/مقالات/ عرض الخبر

"إسرائيل" وسفينة الصواريخ: بيبي يصرخ.. العالم يسكت!:كتب.. حلمي موسى

2014/03/12 الساعة 04:38 ص

بدت إسرائيل خائبة، أمس، من ردود الفعل الدولية على استعراضها الكبير للأسلحة التي قالت أنها ضبطتها في عرض البحر الأحمر على متن سفينة "كلوس سي" الأسبوع الماضي، وذلك برغم كل ما حشدته من ذخائر إعلامية. وقادت الخيبة هذه عددا من كبار ضباط الجيش للشكوى من أنهم يشعرون بأن المبالغة في محاولة استغلال السفينة، قادت إلى نتائج معاكسة.
وإلى جانب ذلك، فقد وصفت إيران، أمس، عرض إسرائيل للسفينة بالـ"مهزلة". وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية افخم للصحافيين أنّ "هذه المزاعم مهزلة". وأضافت أنها "تتزامن مع اجتماع لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية (ايباك) في الولايات المتحدة (الأسبوع الماضي)، وفي الوقت الذي يتحسن وضع إيران في المنطقة وتفاعلها مع الدول المختلفة". وقالت إنّ "هؤلاء يخشون المسار المتنامي للعلاقات بين إيران والدول الأخري ولذلك يلجأون الي الأساليب البالية التي باتت مكشوفة للجميع".
عموما، وبرغم أن صحيفة "يديعوت احرونوت" تعرضت لحملة انتقادات من جانب "إسرائيل اليوم"، المقربة من الحكومة الإسرائيلية، جراء ما اعتبر برودا في التعاطي مع قضية السفينة فإنها اختارت عنوانا رئيسيا مثل "بيبي يصرخ. العالم يسكت"، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. من جانبها، عبرت "إسرائيل اليوم" ضمنا عن خيبتها في عنوان رئيسي: "أهناك حاجة لمزيد من البراهين؟". ومعروف أن "هآرتس" لا تنضم بسرعة إلى مهرجانات سياسية كهذه تعرف أنها ترمي أيضا لتحقيق أغراض داخلية.
وقد عمد موقع "يديعوت" الالكتروني في تقرير موسع إلى رصد مستوى تعاطي وسائل الإعلام الدولية من ناحية، ومواقف الدول من ناحية أخرى تجاه الاستعراض الإسرائيلي للسفينة، في ميناء ايلات أمس الأول، ووجد ما يشبه التجاهل. وقال التقرير إنّ صحيفة هامة في العالم مثل "نيويورك تايمز" الأميركية لم تشر في صفحاتها إلى الاستعراض وإلى المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واكتفت بما نشرته في صفحة الشرق الأوسط على موقعها على الانترنت. بل أن الصحيفة أولت اهتماما أكبر في هذه الصفحة لقتل الإسرائيليين للقاضي الأردني رائد زعيتر على معبر الكرامة، أمس الأول. ولم تكن "نيويورك تايمز" وحيدة بل هكذا فعلت مثلا "واشنطن بوست" أيضا. كما أن هذا الأمر هو السائد في الصحافة البريطانية خصوصا في "الغارديان" و"اندبندنت" التي لم تشر البتة لعرض الأسلحة. وكذا الحال، في الصحافة الألمانية، في حين اكتفت بعض الصحف الفرنسية بنشر نبأ صغير في صفحاتها الداخلية عن الموضوع.
وبرزت الخيبة الإسرائيلية جلية ليس فقط إزاء تعاطي وسائل الإعلام العالمية مع الاستعراض وإنما ظهور ذلك من خلال امتناع كبار الصحافيين الأجانب المقيمين في إسرائيل عن الوصول لإيلات للمشاركة في التغطية. فقط أرسلت هذه الوسائل مصورين خشية أن تفوتها مشاهد متميزة. ويفسر ذلك على أنه تعبير عن انخفاض عام للاهتمام الذي يظهره العالم بالشرق الأوسط وتقلص عام في صناعة الإعلام العالمي. وفي المقابل لاحظ موقع "يديعوت" أنه خلافا لذلك فإن وسائل الإعلام العربية خصوصا "الجزيرة" و"العربية" أولت الأمر اهتماما خاصا وواسعا.
واعتبر المعلق السياسي في "يديعوت" شمعون شيفر أن ما جرى في إيلات هو "مسرحية بيبي" ومجرد "احتفال للفقراء". ولاحظ أن نتنياهو وطوال أربع سنوات يعد الرأي العام لمهاجمة إيران وأن أموالا طائلة أنفقت استعدادا لهجوم لم يخرج إلى حيز التنفيذ. وفضلا عن ذلك انحرف العالم 180 درجة الى اتجاه معاكس تماما للاتجاه الذي حاول نتنياهو ان يوجه نحوه أصحاب القرار في العواصم المختلفة. فالأسرة الدولية هي الآن في ذروة مسيرة مفاوضات مع إيران لتحسين العلاقات ولإعادة ضم طهران إلى "أسرة الشعوب"، في طريق سيتضمن لجم ورقابة الجهود للتزود بسلاح نووي. وخلص إلى أن "نتنياهو، إذا ما كان مسموحا التخمين، بحث عن صورة انتصاره في ضوء الفشل المدوي الذي سيسجل على اسمه في الصراع من أجل تجنيد العالم ضد النووي الإيراني، ووفر الجيش الإسرائيلي له الصورة العلنية التي يريد جدا ان يكون موقعا عليها".
وقد حاول كبير المعلقين في "يديعوت أحرنوت" ناحوم بارنيع إجراء مقارنة بين ما جرى عند عرض سفينة "كارين إي" في العام 2002 حينما كان "العدو" هو الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وعرض سفينة "كلوس سي" حيث "العدو" إيران. وشدد على أنه خلافا لما جرى حينذاك يرفض العالم التأثر بجهود نتنياهو الحالية برغم قدراته الخطابية. ويعتبر أن جانبا من المسؤولية في الفشل يقع أيضا على نتنياهو حيث "فعلت فعلها سنوات غمز والتواء وحديث من جانبي الفم في الشأن الفلسطيني. فأصبح من السهل على رؤساء دول في الغرب أن يتجاهلوا صراخه برغم أنه يتحدث بلغة انكليزية فصيحة". وفسر ذلك بأن الغرب يفهم أن نتنياهو يقصد في استعراضه إيران بوصفها "الشيطان الأكبر" لكنه يقصد أوروبا أيضا بوصفها "الشيطان الأصغر".
ونتيجة الشعور العارم بالخيبة سرب قادة الجيش "تحفظات" إزاء استعراض الدعاية الذي نال السخرية من بعض المدونين الذين ذهب أحدهم إلى حد تسمية الجيش بـ"جيش الدعاية الإسرائيلي". وقد كتب المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل أن رئيس الأركان الجنرال بني غانتس أدرك مسبقا أن الاحتفال الإعلامي بضبط السفينة استنفد أغراضه فسافر في نهاية الأسبوع إلى العاصمة الأميركية واشنطن تاركا لنائبه غادي آيزنكوت الحلول مكانه. وأشار إلى أن ذلك يوحي بالموقف حيث تكاثرت الأصوات في هيئة الأركان التي تعتقد بأن الجيش بالغ في التعامل مع قضية السفينة والأسلحة عليها. فالعملية في نظرهم كانت "نجاحا استخباراتيا وعملياتيا حسنا"، لكن الترويج لها بين الجمهور ووسائل الإعلام "تجاوز التناسب المطلوب"، خصوصا بعدما انتقلت الأمور نهائيا من الجيش الإسرائيلي إلى ديوان نتنياهو.
وبرغم أن تبريرات الفشل كانت لدى البعض سياسية إلا أن آخرين اعتبروا أن إسرائيل لم تفهم أن أنظار العالم كانت موجهة أساسا نحو الأزمة في أوكرانيا ونحو لغز الطائرة الماليزية.


المصدر: السفير

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/55486

اقرأ أيضا