخاوف، انعكست في مستوى المتابعة الاخبارية لمعظم الصحف اللبنانية. حيث أفردت الاخبار، السفير، البلد، النشرة وقناة الجديد مساحات للحديث عن هذين الاحتفالين وانعكاساتهما على عين الحلوة بخاصة والمخيمات الفلسطينية بعامة، لما لهما من امتدادات ترتبط بالصراع المفتوح بين رئيس السلطة محمود عباس وعضو اللجنة المركزية المفصول من فتح محمد دحلان. تقول أمال خليل في (الأخبار) المسافة ليست بعيدة بين البراكسات وصفوريه في مخيم عين الحلوة الذي لا تزيد مساحته على كيلومتر واحد. لكن الدعوتين المنفصلتين لاحتفالين متزامنين، غداً، لإضاءة الشعلة في ذكرى انطلاقة فتح، ستجعلان من الحيين ولايتين مستقلتين بل معاديتين، رغم أنهما سيرفعان معاً رايات الحركة وصور الرئيس ياسر عرفات. وتشير المعطيات الميدانيّة (حسب السفير) إلى أنّ الأمور في المخيّم تسير نحو تصعيد سياسي وربما أكثر، بين القيادة المركزية لـ (فتح) المحسوبة على السلطة الفلسطينية في رام الله وبين القائد السابق لـ(الكفاح المسلح) محمود عبدالحميد عيسى (اللينو) المحسوب على دحلان. وتحدّثت قيادات فتحاوية (نقلها مراسل السفير في صيدا) عن متابعة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للأمر، متحدّثةً عن استياء كبير من قبله في حال تمكّن «اللينو» من القيام بإضاءة شعلة ثانية لـ «فتح» في عين الحلوة. واعلن (اللينو) لـ(السفير) أنه قرر إقامة مهرجان خطابي سيتخلّله إلقاء خمس كلمات لمتحدثين لبنانيين وفلسطينيين مع حشد عسكري ومشاركة للمؤيدين له من (فتح)، مضيفاً: (وجّهنا الدعوات لحضور المهرجان الى كافة الفصائل الفلسطينية الاسلامية والوطنية والقوى اللبنانية، وسيكون مهرجانا مركزيا من ضمن شعارات انطلاقة فتح الاولى وليس بما انتهت اليه الحركة من ضعف وتنازلات وإلغاء للقضية). في حين أكد فتحي أبو العردات أنه المتكلم الوحيد في احتفال البراكسات، ويضيف بأن (هناك برنامج احتفالات واحداً ومركزياً، ولا يوجد بالنسبة إلينا شيء اسمه انطلاقتان أو إضاءة شعلتين. فتح واحدة وقرارها مركزي واحد. اللينو ضابط مفصول من الحركة، والاحتفال الذي سيلتزم به أبناء فتح وأجهزتها وكافة الفصائل ومنظمة التحرير هو إضاءة الشعلة المركزية). وسعيا لتدارك أية اشكالات او مفاجآت غير سارة جراء الاصرار على إحياء الاحتفالين، جرت لقاءات عدة، الاول، جمع قائد "الامن الوطني الفلسطيني" في لبنان اللواء صبحي ابو عرب ومسؤول المالية منذر حمزة مع العيمد اللينو في احد مطاعم صيدا ونشرت "صدى البلد" تفاصيله في عددها امس الاول والثاني عبر الجهود الحثيثة التي بذلها مدير مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور الذي التقى في اجتماعين منفصلين في مكتبه في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا كلا من ابو عرب و"اللينو"، طارحا مسعى توافقيا لاقامة حفل اضاءة شعلة موحد على ان يكون لـ"اللينو" كلمة، الا ان قيادة "فتح" رفضت وأجري اتصال مع السفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبور ولم يتم التوصل الى اي اتفاق. واكدت مصادر أمنية لـ "صدى البلد"، ان المسعى اللبناني كان يهدف الى منع اي توتير في عين الحلوة عشية احياء ذكرى انطلاقة "فتح" وقطع الطريق امام المتربصين به شرا، ومنع دخول طابور خامس لايقاع الفتنة بين الطرفين وخاصة مع ارتفاع منسوب هواجس القلق لدى المسؤولين الفلسطينيين الذين نجحوا في تجنيب المخيم اي خضات امنية كبيرة. ويؤكد اللينو أنه جهّز خمسمئة عسكري يؤلفون قوات وشبيبة العاصفة سيسيرون غداً في استعراض صفوريه. هؤلاء، بحسب قائدهم، ليسوا عناصر فتحاوية انشقت، بل (شبان تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً تمت تعبئتهم وتدريبهم وتسليحهم). ويتوقع مشاركة عشرات المناصرين من المخيمات ومن إقليم الحركة في الأردن. كما يؤكد (اللينو) أنهم (سيتوزعون على أنحاء المخيم ويصبحون عاملاً مساعداً للقوة الأمنية المشتركة في ضبط الأمن الاجتماعي ومكافحة المخدرات والجريمة وجمع المعلومات الأمنية). ولكن، هل توافق قيادة القوة على التعاون مع عناصر مؤتمرين من ضابط مفصول؟ يؤكد أن التعاون والتنسيق (قائمان بالفعل لأننا نريد قوة أمنية قوية).. ويؤكد "اللينو" أن ما بعد إحتفال الشعلة غير ما قبله، ويجزم بعدم حصول أي صدامات مع الجانب الآخر لأنه غير موجود فعلياً، ويشير إلى أن تراجع الحركة في المخيمات غير مسبوق، ويطمئن بأن التوجه الذي هو فيه هدفه الحفاظ على هذه المخيمات. "العلاقة مع أبو مازن مقطوعة نهائياً لأسباب عديدة"، هذا ما يؤكد عليه "اللينو"، ولا يفضل الحديث عن "القائد" المستقبلي، ويصف دحلان بأنه "رجل ثورة" لأنه أول من إنتفض على التجاوزات التي تحصل، ويقول: "سنسعى إلى رفع الظلم عنه"، لكنه يشدد على أنه غير "مستزلم" لأحد، ويشير إلى أن "فتح" التي يؤمن بها ليست مزرعة كما يريدها البعض. إذا هي معركة، تبدو مصيرية، بين جناحي الحركة، سيكون لبنان ساحة من ساحاتها، إلا أنها تمتد لما هو أشمل من ذلك بكثير، فهي تصل إلى رأس السلطة الفلسطينية، فهل تمضي على خير أم تكون نتائجها كارثية؟ وفق ما جاء في تقرير ماهر الخطيب للنشرة.
رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/68499