تأبي الضفة الغربية، إلا أن توقف ولو بالقوة، عجلة المفاوضات الدائرة بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال "الإسرائيلي"، ومحاولة إشعال فتيل الانتفاضة الفلسطينية الثالثة وسط تزاحم الدعوات لاندلاعها في وجه الاحتلال "الإسرائيلي".
عمليات قنص وخطف لجنود الاحتلال ومحاولات لتنفيذ عملية فدائية باستخدام جرافة تخترق موقعاً عسكرياً إسرائيلياً، جرت منذ إعلان استئناف المفاوضات بين السلطة والاحتلال كترجمة واقعية لحالة الرفض الشعبي لهذه المفاوضات في الوقت الذي تزداد فيه الهجمة "الإسرائيلية" ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه ووجوده.
تفسير واضح
ويرى المحلل السياسي عبد الكريم المصري، أن هذه العمليات الفدائية تعد تفسيراً واضحاً لحالة الاحتقان الدائرة في الضفة الغربية والرفض الكبير لمسير السلطة الفلسطينية نحو التفاوض مع الاحتلال التي لن تسفر إلا على ضياع المزيد من الأراضي الفلسطينية والحقوق والثوابت.
وقال المصري: "الضفة على فوهة بركان، وهذه العمليات هي صوت الشعب لإشعال انتفاضة في وجه الاحتلال، وتشكل دعوة للفصائل الفلسطينية للالتفاف حول هذه المطالبات الشعبية للثورة على الاحتلال وإنهاء وجوده على كامل الأراضي الفلسطينية".
وبيّن أن هذه العمليات تشير بما لا يدع مجالاً للشك، عدم رغبة الفلسطينيين بالتسوية الجارية بين السلطة والاحتلال التي تسير على حساب قضيتنا الفلسطينية وثوابتنا الوطنية، وتعد دليل على أن المقاومة لا تزال قادرة على انتاج نفسها رغم الحملة الأمنية التي تشنها السلطة الفلسطينية عليها.
ودعا المصري إلى تفعيل المقاومة بكافة أشكالها وأنواعها في الضفة الغربية، وتحقيق المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة لمواجهة جرائم الاحتلال "الإسرائيلي" المرتكبة بحق البشر والشجر والحجر، وتطوير إمكانياتها وقدراتها لأنها السبيل الوحيد لاستعادة الحقوق المسلوبة.
وأشار إلى معاناة المواطنين في المدينة منذ سنوات من حيث الاستيلاء بالقوة على المنازل ومواصلة المستوطنين الاعتداءات الهمجية برش ماء النار وإلقاء النفايات وإطلاق النار والتهجم وضرب الأطفال والنساء وحرمان طلبة مدرسة قرطبة وسط الخليل من الدخول والخروج إليها بحرية؛ كلها أمور تجعل الغضب يعلو كثيرا.
وشدد المحلل السياسي على ضرورة إطلاق سراح المقاومة في الضفة الغربية في ظل استمرار الجرائم المرتكبة بشكل يومي من قِبل سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وأرضة وأسراه ومقدساته.
تعاظم الانتهاكات
من ناحيته، يرى المحلل السياسي عبد الستار قاسم، أن اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة قد دخل استحقاقه منذ سنوات عدة مضت، بسبب تعاظم الانتهاكات "الإسرائيلية" ضد القدس والثوابت الوطنية، وإمعان السلطة في التفاوض مع الاحتلال دون نتيجة.
وقال قاسم :"إرهاصات الانتفاضة الفلسطينية الثالثة تحيط بنا من كل جانب منذ سنوات طويلة، ومنها تزايد الاعتداءات "الإسرائيلية" على الفلسطينيين ومقدساتهم، وتعاظم الاستيطان، وتنفيذ عمليات عسكرية نوعية من داخل المدن تعبر عن حالة الكبت والطلب للعودة إلى مقارعة الاحتلال عسكرياً، بالإضافة إلى حالة التيه الذي تسيطر على السلطة الفلسطينية".
وبيّن قاسم أن غرق السلطة بالتفاوض مع الاحتلال دون تحصيل أي حقوق زاد الرغبة لدى الناس من قيام انتفاضة ثالثة، مضيفاً: "المواطنين سئموا من 20 سنة من التفاوض دون حل أو نهاية لهذا الصراع، وهم يؤمنون أن الحل الأمثل لنيل الحقوق هو المقاومة، لذلك يجب على السلطة أن تطلق يد المقاومة".
ولكن قاسم يرى ثمة عقبات أخرى تحول دون قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة، أبرزها الانقسام الفلسطيني الذي قصم ظهر القضية الفلسطينية، وجعل الفلسطينيين والفصائل غارقين في همومهم اليومية وتوفير لقمة عيشهم.
وقال: "اعتقد أنه لا انتفاضة ثالثة إلا بإنهاء الانقسام الداخلي، لأن هذه الانتفاضة ستكون بحاجة لجميع فئات الشعب الفلسطيني من مختلف مكوناته وفصائله، فلا يمكن أن تقوم مجموعة بالانتفاض هنا ومجموعة جالسة لا تحرك ساكناً، لذلك يجب أن تكون هناك وحدة وطنية".
وجدد تأكيده على أن المقاومة هي السبيل الأمثل التي من شأنها أن تردع الاحتلال، معتبراً أن الرهان الأكيد هو التفاف الشعب الفلسطيني حول قيادته المقاومة.
المصدر:الاستقلال