وكالة القدس للأنباء - متابعة
أعرب خبراء الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، عن قلقهم البالغ إزاء عمليات "مؤسسة غزة الإنسانية"، مؤكدين أن الفلسطينيين يدفعون الثمن الباهظ لفشل المجتمع الدولي القانوني والسياسي والأخلاقي.
واعتبر الخبراء، في بيان، أن وصف هذه المؤسسة بـ"الإنسانية"، "يضيف إلى تمويه إسرائيل الإنساني، ويعدّ إهانةً للمؤسسات والمعايير الإنسانية".
وأشار الخبراء، إلى أن القانون الإنساني الدولي يضع على "إسرائيل"، بصفتها القوة المحتلة، التزامات ملزمة تجاه السكان الخاضعين لسيطرتها.
وتنص اتفاقية جنيف الرابعة وقواعد لاهاي، على وجوب حماية المدنيين في الأراضي المحتلة وتوفير الخدمات الأساسية لهم، وحماية عمليات الإغاثة الإنسانية وتسهيلها، والالتزام الصارم بمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال.
وقال الخبراء الأمميون إن "مؤسسة غزة الإنسانية"، هي منظمة غير حكومية أنشأتها "إسرائيل" في فبراير/شباط 2025، بدعم من الولايات المتحدة، لتوزيع المساعدات المزعومة في غزة، وتعدّ "مثالاً مقلقاً للغاية على كيفية استغلال الإغاثة الإنسانية لتحقيق أجندات عسكرية وجيوسياسية سرية"، في انتهاك خطير للقانون الدولي.
وأكدوا أن "تشابك الاستخبارات الإسرائيلية والمتعاقدين الأمريكيين والجهات غير الحكومية الغامضة، يُبرز الحاجة الملحة إلى رقابة دولية صارمة وتحرك دولي قوي تحت رعاية الأمم المتحدة".
وأضافوا: "في أي ظرف من الظروف، عندما تغضّ الطرف عن جرائم الحرب مقابل إغاثة مؤقتة، يمكن أن يصبح الإفلات من العقاب أمراً طبيعياً".
وأشاروا إلى أنه "في هذه الحالة، نترك دولة متهمة بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مسؤولة عن إطعام السكان المتضررين من الإبادة الجماعية دون رقابة ودون عقاب. هذا النفاق المعلن مقلق".
وبينوا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي والمتعاقدين العسكريون الأجانب يواصلون إطلاق النار عشوائيًا على طالبي المساعدات فيما يسمى "مواقع التوزيع" التي تديرها "غزة الإنسانية" منذ إنشائها لتولي مهام كانت تؤديها سابقًا وكالات الأمم المتحدة، وأبرزها وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ولفتوا إلى استشهاد ما يقرب من 1400 شخص وجرح أكثر من 4000 آخرين أثناء بحثهم عن الطعام، واستشهاد ما لا يقل عن 859 شخصًا حول مواقع "غزة الإنسانية" منذ بدء عملياتها في أواخر مايو/ أيار.
وشددوا أنه يصعب الوصول إلى هذه المواقع بشكل خاص من قِبل الفئات الأكثر ضعفًا، مثل النساء والأطفال وذوي الإعاقة وكبار السن.
وأكدوا أن تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع بهذا الشكل المأساوي، يأتي في ظلّ النزوح القسري لأكثر من 90% من السكان، ووصول عدد الشهداء إلى أكثر من 60 ألفا في غزة، لافتين إلى أنه في الأسابيع القليلة الماضية فقط، سجلت وزارة الصحة 180 حالة وفاة بسبب سوء التغذية، من بينهم 93 طفلاً.
وقال الخبراء: "إن رؤية الأطفال يموتون جوعاً بين أحضان آبائهم يجب أن تخرجنا من تهاوننا".
وأضافوا: "إنّ منع أو تأخير المساعدات ليس عملاً غير إنساني فحسب، بل هو جريمة حرب، حيث يقصد به تجويع المدنيين، وفي سياق إبادة جماعية موثقة جيداً ومدانة عالمياً".
ونبهوا إلى أنّ "تأمين الوصول إلى الغذاء والماء والدواء والخدمات الأساسية ليس عملاً خيرياً، بل هو واجب قانوني، لا سيما في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل غير قانوني".
وأشاروا إلى أن محكمة العدل الدولية اعتبرت أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، وأمرت "إسرائيل" بسحب قواتها، وتفكيك المستوطنات، والتوقف عن استغلال الموارد الفلسطينية، مع استمرارها في الفصل العنصري بين الفلسطينيين.
وطالبوا بإجبار "إسرائيل" على الامتثال لقرار محكمة العدل الدولية، وأن تدعم الدول الأعضاء إنفاذ القرار.
ورأوا أنه "بدون مساءلة واضحة، قد تصبح فكرة الإغاثة الإنسانية في نهاية المطاف ضحية للحرب الهجينة الحديثة".
ودعوا إلى "استعادة مصداقية وفعالية المساعدات الإنسانية" من خلال تفكيك "مؤسسة غزة الإنسانية"، ومحاسبتها ومديريها التنفيذيين، والسماح للجهات الفاعلة الإنسانية ذات الخبرة من الأمم المتحدة والمجتمع المدني على حد سواء باستعادة زمام إدارة وتوزيع المساعدات المنقذة للحياة.
وحث الخبراء الأمميون الدول الأعضاء على فرض حظر كامل على توريد الأسلحة إلى "إسرائيل" بسبب انتهاكاتها المتعددة للقانون الدولي، وكذلك تعليق اتفاقيات التجارة والاستثمار التي قد تضر بالفلسطينيين، ومحاسبة الشركات.
ومنذ اليوم الأول لعمل "مؤسسة غزة الإنسانية"، تحولت نقاط توزيع المساعدات في غزة إلى مصائد للموت، حيث تكررت حوادث إطلاق النار على طالبي المساعدات وتزايدت أعداد ضحايا طالبي المساعدات مع ارتفاع وتيرة المجازر الإسرائيلية المرتكبة ضد الفلسطينيين المجوعين.
وبلغ عدد ضحايا مراكز المساعدات وشهداء لقمة العيش ممن وصلوا مستشفيات القطاع 1568 شهيدًا وأكثر من 11,230 إصابة، وفق التقرير الصادر عن وزارة الصحة الفلسطينية اليوم الثلاثاء.
وفي تصريحات للمتعاقد السابق مع المؤسسة، أنتوني أغيلار، قال: "كنت أظن أن مهمتنا إدخال المساعدات إلى غزة، لكننا لم نتلق أي توجيهات لضمان حماية المدنيين"، مشيراً إلى أن عقد العمل كشف إهمال المسؤولين لأمن المدنيين، وأن مواقع توزيع المساعدات صُممت لتكون "مصائد موت".
وأشار إلى أن هناك أميركيين يحملون السلاح ويشاركون فيما يجري داخل القطاع، مؤكداً أن "الصور الواردة من غزة أدلة حقيقية لا يمكن إنكارها، والعشرات يُقتلون يومياً، وذلك حقيقة وليس دعاية".
وكانت الأمم المتحدة قد رفضت الانخراط في هذه الآلية منذ البداية، وقالت إنها تفتقر للنزاهة والحياد، كما انتقدتها بشدة المفوضية العامة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ووصفتها بالنظام المهين لتوزيع المساعدات، ومصيدة الموت.
واتهمت منظمات المجتمع المدني في قطاع غزة، ما تسمى بـ "مؤسسة غزة الإنسانية" بلعب دور خطير في تسهيل حرب الإبادة الإسرائيلية تحت غطاء العمل الإنساني. داعية لمحاكمتها وملاحقتها.