وكالة القدس للأنباء - خاص
تتكرر مشاهد المعاناة اليومية التي يعيشها أهالي غزة، أمام أنظار العالم، في أبشع حرب إبادة جماعية تستهدفهم بالجوع، في ظل فشل دولي، في توفير مساعدات إنسانية آمنة، جراء ممارسات قوات العدو الصهيوني الإجرامية.
"وكالة القدس للأنباء " رصدت المشهد عن قرب من خلال ما عبّر الأهالي عنه في كتاباتهم، عن الحرمان والألم.. الجوع والمرض، ونار الموت التي تطالهم في كل لحظة...
إن ما يجري - حسب وصف الأهالي - يشكل وصمة عار على جبين العالم أجمع، بكل مؤسساته ومنظماته وهيئاته الإنسانية والسياسية والحقوقية والإعلامية، نتيجة الفشل الذريع في وقف حرب الإبادة هذه، الذي يعتبر مشاركة فعلية بحرب الإبادة التي ينفذها العدو الصهيوني...
لقد تحولت حياة الأطفال إلى جحيم، بسبب الخوف والقلق والبحث عن لقمة تسد ألم الجوع. ولذلك تفاقمت معدلات سوء التغذية لديهم، وهذا ما أشارت اليه بعض التقارير الدولية، التي أكدت استشهاد ما يقارب 66 طفلاً حتى الآن بسبب الجوع الحاد، آخرهم الطفلة جوري المصري، البالغة من العمر 3 أشهر.
"شام".. روح تتلاشى أمام أعين العالم..
وفي هذا السياق، قال الصحفي، عمر طبش، "انظروا إلى شام.. هذه ليست صورة من مجاعة في القرن الماضي، وليست مشهدًا من أرشيف الحروب المنسية، إنها غزة عام 2025، وهذه الطفلة التي تُمد أطرافها الهزيلة على سرير المستشفى الأبيض، هي شام قديح، لم تُكمل عامها الثاني، لكن جسدها الصغير صار شاهدًا صامتًا على أكبر خذلان للإنسانية. بطنها منتفخ من سوء التغذية وتضخم الكبد، بينما عظام صدرها وضلوعها بارزة كأنها تصرخ من تحت الجلد: "أنقذوني"، شام لا تحتاج إلى شفقة، بل إلى قرار عاجل ينقذ حياتها، شام ليست صورة تنتشر، بل روح تتلاشى أمام أعين العالم، الوقت يمر وجسدها ينكمش، وصوتها يختنق، وهي لا تزال على قيد الصرخة".
أوقفوا موتنا!..
من جانبه، قال جهاد الحمص: "يعز علينا أن نكتب عن الجوع والعطش، يقهرنا أن تصبح أمنياتنا رشة سكر وفنجان قهوة، نموت خجلاً ونحن نطالب بكيلو طحين.. يُغلب رجالنا وهم يناشدون علبة حليب لأطفالهم، يُكسر فيهم شيء لا يُرمم، نحن الذين كنا أكرم الأكرمين، كنا نمنح بلا حساب، نُطعم، نُكرم، نواسي، ونزرع في القلوب عزة النفس، واليوم؟ نُسحق تحت صراخنا: أوقفوا موتنا!".
شوربة عدس بدل الحليب للأطفال!
ووصفت يافا أبو عكر، حال الغزيين، ولا سيما أطفالهم، قائلة: "براميل متفجّرة تُلقى على رؤوسنا شمالًا وجنوبًا، والسماء نار والأرض موت، والآن يطالبوننا بالنزوح من جديد! إلى أين؟
كل الطرق مقطوعة وكل مكان تحت النار من خيام النازحين لبيوت الناس الكل مستهدف، في غزة الطفل بموت جوع، وما في حليب أطفال، بيشرب شوربة عدس مكانه، العالم أعمى ساكت… ظالم!
حر الصيف يشوينا..
وأضافت أبو عكر، "الجوع فوق الجوع والفوضى بتاكل كل شيء، الشباب يقتلوا وهم متوجهين لمراكز المساعدات الوهمي، على علبة تونة أو كيلو طحين، العمولة على قوت الناس وصلت 48%! الناس تدفع دمها مشان كيس طحين! وأزمة جديدة تُضاف.. العطش.. فمياه الشرب غير موجودة… وحرّ الصيف بيشوينا!".
الأطفال يأكلون ورق الفلين!
وكتبت هالة جادالله، "كنت أتجول بين أزقة شوارع قطاع غزة، بالتحديد مفترق السرايا، وإلا بمجموعة أطفال بعمر الزهور، تقربت من أحدهم وجلست بجانبه وطرحت عليه سؤال (شو بتعملوا يا حلوين هنا)، أجاب أحدهم بنشحد أعطينا ساعدينا، جاوبته ممازحة (جاي أعمل زيكو بالضبط) قالي بدك تشحدي زينا، سلامة قيمتك، خسارة عليكي خدي المصاري اللي معي وما تعملي زينا، بكيت وضحكت على حال الأطفال، وشهامة الطفل، همست له وقلت: هذه البنت الشقراء الجميلة مش كمان خسارة عليها، رد عليا وقال: أبوها شهيد وإمها شهيدة، وهي الوحيدة بقت من عائلتها، صعقت وكأنها صاعقة نزلت على قلبي، حتى أيتام غزة، والله يارب كمان خسارة عليهم، تقدمت لطفل آخر وسألته شو انت كمان بتعمل بدي أعمل زيك، قالي بالحرف الواحد، جعانة؟ حكتلو اه والله قلي عندي طريقة تشبعي فيها، حكتلو شو قلي كلي زي ما باكل ورق الفلين! هنا مات الكلام".
وأضافت: "لكل طفل متسول له قصة تقتل الفؤاد، وتحطم القلب تحطيم، من لهم؟ من يسمعهم؟ ويسمع أنين ووجع بطونهم الصغيرة؟ لكل عربي، لكل مسلم، لستم منا ولسنا منكم، حسبي الله نعم الوكيل".
أنين الأطفال لا ينقطع..
بدوره، قال محمود "نحنُ في غزّة أجسادنا أُنهكت من الجُوع، المعدة خاوية، والمَفاصل لا يفارقها الألم، لمن يهتم لأحوالنا، نحن في غزة نموت كلّ لحظة، بسيف القنابل تارة، وسيف الجوع تارة أخرى، أقسمُ لكم أنني بالكاد استطعت الوقوف لأداء صلاة العصر من الدُّوار الناتج من شِدة الجوع"، مبيناً أنه "في شوارع مدينة غزّة أنين الأطفال لا ينقطع داخل الخِيام من شدة الجُوع .. يارب رحمتك".