/مقالات/ عرض الخبر

المجازر الإسرائيلية وضرورة توثيقها.. مجزرتا دير ياسين وجنين نموذجاً.. كتب: نبيل السهلي

2014/04/15 الساعة 06:38 ص

خططت الحركة الصهيونية وكذلك عصابات الأرغون والشتيرن لارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين لطردهم وإفراغ فلسطين من سكانها العرب الأصليين، ويشير الباحثون إلى ارتكاب تلك العصابات الصهيونية لمئات المجازر منذ الثلاثينات من القرن الماضي وصولاً إلى عام 1948، وكانت المجازر المرتكبة بحق الأبرياء والعزَّل من العرب الفلسطينيين مقدمة لطرد غالبيتهم، ليصبحوا في ما بعد لاجئين، لكن المؤرخين الصهيونيين الجدد لم يسجلوا سوى عشرات المجازر، وذلك بعد أن حققت الحركة الصهيونية الحلم الصهيوني في احتلال القسم الأكبر من أراضي فلسطين في العام المذكور وإنشاء الدولة الصهيونية عليها.
تعتبر مجزرة دير ياسين من أفظع المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين. حيث تقع القرية على أحد التلال التي تطل على وادٍ بالقرب من مدينة القدس، وكانت تعتبر من الأماكن الرئيسية لكونها تربط القدس بمدن الساحل يافا وعكا ولذلك جعلتها أكثر عرضة للاعتداء من قبل الصهاينة ولكونها أحد قلاع القدس، داهمت عصابات شتيرن والأرغون والهاغاناه الصهيونية قرية دير ياسين في يوم 9/4/1948، الساعة الثانية فجراً، وقال شهود عيان إن إرهابيي العصابات الصهيونية شرعوا بقتل كل من وقع في مرمى أسلحتهم. وبعد ذلك أخذ الإرهابيون بإلقاء القنابل داخل منازل القرية لتدميرها على من فيها، حيث كانت الأوامر الصادرة لهم تقضي بتدمير كل بيوت القرية العربية في الوقت ذاته سار خلف رجال المتفجرات إرهابيو الآرغون وشتيرن فقتلوا كل من بقي حياً من المواطنين العرب داخل القرية، حيث أطلقت عليهم النيران لإعدامهم أمام الجدران، واتضح بعد وصول طواقم الإنقاذ أن الإرهابيين الصهاينة قتلوا 360 فلسطينياً معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال ودمرت القرية ولم يبقَ منها سوى أطلال توحي بأنه كان يوجد هنا قرية تسمّى دير ياسين تترامى على أطراف الوادي.
وتبعد قرية دير ياسين حوالى 6 كلم غرب مدينة «القدس».. كان عدد سكانها عام 1945م، «610» أشخاص، ومساحتها «12» دونماً مربعاً، ومساحة أراضيها «2857» دونماً.. احتلها الغزاة الصهاينة في يوم المجزرة نفسه. والمجزرة كما أشرنا ارتكبت في صباح يوم الجمعة الموافق التاسع من نيسان عام 1948م، باغت الصهاينة من عصابتي الآرغون وشتيرن الإرهابيتين الصهيونيتين، سكان دير ياسين، وفتكوا بهم من دون تمييز بين الأطفال والشيوخ والنساء، ولم يجرؤ الإنكليز على إرسال قواتهم. وقعت هذه المجزرة بخطة مدبرة وبعلم «الوكالة اليهودية» وبعلم «الهاغاناه»، وكان هدف الصهاينة من وراء ذلك بعيداً، وقد نجحوا في تحقيقه إلى حد بعيد، فقد بثوا الرعب والفزع في القرى العربية جميعها، فهجر الناس.. وساعدت الصحافة العربية آنذاك عن غير قصد في تحقيق أهداف الصهاينة. وبالعودة إلى وصف المجزرة، وقد أميط اللثام أخيراً عنها في وسائل الإعلام الإسرائيلية، حيث أشارت إلى أن عدد أفراد القوة التي هاجمت قرية دير ياسين بلغ «3000» إرهابي ترافقهم المدرعات، وكان يتزعم عصابة «الآرغون» أو «الإتسل» «مناحيم بيغن»، ويتزعم عصابة «شتيرن» أو «ليحي» اسحاق شامير، وكان قائد الهجوم في هذه العصابة هو يهوشع زطلر. وكان قائد وحدة دفن الضحايا يدعى نيشرين شيفومن بين أساليب تنفيذ هذه المجزرة، صف الرجال إلى الحائط وإطلاق الرصاص عليهم، «وكان القتلة كلما احتلوا بيتاً فجروه.. إن عائلات كاملة تم إيقافها بجوار الحائط ثم أطلقت عليها النيران من البنادق.. بنات صغيرات تم اغتصابهن.. امرأة حامل تم ذبحها أولاً ثم بقروا بطنها بسكين جزار، وحاولت فتاة صغيرة أخذ الجنين فتم إطلاق النار عليها.. وبعض عناصر «الآرغون» قطعوا الجثث بسكاكينهم، وتم قطع أو جرح أيدي النساء وآذانهن لسرقة أساورهن أو خواتمهن أو أقراطهن، وقد قطعّت أوصال الأطفال، ودمر القتلة مدرسة أطفال القرية بالكامل وقتلوا معلمة المدرسة، وقيل إن قائد الهجوم على دير ياسين هو «لابيدوت، واستمّرت المجزرة (13) ساعة أي حتى ساعات الظهر من يوم السبت 10-4-1948، وقد تضاربت الروايات حول عدد ضحايا دير ياسين، فمنها ما ذكر أن عددهم يراوح ما بين 87 و256 شهيداً، ومنهم من جعل الرقم 300 ومنهم من قدره بأكثر من 100 شهيد. علماً أن الصليب الأحمر اكتشف يوم 10/4/1948م جثث 254 رجلاً وامرأة وطفلاً. وقد بلغ عدد النساء الحوامل اللواتي ذبِحن 25 امرأة، والأطفال دون العاشرة 52 طفلاً، وكان نصف الضحايا على الأقل، من النساء والأطفال. يقول الكولونيل احتياط مائير باعيل وكان في صفوف الآرغون يوم المجزرة، يصف ما رآه، فيقول «في صحيفة «يديعوت احرونوت» الصهيونية عدد 4/4/1972: «بعد توقف إطلاق النار، وكان الوقت ظهراً، بدأ المهاجمون عملية تطهير المنازل، وأخرجوا خمسة وعشرين رجلاً».
وهناك العديد من المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة، من أهمها مجزرة مخيم جنين في بداية شهر نيسان من عام 2002، حيث استشهد 60 فلسطينياً، منهم 25 مقاتلاً من فدائيي المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسهم الشهيد محمود الطوالبة من قادة حركة الجهاد الإسلامي، والشهيد أبو جندل من قادة حركة فتح.
وتبقى الإشارة إلى أنه حتى اللحظة، أي بعد نحو ستة وستين عاماً على نكبة الفلسطينيين الكبرى (1948-2014)، لم تتم عملية تأريخ حقيقية للمجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين، وبات من الضروري ان تتبنى مراكز البحث العربية ، فضلاً عن مؤسسات الجامعة العربية فكرة مشروع توثيقي كبير لتسجيل كافة المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين ولبنان وغيرها من الدول العربية، وملاحقة مرتكبي المجازر وإسرائيل بكونها راعية للإرهاب المنظم. وثمة قدرات بحثية وقانونية في الدول العربية من شانها تعزيز وإنجاح المشروع المذكور.

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/57634

اقرأ أيضا