القدس للأنباء - خاص
باتت معركة جنين البطولية أسطورة حقيقية، تترسخ وتتكرس في الوعي والذاكرة الوطنية النضالية الفلسطينية والعربية، على أنها من أهم وأبرز وأعظم الملاحم. فأصبحت منهجاً يدرس في المعاهد والجامعات العسكرية العالمية، يتعرفون من خلاله على وقائع قتالية مهمة.
تمر في هذه الأيام ذكرى الملحمة البطولية التي قادها ثلة من الشباب المؤمن، ضد أعتى جيش وآلة عسكرية في المنطقة، لتسجل أروع صفحات الصمود والشجاعة.
فمع بداية شهر نيسان 2002 شن العدو الصهيوني هجوماً شرساً وواسعا على مخيم جنين من كافة الجهات، وأطلقت قوات الاحتلال على مخيم جنين مصطلح "عش دبابير"، وحاولت اجتياحه قبل عملية "السور الواقي"، أكثر من مرة، وفي كل مرة كان جيش الاحتلال يجد أهل المخيم له في المرصاد يتصدون لجنوده بكل شراسة وثبات.
واجه العدو خلال اجتياحه الذي استمر لمدة أسبوعين بصورة متواصلة، عمليات نوعية واستشهادية، صرعت خلالها أكثر من 50 ضابطا و جنديا صهيونيا و جرحت أكثر من 140 آخرين.
الإعلامي أمين مصطفى
وقال الكاتب الإعلامي أمين مصطفى "لوكالة القدس للأنباء": مثّلت المواجهة في مخيم جنين، (ما بين 1 و15 نيسان/ إبريل 2002). صفحة جهادية خالدة في تاريخ وضمير الشعب الفلسطيني، حيث تصدى 200 مقاتل بأسلحة بسيطة (بنادق كلاشنكوف وأم 16) لغزو 5000 جندي صهيوني مُدجّجين بأحدث العتاد الحربي (400 دبابة و 25 جرافة، وغطاء جوي من قبل 50 طائرة حربية)، وأوقعوا في صفوفهم خسائر فادحة (58 قتيلاً وجرح 142 آخرين، وعطب 30 دبابة ومجنزرة).
كان الدرس ثقيلاً على الصهاينة، فالعدو كان يتوهم أنه قادر على استكمال مسيرة جرائمه دون أن يواجه بقوة رادعة، غير أنه فؤجئ بقادة كبار لا يخشون الموت، ولا يهابون كل آلات القتل والدمار الصهيونية، أمثال قائد "سرايا القدس" في مخيم جنين محمود طوالبة، الذي أعلن أن المعركة "كرّ وليس فرّاً"، وقاتل حتى الإستشهاد.
انتقم العدو كعادته من المدنيين (استشهد 47 وجرح 300 آخرين) ودمّر المخيم، إلاّ أنه سرعان ما استعاد المخيم قامته كطائر الفينيق.
جنين اسم انضم إلى كوكبة الأسماء الفلسطينية، التي قدمت الشهداء والتضحيات، كما قدمت نماذج فريدة للعمل المقاوم، سيبقى هذا الإسم محفوراً في وجداننا، كما ستبقى الجرائم التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق شعبنا، وصمة عارٍ في جبينه إلى الأبد، والتي وصفها خوسيه ساراماغوا بأنها "أمور لا تغتفر" مشبهاً إياها بجرائم النازي (أوشيفينش).
والآن وبعد 12 عاماً على هذا التاريخ. يعاهد أبناء جنين وكل فلسطين، وفي ظل ذكرى يوم الأرض، والإنتفاضه الثانية، أن مسيرة الجهاد ستتواصل حتى إقتلاع جذور العدو، ولن يسمحوا للعدو باقتناص المكاسب في المفاوضات والتسويات المهينة، بعد أن فشل في تحقيق ذلك في الميدان.
الاعلامي بسام رجا
ويقول الإعلامي د.بسام رجا، لـ وكالة القدس للأنباء، على مسافة ليست بالبعيدة عن مخيم جنين كانت قرية "نورس" عصية على أن تفقد سحر حضورها في ذاكرة الشهيد "الجنرال" محمود طوالبه الذي أثث قلبه ببياراتها.. وظل أميناً لحكاية والد لم يتعب من سرد فصول المجزرة والهجرة والحرمان، في أيام فتى ستعرفه كل فلسطين، وستسجل اسمه عالياً على سفوح الجبال شاهقة بأيام مواجهة أعادت لمخيمها معنى الانتماء.
مخيم جنين... ذاك المخيم المغيب في السياسات التي تفتش عن طاولات التفاوض، والصفقات الكبرى ليس له أي أثر في الحسابات والأجندات الدولية.. فهو يعني فقط من تشبث بذاكرة العودة والمقاومة.
لم يكن بداية في أولويات المؤسسة العسكرية الصهيونية ولم يؤرقهم كثيراً "هكذا اعتقدوا"، لأنهم لم يعرفوا عنه الكثير. مخيم الاستشهاديين الذي انطلق منه توازن الرعب ضارباً في عمق أحزمتهم الأمنية، جاءت لحظة "الحسم" ليتخذ القرار على طاولة القادة السياسيين والعسكريين باجتياحه في العام 2002، بعد أن تقاطعت قاعدة البيانات، أن هذا المخيم يجب إزالته ومن فيه فهو قنبلة موقوته تهدد أمن الكيان.
على مرأى من العالم والأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية المكبلة بأوسلو كان اجتياحه..، ومرة أخرى يخطيء الاحتلال في حساباته، وتقلب الطاولة على رؤوس جنرالاته، في مواجهات استمرت لثلاثة أسابيع خسر فيها الاحتلال العشرات من النخبة..، بصلابة وايمان استشهاديين على رأسهم الشهيد محمود طوالبه قائد سرايا القدس في مخيم جنين.
معركة مخيم جنين والتي وصفت بأنها " ستالين غراد" أعادت إلى ذاكرة العمل الجهادي الفلسطيني وهج المقاومة في محطات مختلفة، وهشمت حسابات من راهن أن اتفاق "أوسلو" قد أدخلها في دائرة الصمت والاستسلام لواقع تختل فيه الموازين..، حيث التنسيق الأمني وإفراغ الضفة من المجاهدين وملاحقتهم، لكن كل ذلك كان عاملاً محرضاً للتمسك أكثر بالثوابت والعقيدة، أن فلسطين هي أرض الرسالات ومسرى رسول الله (ص)، لترفع سواعد القابضين على وصايا الشهداء أعمدة الانتصار وتشعل ليل المحتل، مسجلًة في عصر أمتنا "أسطورة "مواجهة قالت: إن الإرادة قادرة على أن تثبت عقم كل نظريات قوة المحتل وتفوقه، وبوصف قادة الاحتلال أنفسهم أنها أكبر مما تصورنا، وأكثر تعقيداً من حساباتنا، فقد جعلت أرض المعركة اختباراً لنظريات عسكرية لم نعهدها سابقاُ.
ليست معركة مخيم جنين ذكرى تمر، بل هي تأصيل وقراءة لمعطيات، أكدت أن المقاومة قادرة على بناء منظومتها الجهادية بإمكاناتها وتطوير أدواتها، وهذا شهدناه بالخطة العسكرية التي أشرف الشهيد القائد محمود طوالبه على أجزاء كبيرة منها، وتقول أيضاً لكل المراهنين على إفراغ مخيماتنا ومدننا من عوامل قوتها في استهداف المجاهدين أنها لن تغير في معادلة إدامة الاشتباك، ولن تسقط من أيدي المجاهدين بنادقهم..، فقد خبروا الاحتلال ومجازره.
اشيخ عبد الغني
وقال فضيلة الشيخ محمد عبد الغني إن معركة جنين شاهد من شواهد الفخر والعزة والاباء والسؤدد على الهزيمة التي مني بها العدو الصهيوني على أيدي الثلة المؤمنة القليلة المباركة من المجاهدين الدين صدقوا ما عاهدوا الله عليه في المقال وبالفعال، وإنها لخير دليل على هشاشة (الجيش الذي لا يقهر) وضعفه وجبنه. إنها معركة كسرت الذراع الطويلة وأذلت كبرياء هذا الجيش وهي تشكل عنوان المرحلة المقبلة من المواجهة مع هذا العدو الذي بات مقتنعًا أن المعارك القادمة مع هذا الشعب وهذه الأمة لن تكون إلا على هذه الشاكلة من البسالة والتضحية والصبر والتحدي والصمود.. لقد تجلت آيات الفداء بأبناء المخيم فإذا بالمخيم كله، حجارته.. مجاهديه.. منازله وساكنيه من الشيوخ والنساء والأطفال يتحولون إلى جنود مرابطين مقاومين يأتمرون بتوجيهات محمود طوالبة ليسطر أروع المعارك، ويكتب أجمل صفحات تاريخ هذا الشعب، ملحمة البطولة والانتصار، التي دفعت قادة جيش العدو ومحلليه السياسيين للاعتراف بأن ملحمة جنين كانت ملحمة حركة الجهاد الإسلامي، ملحمة محمود طوالبة.
إن معركة جنين رسمت لوحة شرف وبطولة في تاريخ جهاد الشعب الفلسطيني الناصع بالبطولاتِ ضد المغتصب الصهيوني لقد استطاعت ثلة قليلة من المجاهدين الأطهار الصمود في وجه أعتى قوة عسكرية في المنطقة لمدة تسعة أيام وتكبيدها خسائر فادحة، رغم قلة الإمكانات والحصار وتخلي السلطة الوطنية عنهم"، أن معركة جنين شكلت انتصار الإرادة الفلسطينية الفولاذية على الجيش الذي "أشيع عنه أنه لا يكسر".أن معركة جنين شكلت عنواناً بارزاً في تاريخ الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني عصي على النسيان و أن سرايا القدس تقدمت مشهد المقاومة مع فصائل المقاومة وقدمت مجاهديها في هذه المعركة الضروس مع المحتل الذي لم يفرق بين الدم الفلسطيني.
إن واجب المسلمين هو العمل على إنقاذ المسجد الأقصى و تطهيره من دنس اليهود ، و مواجهة كل المخاطر التي يتعرّض لها ، و إفشال و إحباط كل المحاولات لهدمه وتهويده و إقامة الهيكل اليهودي مكانه و ذلك من خلال : كلمة التوحيد والإيمان الصادق أولا. وتوحيد الكلمة ووحدة الأمة ثانيا .وإعداد العدة لمواجهة العدو مادياً و سياسياً و عسكرياً وثالثا .والجهاد في سبيل الله لردّ كيد اليهود و أتباعهم في نحورهم رابعا .والدعاء لله بالنصر خامسا .
الشيخ الشهيد محمود طوالبة قاهر الجيش الذي لا يقهرصقر فلسطين الذي لطالما حلق في سماء الوطن بالاستشهاديين , وهو الذي شكل شجرة عظيمة أغصانها المجد والعز والبطولة فكان بطل للمقاومة بكل أشكالها وأطيافها , خطط وأعد الكثير من العمليات الاستشهادية التي ضربت العمق الصهيوني , حتى أصبح كابوسا يقض مضاجع المجرمين الصهاينة وأجهزتهم الأمنية ومؤسساتهم الحكومية التي لطالما حاولت النيل منه . فعلمهم كيف يتحول الصمت والصبر إلى براكين تجرف الغزاة والمحتلين عندما كان صوت رصاصه وعبواته وتفجيراته تدوي في أنحاء المخيم وتصرخ بصوت الأجيال القادمة الموعودة بالنصر والفجر القادم من عيونه ومن فوهة بندقيته.
آراء من الرشيدية
مخيم جنين الذي أعاد الرعب للمؤسسة العسكرية قبل أسابيع هو ذاته مخيم محمود طوالبه الذي دُمر، لكنه لم يتراجع عن كلمة سر اسمها فلسطين كل فلسطين.
ويقول ابو محمود غنام من مخيم الرشيدية لـ"وكالة القدس للأنباء": نعم إن هذه المعركة التي خاضها المجاهد محمود طوالبة ورفاقه في مخيم جنين أسست لمرحلة جديدة من تاريخ الصراع مع هذا العدو. الذي طالما كان يتغنى في انتصاراته علينا، وفرض معادلة جديدة على هذا العدو. في الماضي كنا نضرب ونقتل ونموت ونبقى ساكتين، أما بطولة وشجاعة الشهيد طوالبة غيرت هذه المعادلة وأصبحت العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص، وحقيقة ما حققه الشهيد طوالبة لم تحققه الدول العربية في كل حروبها ضد الصهاينة.
ويرى أبو رياض عبد اللطيف ديف، إن معركة جنين كانت بداية مرحلة جديدة في صراعنا ومحاربتنا لهذا العدو "الإسرائيلي" الغاصب، الذي يحتل الأرض ويقتل البشر والشجر ولا يعترف بأي شيء سواه. ويشدد ابو رياض على مواجهة العدو ويقول: "علينا أن نكون أقوياء في مواقفنا وكلمتنا واتحادنا، ونزع كل أشكال البغض لبعضنا من صدورنا ونفوسنا وأن نواجه القوة بالقوة وعلينا أن نكون على قلب رجل واحد ومتحدين في وجه كل هذه التحديات وعلى رأسها العدو الصهيوني.
ويقول أبو هيثم عباس لـ "وكالة لقدس للأنباء": إن التاريخ يشهد للمجاهد الشيخ محمود طوالبة بصموده ونضاله وتحديه للغطرسة الصهيونية، ونعتبره من أشجع رجال الأمة العربية، حيث أن المعركة التي خاضها الشهيد طوالبة يشهد لها العالم بأسره وينحني لها الجبين احتراماً وتقديراً بجهاده المشرف الذي شرف هذه الأمة، كما نحمل النظام العربي المسؤولية الكاملة بالتواطىء المخزي تجاه قضيتنا الفلسطينية وهم يتحملون ما يصيب الشعب الفلسطيني من ويلات ومؤامرات.
آراء من نهر البارد
ويشير بشار النصار من مخيم نهر البارد، إلى أن معركة جنين "شكلت نقطة تحول رادعة للعدو"، ونستذكر قائد المعركة الرمز والقيادي محمود طوالبة، الذي عجز العدو أمامه وأمام المجاهدين خاصة في خطة الشوادر التى اربكت الطائرات وآليات العدو. ويتابع أن العدو لم يفهم غير لغة المقاومة وبدونها لا يتحرر أي شبر من فلسطين".
ويعتبر علاء حمودي معركة جنين الأسطورة شكلت عنواناً بارزاً في تاريخ الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني، حيث أسست لحزمة الإنتصارات التي نشهدها اليوم وسنشهدها في المستقبل القريب، كما أنها تأكيد صريح على خيار أبناء شعبنا وفصائله المجاهدة. ويتابع: إن الشهيد المجاهد طوالبة نموذج يحتذى به في البطولة والبسالة، وسهم خارق في مقلة من يحاول طمس المقاومة أو الإلتفاف عليها.
آراء من عين الحلوة
وفي مخيم عين الحلوة يقول الطالب طه شريدي من رابطة بيت المقدس لطلبة فلسطين: إن معركة جنين بكل مراحلها أسست لمرحلة مهمة للصراع مع العدو الصهيوني الغاصب، الذي يحتل أرضنا في فلسطين، ويحاول تدنيس مقدساتنا يومياً، وأن الصمود الذي حصل من ثلة مؤمنة في مخيم جنين أذاقته مرارة لن ينساها بسبب إرادة المجاهدين التي انطلقت من عقيدتهم الصلبة التي أثمرت جهاداً ونصرا.
ويقول أمين سر فوج حمزة بن عبد المطلب وقائد فرقة اﻷشبال عبد الوهاب عبدو: معركة جنين كانت عنواناً للتضحية ورمزاً للوفاء وعبرة للأعداء. والشهيد طوالبة هو نمودج مهم من القادة الذين يقدمون أرواحهم فداء لدينهم ولرفع الظلم عن أبناء شعبهم وهو قدوة صالحة ﻷجيالنا، من أجل التمسك بالعقيدة اﻹسلامية وننطلق من خلالها لمجاهدة أعدائنا الصهاينة.
التمسك بالمقاومة
حاول العدو الصهيوني أن يجعل من جنين نموذجاً للعقاب الجماعي لكسر إرادة الشعب الفلسطيني المجاهد، واعتقد بإحداثه هذا المستوى من القتل والتدمير أن يرهب شعبنا الفلسطيني الأبي في كل مكان وليكسر إرادة الصمود عنده، لكن أهالي جنين العظماء لم يسمحوا له أن يحقق أحلامه وكسروها على أبواب مخيمهم وأكدوا أنهم في صف واحد وأن الجهاد الإسلامي، حماس وفتح وباقي الفصائل المقاومة توحدت في ما بينها وقسمت المحاور والمجموعات ووضعت آلية للتعاون في ما بينها وتبادل المعلومات. كما أن تمسك أهالي جنين بالمقاومة والعودة إلى المخيم مباشرة بعد الإجتياح، ورفعهم لرايات المقاومة فوق الأنقاض، لم تعط لجيش الإحتلال الفرصة لتحقيق أهدافه؛ فبعد إنسحابه بأيام نفذت أربع عمليات إستشهادية في المناطق التي يحتلها العدو الصهيوني لا سيما في القدس وحيفا.
سطر هذا المخيم الصغير بمساحته، الكبير برجاله البواسل، أعظم البطولات على مدى أيام وأثبث برجاله و نسائه أنه "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين" وأن الإيمان والتصميم والإرادة هي التي تصنع المعجزات .
رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/56747