القدس للأنباء - خاص
يضيق أبناء مخيم عين الحلوة ذرعاً من وجود مجابل للباطون، عند الطرف الجنوبي لجهة درب السيم، في المنطقة الفاصلة بينهما، حيث تنفث غبارها بشكل مستمر طوال ساعات النهار، ما يسبب حالة من الاختناق، وخاصة لأؤلئك الذين يعانون من أمراض الربو والحساسية.
يشكل وجود هذه المجابل التي من المفترض أن تكون في منطقة بعيدة عن السكن نسبيا، معضلة لأبناء المخيم، بعدما باتت أمراً واقعاً، ويحل عليهم كارثة صحية وبيئية يصعب التخلص منها في المدى المنظور، رغم المطالبات المتكررة بإقفالها، والاحتجاج مؤخراً على الغبار المتصاعد منها، والذي يفترش السيارات والشرفات والطرقات ببساط أبيض، مترافقاً مع "سيمفونية" الأصوات المزعجة التي لا تهدأ، الصادرة عن آليات المجابل التابع لشركتي "معطي"، "جينيكو".
استشعر أبناء المخيم وخاصة سكان أحياء حطين ولوبيا، أضرار هذه المجابل منذ بدء عملها، وبدأوا يلوّحون بتحركات احتجاجية لإقفالها، بعدما سبق لهم أن قطعوا الطريق المحاذي لها في المخيم بالإطارات المشتعلة العام الماضي.
ويؤكد أبناء المنطقة أن الأضرار الصحية بدأت تظهر جلياً عليهم، وأهل المخيم يختنقون من الغبار المتناثر منها. فمنذ أكثر من شهرين و"بخاخة الربو" لم تعد تفارق يد عمر ياسين، وهذا يطبّق كما يقول، على معظم الجيران، الذين بدأوا يعانون الحساسية والربو.
ويشكو المصابون بأمراض الضغط، بتردّي حالتهم من جرّاء الغبار الذي "يطبق على الصدر، فيرتفع الضغط"، وتؤكد الحاجة فوزية عزام "كأنه لا يكفينا الحصار الذي نعيشه داخل حدود المخيم، حتى بتنا أسرى منازلنا، فلا نقوى على فتح النوافذ والأبواب خوفاً من أن "يجتاحها" الغبار".
والمحال التجارية، كما المنازل، ليست بمنأى عنه، وخصوصاً أن طبيعة المحال ترغم أصحابها على فتح أبوابها العريضة لعرض البضاعة، أما الشاحنات المعدّة لخدمة المجابل فقد ألحقت الضرر بالطريق المؤدي إلى الطرف الجنوبي للمخيم، بحيث أضحى حقلاً ترابياً يصعب مرور السيارات عليه، وتجري حالياً ورشة لإعادة تأهيله.
ويؤكد علي شهابي لـ "القدس للأنباء"، أن المشكلة ليست فقط في الغبار التي تهدد حياتنا بالأمراض، وإنما بضجيج الآليات، فـهي "حدث ولا حرج"، ناهيك عن أن سكان المخيم لا ينامون ليلاً أثناء تفريغ الترابة"، وتيرة الضجة لا تكاد تهدأ ليل نهار.
ويتساءل محمود سعيد، أحد جيران المجابل، إذا بات شعبنا مجرد حقل تجارب؟ كما لا يحمل الشركتين (معطي وجينيكو) المسؤولية، بقدر ما "يحملها للدولة التي منحتهما التراخيص، بعدما صنفت تلك المنطقة المحاذية للمخيم التي تشهد كثافة سكانية، منطقة صناعية مخصصة لعمل مجابل الإسمنت".
وقال "حسن م" من سكان حي حطين في مخيم عين الحلوة، إن وجود مجبلين للباطون، يؤثران على صحة سكان المخيم بشكل عام، وحي حطين والمنازل الملاصقه للمجابل بشكل خاص، مما يسبب أمراضاً صدرية وربواً وضيقاً في التنفس، بسبب الغبار الذي يحدثه كما يصل إلى ملابس الغسيل، ويتابع: لقد قمنا بعدة اعتصامات سلمية احتجاجية، وشمل ذلك إغلاقاً للطرق المؤدية للمجابل في خطوة تصعيدية رفضاً لوجود متل هذه المعامل وسط السكان.
ويقول أبو سعيد اليوسف عضو لجنة المتابعة الفلسطينية، إن "آثار المجابل الجديدة ستكون كارثية على أهل المخيم وجواره، أي بلدة درب السيم، إذ إنه حالياً، وبوجود إثنين فقط، يعاني معظم سكان جنوب المخيم من أمراض الربو والحساسية، فكيف سيكون الحال لدى مباشرة العمل بالمشروع الجديد والأضخم؟
ويحمل عضو "اللجان الشعبية الفلسطينية" في عين الحلوة فؤاد عثمان، اللجان جزءاً كبيراً من مسؤولية "الكارثة البيئية"، لعدم قيامها بخطوات جدية، مشيراً إلى أن الصمت بمثابة مشاركة في الحاق الضرر بأبناء المخيم دون وجه حق".
ويدعو منصور عزام، رئيس لجنة السلم الأهلي في مخيمات لبنان وصاحب مدينة ملاهي وصالة أفراح وملعبي كرة قدم ومراكز ترفيه في المنطقة المحاذية للمجابل في حطين، إلى وجوب إعادة دراسة الموضوع من الناحية العلمية، قبل الإقدام على هذه الخطوة الجديدة، وخاصة أن هذه المنطقة سكانية، ما قد يتسبب بأضرار جسيمة من الناحيتين الصحية والبيئية.
يأمل سكان منطقة جنوب المخيم، أن تلقى شكواهم آذاناً صاغية سريعاً، للتخلص من هذه الكارثة الصحية والبيئية، أو على الأقل أن تلزم وزارة الصناعة اللبنانية أصحاب المجابل بالتقيد بجميع التدابير الاحترازية الوقائية، لمنع الأضرار على السكان، كي لا يبقى أبناء المنطقة أمام خيارين أحلاهما مر إما التهجير من المخيم وهو صعب، أو يكاد يكون مستحيلا، بسبب عدم وجود بديل، أو تلقف الأضرار الجسيمة الناجمة عنه، مع كل ما تحمله من أمراض، والقبول بالأمر الواقع المخيف!
رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/62148