وكالة القدس للأنباء - بيروت
أشار الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، القائد المجاهد زياد النخالة، إلى أنّ "اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لم يكن ليحدث لولا صمود شعبنا"، مشددًا على "أننا ما زلنا في الميدان وسلاحنا بأيدينا".
ولفت، بكلمة في المؤتمر القومي العربي الرابع والثلاثين، الذي افتتح في العاصمة اللبنانية "بيروت"، إلى أنّ "إسرائيل لم تستطع رفض خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأنها تريد النجاة من الخسائر المتوقعة لقواتها وتقليل الضغط الداخلي".
وشدد على أنّه "لن يحمينا شيء إلا الجهاد والمقاومة وليس الاستسلام"، مضيفًا: "ما يواجه شعبنا في الضفة الغربية هو معركة حقيقية تهدف لإنهاء الوجود الفلسطيني هناك".
وذكر القائد النخالة أنّ "الولايات المتحدة أدركت أن استمرار الحرب في غزة بهذه الطريقة يضع العدو الصهيوني في معزل دولي كبير"، مشددًا على أنّه "يجب الحفاظ على الوحدة الفلسطينية وتجاوز الخلافات"، موجّهًا "كل التحية لكل من وقف معنا من إيران ولبنان واليمن ومصر وقطر".
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ... والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله
الأَخُ العزيز .... الأُستاذ حَمدين صبَّاحي رئيسُ المُؤتَمر
الإٍخوةُ الأعزَّاءُ.... أَعضاءَ المؤتمرِ
الإِخوةُ المُشارِكُون ..... السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
نَلتَقِي اليَومَ، وقد خَرَجَ شَعبُنا الفِلسطينيُّ البَطَلُ مِن مَعْرَكَةٍ تَاريخيَّةٍ قَلَّ نَظيرُها، مُحَمَّلًا بالألَمِ والمُعاناةِ، وفي نَفْسِ الوَقتِ شامِخًا عَزيزًا مُقاتِلًا، على مَدى عامَينِ لَمْ تَلِنْ لَهُ قَنَاةٌ، وبَقِيَ نِدًّا حتّى اللَّحظَةِ الأخيرةِ، لَمْ يَتراجَعْ ولَمْ يَستَسْلِمْ.
وجَلَسَ وَفْدُنا الفِلسطينيُّ المُفاوِضُ مُقابِلَ حَشْدٍ دَوليٍّ هائلٍ يُوَقِّعُ اتِّفاقيَّةَ وَقْفِ العُدوانِ على الشَّعبِ الفِلسطينيِّ، وهذا لَمْ يَكُنْ لِيَحدُثَ لَولا صُمودُ شَعبِنا الفِلسطينيِّ العَظيمِ وبَسالةُ مُقاتِليهِ في المَيدانِ.
أرادُوها استِسلامًا لِشَعبِنا ومُقاوَمَتِهِ على مَدارِ الوَقتِ، وأرَدْناها صُمودًا وإحباطًا لأهدافِ العُدوانِ.
وَخَرَجْنا مِن هذِهِ المَعْرَكَةِ وسِلاحُنا بأيدِينا، ومُقاتِلونا في المَيدانِ، وشَعبُنا مَرفوعُ الرَّأسِ عَزيزًا كَريمًا.
لقد قاتَلَتْ غَزَّةُ وصَمَدَتْ لعامَينِ في مُواجَهةِ أعتى قُوّةٍ على وَجهِ الأرضِ، لقد قاتَلَتْ غَزَّةُ تَحالُفًا دَوليًّا قادَتْهُ الولاياتُ المُتَّحِدةُ وحُلَفاؤُها مُنذُ اليَومِ الأوّلِ للعُدوانِ.
ومَن حَضَروا داعِمينَ ومُؤيِّدينَ لإسرائيلَ في بِدايةِ العُدوانِ، هُم أَنفُسُهُم الذينَ حَضَروا ليُوَقِّعوا اتِّفاقَ وَقفِ العُدوانِ في شَرَمِ الشَّيخِ بعدَ عامَينِ من الحَربِ.
لقد كانَ شَعبُنا الفِلسطينيُّ مُوحَّدًا في هذِهِ الحَربِ، وقدَّمَ نَموذَجًا فَريدًا لانصِهارِ قُوَى المُقاوَمةِ في المَيدانِ، فكانت سَرايا القُدسِ وكَتائِبُ القَسّامِ وكُلُّ قُوَى المُقاوَمةِ يَدًا واحِدَةً في مُواجَهةِ العُدوانِ.
وعلى الجَبهَةِ السياسيَّةِ كانت المُقاوَمةُ تَتَحدَّثُ بِلِسانٍ واحِدٍ ومَوقِفٍ واحِدٍ، ولَولا هذِهِ الوَحدةُ لَم نَكُنْ لِنَصمُدَ شَهرًا واحِدًا.
هذا المَشهَدُ الرّائعُ لوَحدَتِنا يَجِبُ أن نُحافِظَ عَلَيهِ ونَحميَهُ بِكُلِّ ما نَملِكُ من قُوّةٍ، لِنَستَطيعَ أن نُكمِلَ مَعرَكَتَنا السياسيَّةَ القادِمَةَ، فالمَعرَكَةُ لَم تَنتَهِ بَعدُ.
وهذا يَفرِضُ عَلَينا أن نَتَجاوَزَ الخِلافاتِ الّتي رافَقَت مَسيرَةَ العَمَلِ الوَطنيِّ الفِلسطِينيِّ طِوالَ السَّنواتِ الماضيةِ.
وبِهذِهِ المُناسَبةِ وأمامَكُم، وبِجُهودِكُم مُنفَرِدينَ ومُجتَمِعينَ، أَدعوكُم لِتَقديمِ مُبادَرَةٍ بِاسمِ المُؤتَمَرِ القَوميِّ العَربيِّ لِتَوحيدِ الصَّفِّ الفِلسطينيِّ، حتّى نَستَطيعَ مُجتَمِعينَ مُواجَهةَ التَّحدّياتِ القادِمَةِ، خُصوصًا أنَّ ما يُواجِهُهُ شَعبُنا في الضِّفَّةِ الغَربيَّةِ الباسِلَةِ هو مَعرَكَةٌ حقيقيَّةٌ تَهدِفُ لإِنْهاءَ الوُجودِ الفِلسطينيِّ هُناكَ.
الإخوةُ الأعزّاءُ
مِنَ المُهمِّ أن نَضعَكُم في صُورَةِ ما نَفْهَمُهُ مِن اتِّفاقيةِ وَقْفِ العُدوانِ على غَزَّةَ، إنَّ المَوقِفَ الأَميرِكيَّ أدْرَكَ بَعْدَ عامَيْنِ مِنَ الحَربِ، أنَّ استمرارَ الحَربِ بِهذِهِ الطَّريقةِ يَضعُ العَدُوَّ الإسرائِيلِيَّ في مَأزِقٍ مِيدانيٍّ كَبيرٍ وفي عَزْلَةٍ دَوليَّةٍ خانِقَةٍ، وكَذلِكَ يُجَرِّدُ الوِلاياتِ المُتَّحِدَةِ مِن هَيْبَتِها وقُدْرَتِها على فَرْضِ رُؤيَتِها في مَنطِقَةٍ تُعَدُّ الأَكثَرَ حَساسِيَّةً في العالَمِ.
وخاصَّةً عِندما أَصبَحَت فِلسطينُ وما يَجري في غَزَّةَ مَركَزَ اهتِمامٍ دَوليٍّ وإنسَانِيٍّ عالَميٍّ، تَجاوَزَ القُدْرَةَ الأَميرِكِيَّةَ على احْتِوائِه لصالحِ العَدُوِّ الصِّهيونيِّ، لِذلِكَ أَتَتِ المُبادَرَةُ الأَميرِكيَّةُ لِتَوقِفَ تَداعِيَاتِ ما يَجري، وَمُحاوَلَةً للسَّيطَرَةِ على مَسارِ الأَحداثِ.
وَلَو تَأمَّلْنَا المَشرُوعَ الأَميرِكيَّ لِوَقْفِ الحَربِ لَوجَدْنَا أنَّهُ أَعطى لإسرائيلَ كَثيرًا مِن الإحساسِ بِالتَّفَوُّقِ، لِيُخرِجَها مِن حالَةِ الجُنُونِ المُدمِّرِ لَها بِالدَّرَجةِ الأُولَى، وَيُعطِي الوِلاياتِ المُتَّحِدَةِ فُرصَةً لِمُحاوَلَةِ السَّيطَرَةِ مَرَّةً أُخرَى على المَشهَدِ الإِقليميِّ والدُّولِيِّ، لِذلِكَ قَبِلَت إسرائيلُ خُطَّةَ ترامب لِوَقْفِ العُدوانِ وتَلَقَّفَها العَرَبُ كَفُرصَةٍ لِوَقْفِ الحَربِ، وكَذلِكَ دُوَلٌ كَثِيرَةٌ أُخرَى، لما لِهذِهِ الحَربِ مِن تَداعِيَاتٍ عَلَيهَا جَميعًا.
لَقَدْ كَانَت فُرصَةً لَهُم جَميعًا لِلخُروجِ مِنَ المَأزِقِ الأَخلاقيِّ الَّذي خَرَجَ عَنِ السَّيطَرَةِ على امتِدادِ العالَمِ، فَهَرَعَ الجَميعُ لِتأييدِ خُطَّةِ ترامب.
وكانَ مُؤتَمرُ شَرَمِ الشَّيخِ تَعبِيرًا عن مَدَى الأَزْمَةِ العالَمِيَّةِ، وَلَكِن لَيسَ لِوضعِ حَلٍّ حَقيقِيٍّ لِلصِّراعِ، عَلى أَملِ أَنَّ ما سَيَأتي لاحِقًا يُمكِنُ أَنْ يُؤدِّيَ إلى تَسْكِينِ القِتالِ لِفَتْرَةٍ طَويلَةٍ، وَخَاصَّةً أنَّ خُطَّةَ ترامب وضَعَت عَقَباتٍ كَثِيرَةً وشُروطًا لا يُمكِنُ تَطْبِيقُها؛ فَكُلُّ بِنْدٍ فيها يَحْتاجُ إِلى كَثيرٍ مِنَ الإِجْراءاتِ والتَّفسيراتِ، وذلك بِسَبَبِ التَّبايُناتِ الكَبيرَةِ بينَ مَوقِفِ المُقاوَمَةِ ومَوقِفِ العَدُوِّ الصِّهيونيِّ، لِذلِكَ كانَ واضِحًا هُروبُ الجَميعِ إلى العُمومِيّاتِ أَكثَرَ، ولكُلٍّ أَسبَابُهُ.
وَلكِنَّ مِنَ المُهمِّ أَنْ نُشيرَ هُنَا إلى مَوقِفِ إٍسرائِيلَ الّتي لَم تَستَطِعِ رَفضَ خُطَّةِ ترامب، لِأَنَّها تُريدُ الخُرُوجَ مِن أَزْمَةِ المَراوَحَةِ العَسكَرِيَّةِ في المَيدَانِ، وَالنَّجَاةَ مِنَ الخَسائِرَ المُتَوَقَّعَةَ لِقُوّاتِها، وكَذلِكَ تقليلُ الضَّغْطَ الدَّاخِلِيَّ على حُكومَةِ العَدُوِّ بِوَقْفِ الحَربِ واستِرْدادِ ما سُمِّيَ بِالرُّهَائِنِ.
وبَقيَت مِتَمَسِّكَةً بِشِعارِ القضاءِ على المُقاوَمَةِ، وتجريدِ غَزَّةَ مِن سِلاحِها، مُحاوِلَةً تَحقِيقَ ما لَم تَسْتَطِع تَحقِيقَهُ بالحَربِ، هذَا يَعني أَنَّ أَمامَنا تَحدِّياتٍ كَبيرَةً في المَرحَلَةِ القادِمَةِ.
وما أُودُّ التَّأكِيدَ عليهِ في نِهايَةِ كَلمَتي أَنَّنا مَا زَلنَا في المَيدَانِ، وَسِلاحُنا بأَيديِنا، وسَنَبذُلُ كُلَّ جُهدٍ مُمكِنٍ لِنُجَنِّبَ شَعبَنا أَيَّ عُدوانٍ جَديدٍ، مَعَ التَّأكِيدِ على حِمايَةِ المُقاوَمَةِ وحِمايَةِ مَكتَسَباتِ شَعبِنا السِّياسِيَّةِ.
وفي الخِتامِ أَتَقَدَّمُ بِالتَّحيَّةِ والتَّقديرِ لِكُلِّ الّذين وَقَفوا مَعَنا مُؤَيِّدينَ ومُسانِدينَ ومُقاتِلينَ في لُبنانَ واليَمَنَ وإيرانَ، ولكلِّ شُعوبِ أُمَّتِنا وشُعوبِ العالَمِ، ولِلإخوةِ في مِصرَ وقطرَ لِجهودِهمِ الكَبيرَةِ في وَقْفِ العُدوانِ.
وَلَكُم أَنتُم أَيضًا الّذين تُدركونَ أَكثَرَ مِن غَيرِكُم أنَّنا أُمَّةٌ مَستهدَفَةٌ شِئنا أَمْ أَبَيْنا، ولا يَحمِينَا إِلاَّ الجِهادُ والمُقاوَمَةُ، وليسَ الاستِسلام.
المَجْدُ لشُهداءِ شَعبِنا وأُمَّتِنا...
والنَّصرُ لنا إن شاءَ اللهُ طَالَ الزَّمانُ أَم قَصُرَ...
والسَّلامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ اللهِ وبَركاتُهُ.
