خاص/ القدس للأنباء
ها هو شهر رمضان قد أصفرّت شمسه، وقوِّصت خيامه، وغابت نجومه، وآدنت بإطلالة عيد الفطر، وفرحةً تعم جميع المسلمين بإتمام شهر الطاعات وقدوم أيام العيد، فرحة لا تكتمل إلا باستذكار فلسطين وشهدائها العظام، فبهم تحرس المبادئ وتنتصر العقائد وتحيى القيم وتنتفض النفوس، فدماؤهم الزكية ترسم طريق العزة وتنثر الورود في الطرقات وفي الدروب، فللشهيد خصال ووصال، ودرجات رفيعات المنال، لا يرقاها إلا الأبطال، ومن تربى في مدارس الشهادة المحمدية وعلى موائد الجهاد القرآنية..
في هذه المناسبة العطرة جال "مراسل القدس للأنباء" في مخيم عين الحلوة على عوائل شهداء حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الذين استشهدوا في لبنان ليستذكروا أبناءهم البواسل، الذين تقدموا الركب يقاتلون العدو في مواقع المواجهة على تخوم فلسطين في جنوب لبنان. حقاً هم الأكرم منا، لأنهم جادوا بأغلى ما عندهم ﻷجل فلسطين. إنهم شهداء حركة الجهاد الإسلامي، ولا يتسع المقام لذكرهم جميعا. نذكر من قافلة الشهادة والمجد إثنين من أبطالها العظام: الشهيد محمد سليمان، والشهيد يحيي خميس.
عشق الشهادة فنالها
وفي ظلال تلك الجولة، زار مراسلنا عائلتي سليمان وخميس. فالوالد توفي قبل شهادة ابنه والوالدة توفيت بعد شهادته بـ 9 سنوات ـ كما قال لنا شقيقه أديب 53 عاماً ـ، الذي أكد لنا "أن جميع أفراد اﻷسره يفتقدون يحيى لأنه غرس بين أبنائنا حب فلسطين وكانت القدس قلبه النابض". وأضاف أديب "كل مساء عندما كان يعود للمنزل كانت والدتي بإنتظاره لكي تطمئن عليه ﻷنه اﻷصغر سنا بين أشقائه". موضحاً أن الشهيد يحيى حمل السلاح منذ الصغر، وانطلق إلى صفوف حركة الجهاد الإسلامي وﻻ يتجاوز عمره 16 عاماً. وعن خصاله يقول أديب "كان يحيى متوكلاً على الله، وهو الذي يتقرب من إخوته وإخوانه ويصل الرحم ويتفقدهم سائلاً عنهم ومطمئناً عن أوضاعهم"، ويتابع "لم نفقد اﻷمل برؤيته شهيداً حيت احتجز العدو الصهيوني جثمانه حين استشهد في (28-11-1994) في عملية أرنون البطولية مع رفيقيه: الشهيد محمد العاص، والشهيد أحمد عبد الفتاح العلي (أبو التحرير)، وظلّت جثامينهم عند العدو الصهيوني حتى عملية التبادل مع حزب الله 2008.
ودُفن جثمان الشهيد يحيى الخميس، في مقبرة الشهداء في درب السيم، ويقول شقيقه أديب: "لقد اختار شقيقي طريق الشهادة والمقاومة ﻷنها الطريق اﻷقصر للنصر والتحرير، وليس السلام المذل الذي يستجدي الحقوق من المحتل الغاصب بعد أن عاث في اﻷرض فساداً". وختم خميس كلامه داعياً "أبناء الشعب الفلسطيني وكل القوى الحية إلى الوحدة لأنها أٌس لكل انتصار".
طريق المقاومة طريق النصر والتحرير
أما عائلة الشهيد محمد محمود سليمان (استشهد في 10/11/1999، في عملية في جبل صافي) فقد زارها مراسل "وكالة القدس للأنباء"، وقال والده الحاج محمود سليمان (69 عاماً) إن إبني محمد إستشهد من أجل تحرير فلسطين ولم يشارك في أي نزاع داخلي، بل كانت البوصلة فلسطين وهي أولوية عنده حتى ارتقى شهيداً في عملية بطولية مع الشهيد حسن أبو شمط ضد اليهود الحاقدين. ويضيف شارحاً المواجهة النوعية التي خاضها الشيهيدان محمد وحسن، فيقول لقد تقدم إبني للشهادة عندما كان يتقدم جزء من المراهنين على السلام المذل مع بعض العرب الذين همهم كان وما زال هو التنازل عن حقوقنا في فلسطين. موضحاً أن المقاومة هي التي تزيل الكيان وتعيد الحقوق الى أصحابها الحقيقيين.
وختم سليمان كلامه بالقول "لقد كانت أخلاق إبني الشهيد محمد هي التي ترسم طريقه وتنير له الدرب". معلقاً "لقد ايقنت أن إبني متجهاً إلى فلسطين ولن يغير طريقه ولن يتنازل عن حقوق اﻷجداد واﻷهل".
كما وصفت والدته الحاجة فتحية موعد أبنها بالحنون المطيع، يحب إخوانه وأهله. وعن سماعها نبأ استشهاده قالت: "صحيح لقد تألمت على فراقه كما يتألم أي إنسان على فقد عزيز، ولكن في الوقت نفسه كنت رافعة الرأس ﻷن إبني كان مقبلاً غير مدبر، ومؤمنا بالهدف الذي خطه أمام عينيه وهو تحرير كل فلسطين وعودة اللاجئين والأهل إلى ديار اﻷجداد.
رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/39484