وكالة القدس للأنباء - متابعة
في زمن الذُلّ والهوان العربيّ والإسلاميّ، وفي الوقت الذي أصبح فيه التطبيع مع كيان الاحتلال “مشروعًا” من قبل أنظمةٍ حاكمةٍ في دولٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ، تبرز إندونيسيا، التي ترفض الضغوطات والإغراءات الأمريكيّة والأخرى للتطبيع مع كيان الاحتلال، وتُوجِه له مرّةً تلو الأخرى صفعاتٍ مُجلجلةٍ تُعبِّر فيها عن رفضها التطبيع على حساب قضية الشعب العربيّ الفلسطينيّ.
لهذا السبب وأيضًا لكون كيان الاحتلال معزولاً دوليًا وبحاجةٍ ماسّةٍ لإنجازٍ إضافيٍّ في اختراق الوطن العربيّ والعالم الإسلاميّ، زعمت مصادر سياسيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب، كما أفادت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أنّ “اتصالاتٍ سريّةٍ” تجري بين الدولة الإسلاميّة وكيان الاحتلال في مسعىً لتطبيع العلاقات بينهما، وأنّ هذه الاتصالات تحظى بدعمٍ ومشاركةٍ من واشنطن.
بيد أنّ الصحيفة، نقلت عن ذات المصادر أنّ التقديرات في كيان الاحتلال تُشير إلى أنّ إندونيسيا لن تتوصل إلى اتفاق تطبيعٍ قبل اتفاق تطبيع علاقات "إسرائيليّ"- سعوديّ، كما أنّ طبيعة الحكومة "الإسرائيلية" الحالية اليمينيّة المتطرفة لن يسمح بذلك، على حدّ تعبيرها، ونقلت عن مسؤولٍ "إسرائيليٍّ" رفيعٍ قوله إنّ إندونيسيا تخشى من مظاهرات واحتجاجات ولذلك فإنّ المنطق يدل على أنّها ستنتظر السعوديّة، طبقًا لأقواله.
وفي هذا السياق، ورغم التسريبات "الإسرائيليّة" في الآونة الأخيرة بشأن اقتراب التطبيع مع إندونيسيا، فقد كشفت أوساط سياسيّة "إسرائيليّة" وازنة النقاب عن أنّ أعضاء وفد "إسرائيليّ" في مؤتمرٍ دوليٍّ عُقِد بمدينة بالي لم يشاركوا فيه، بعد إبلاغهم بأنّ هناك حساسية في الدولة بشأن مشاركة الاحتلال.
وبحسب المصادر عينها، فقد كان رئيس النقابة "الإسرائيليّة" للقابلات تلقى رسالةً ورد فيها أنّ هناك حساسية في إندونيسيا في ما يتعلق برفع العلم "الإسرائيليّ" خلال المؤتمر الثالث والثلاثين للاتحاد الدوليّ للقابلات، لأنّ حاكم بالي وزوجته سيقومان بالمُشاركة في حفل افتتاحه، الأمر الذي يعني وجود مخاطرة بإغلاق المؤتمر، ما استدعي مطالبة الوفد "الإسرائيليّ" بمغادرة إندونيسيا، بحسب المراسل السياسيّ لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، الذي اعتمد على مصادر سياسيّةٍ رفيعةٍ في الكيان.
وبحسب الصحيفة العبريّة، يعتقد أنّ الوفد الإسرائيليّ يتفهم أنّ الاتحاد لن يكون قادرًا على تحمل هذا الخطر، ولذلك فلن يكون العلم الإسرائيليّ جزءًا من موكب الإعلام والتنظيم، ولن يتم ذكره خلال الحفل.
علاوةً على ما جاء أعلاه، شدّدّت المصادر، وفق التقرير في (يديعوت أحرونوت)، على أنّ هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها دولة الاحتلال مقاطعةً ورفضًا من إندونيسيا، رغم الضغوط التي تمارس عليها للتطبيع، حيث لا يخفي كيان الاحتلال أنّه يضع تطبيع علاقاته مع إندونيسيا على رأس جدول أعماله، سواءً لكونها أكبر دولة إسلامية، أوْ بسبب موقعها الجيو-سياسي، أوْ لما تحتويه من موارد طبيعيّةٍ هائلةٍ.
جديرٌ بالذكر أنّ 70 بالمائة من الشعب الاندونيسيّ ينظرون لدولة الاحتلال بصورة سلبية، لتكون واحدة من أكثر التصورات سلبية تجاهها في آسيا.
ورغم الدعوات الإسرائيلية لتطبيع العلاقات مع إندونيسيا، بزعم وجود العديد من فرص التعاون الثنائي، لكن الأخيرة لن تفكر في التطبيع إلّا إذا تحقق الاستقلال الفلسطينيّ، علمًا أنّه في العام 2018 منعت إندونيسيا حاملي جوازات السفر الإسرائيليّة من دخول أراضيها.
يُشار إلى أنّ مسألة إقامة علاقات دبلوماسية رسمية اندونيسيّة مع إسرائيل محفوفة بالمخاطر، وتكتنفها جملة من العقبات الكبيرة...
كما أنّ التضامن الشعبي الإندونيسي الكبير مع الفلسطينيين، الذي يظهر في خروج الشارع في جاكرتا إثر كلّ عدوانٍ إسرائيليٍّ على الفلسطينيين، من المرجَّح أنْ يُعيق أيّ علاقةٍ متوقَّعةٍ بين جاكرتا وتل أبيب، إذْ تحظى القضية الفلسطينيّة بتأييدٍ ساحقٍ من قِبَل السكان الإندونيسيين، وتُظهِر آخر أرقام استطلاعات الرأي التي صدرت أنّ الغالبية العظمى (71%) من المستجوبين يُحمِّلون "إسرائيل" المسؤولية عن الصراع في الأراضي المحتلة.
وفي الخلاصة وعلى الرغم من نفاق (الفيفا) وحرمانها استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم تحت 20 سنة للرجال، أكّدت إندونيسيا موقفها الداعم للقضية الفلسطينيّة وألغت مشاركة الفريق "الإسرائيليّ" في البطولة، بينما رفض حاكم مقاطعة بالي استقبال مُنتخب الكيان.