أكدت مواقع استخبارية أمريكية أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أصدر، خلال الأيام الماضية، أمرا بإعادة تقييم الخطة الأمنية التي رسمها الجنرال جون ألين لمنطقة الأغوار ضمن مشروع السلام الأمريكي الجديد بعد انتقادات عنيفة من الجانبين الأردني والإسرائيلي.
وكشفت مصادر قريبة من وزارة الخارجية الأمريكية أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني كان قد قدم احتجاجا قويا لجون كيري حول بنود الأمن المقترحة ضمن إطار الاتفاق المزمع إعلانه قريبا لأنها لم تعالج القضايا المؤثرة على المستقبل السياسي للمملكة الأردنية وعدم اهتمامها بالنصوص السابقة للمعاهدة الأردنية الإسرائيلية الموقعة عام 1994.
وقد استجاب كيري لهذه التحفظات التي جاءت مع انتقادات مغايرة من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وطلب من الجنرال جون الين، قائد قوات الناتو السابق في أفغانستان، إعادة تقييم الخطة بمساعدة فريق من 50 خبيرا في الأمن والاستخبارات يعملون من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتتمحور خطة الأمن في الأغوار حول استبدال وحدات إسرائيلية حدودية بنظام تكنولوجي حديث بما في ذلك استخدام كثيف لطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية وغيرها من وسائل تأمين الحدود، ورغم سرية الخطة الأمريكية إلا أن الخطوط العريضة المتسربة ستسمح بوجود عدد محدود من أفراد الجيش الإسرائيلي يصل إلى 1500 وسيمكثون لمدة تصل إلى 15 سنة بدعم من أجهزة المراقبة الأمريكية في حين ستحصل قوات الأمن الفلسطينية على التدريب والوقت الكافي لتبرهن على قدرتها على حراسة الحدود كما تتضمن الخطة وجودا "غير مرئي" للإسرائيليين على المعابر الحدودية مع الأردن والتي ستقوم بحراستها قوات فلسطينية.
وقد اعترضت إسرائيل بشدة على سحب قواتها من الأغوار أو إخلاء المستوطنات بزعم أنها لا يمكن حماية نفسها دون وجود قوات إسرائيلية على الأرض حتى مع وجود الأدوات الأكثر تقنية في العالم وأنها لن تكون قادرة على صد أي غارات إرهابية محتملة في الضفة الغربية أو إسرائيل.
وقالت المصادر أن الانتقادات الإسرائيلية لم تكن على طاولة النقاش أثناء اجتماع بناميين نتنياهو مع كيري في دافوس ومن غير الواضح أنه نوقشت خلال لقاء وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل مع وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون في مؤتمر ميونخ ولكنها ستكون موضع دراسة للقائمين على الخطة الأمنية.
التحفظات الأردنية تتمحور حسب ما أوردته التقارير الاستخبارية على أن نظام المراقبة الإلكتروني سيكشف الأجواء الأردنية بالكامل لأجهزة المراقبة الأمريكية وينطبق على ذلك قوات حلف شمال الأطلسي التي اقترح انتشارها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
كما أكدت الرسائل الأردنية للإدارة الأمريكية ضرورة عدم تجاهل كيري لمعاهدة السلام الأردنية ـ الإسرائيلية الموقعة في عام 1994 بين الملك الراحل الحسين بن طلال ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق اسحق رابين الذي اعترف بوضع خاص للأردن في القدس وخاصة الحرم القدسي الشريف.
كما أشارت إلى وثيقة التفاهم التي وقعها الرئيس الفلسطيني محمود عباس العام الماضي والتي تضمنت إقرارا بوضع خاص للأردن في المقدسات الإسلامية بالقدس وقامت على أثرها عمان بتغطية نفقات المرتبات وإدارات الأوقاف الإسلامية وصيانة المسجد الأقصى منذ ذلك الحين.
الجانب الفلسطيني بدوره انتقد خطة كيري وقال أن مشروع الين يحاول تلبية المطالب الأمنية الإسرائيلية فقط، وأعلن المفاوضون الفلسطينيون مرارا عدم قبولهم بأي وجود عسكري دائم لإسرائيل في الأغوار ولن يسمحوا ببقاء أي جندي أو مستوطن ولكنهم كانوا أكثر مرونة للسماح بانسحاب إسرائيلي زمني يصل إلى 5 سنوات
وتتضمن التعديلات المطلوبة للخطة الأخذ بعين الاعتبار الأفكار الإضافية لأطراف النزاع لمرحلة "الفترة الانتقالية" وعلى حد وصف هذه التقارير فإن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يريد من الخطة أن تكون شبيهة بعمل فني خلاق.
من جهة أخرى ذكرت هذه المصادر بأن وزير الخارجية الأمريكي حاول الاقتراب من وزير الخارجية المصري إسماعيل فهمي لمعرفة فيما إذا كان النظام المصري الحالي يود التدخل لإزالة العقبات المتراكمة في جهود السلام الأمريكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا أن الإجابة كانت سلبية.