/مقالات/ عرض الخبر

"وثيقة جنين".. سقوط الأوهام قبل انطلاق "اللمة"!..

2023/03/15 الساعة 09:27 ص
صورة من لقاء جنين
صورة من لقاء جنين

بقلم: سمير أحمد

وسط غياب أبرز فصائل المقاومة الفلسطينية (الجهاد الإسلامي وحماس والعديد من رموز المقاومة في جنين)، انعقد يوم السبت 11/3 مؤتمر إعلان "وثيقة جنين"، بدعوة من "شخصيات وطنية ومؤسسات وفعاليات محافظة جنين شماليّ الضفة الغربية" المحتلة، بمشاركة حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ضمن جهود لإصدار "وثيقة وطنية تدعو إلى صياغة برنامج وطني ونضالي موحد يحمل شعاراً مثيراً للسخرية لكونه يضع "الشعب والسلطة والمقاومة في خندق واحد"... في محاولة للإيهام بأن هذا الشعار العجيب الغريب، مستنتسخ من التجربة اللبنانية: "الجيش والشعب والمقاومة"، رغم الفارق الكبير الذي يميز التجربتين، وحيث تقف السلطة وأجهزتها الأمنية في صف الاحتلال الصهيوني عبر "التنسيق الأمني"

فكيف استطاع صناع القرار "الجهابذة" في هذه "اللمة"، وضع هذه "الخلطة" في وقت تجاهر فيه سلطة رام الله وأجهزتها الأمنية، وجل قادتها، بالقول والفعل، بانتمائها الى محور تصفية قوى المقاومة الفلسطينية، وتنفيذ مخطط الجنرال الأمريكي مايك فنزل، الذي أقر في "لمة" العقبة، بحضور: أمريكي، مصري، أردني، صهيوني وسلطوي.

خطة فنزل لتصفية المقاومة

وقد نشرت القناة 14 العبرية، تفاصيل الخطة التي وضعها الجنرال الامريكي مايك فنزل، منسق الشؤون الأمنية في السفارة الأمريكية في "تل أبيب"، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. - مشاركة أمريكية في التنسيق الأمني، من خلال ممثلين كبار، سيحضرون اجتماعات المستويات العليا بين (سلطة رام الله) و"الإسرائيليين" لعدة شهور، على أن يرسل الطرفان تقارير منتظمة للأمريكيين حول التقدم في القضايا الأمنية العالقة بين الطرفين.

2.  - دريب قوات خاصة فلسطينية مكونة من 5 آلاف عنصر أمني، وهم يعملون حاليًا في "جهاز الأمن الوطني"، وسيكون تدريبهم في قواعد تدريبية على الأراضي الأردنية، حيث سيخضعون لبرنامج تدريبي خاص بإشراف أمريكي.

وبحسب مصادر القناة 14، فقد وافقت الأردن ومصر بالفعل على برنامج التدريب، مبينة أن هؤلاء العناصر بعد انتهاء تدريبهم سيُنقلون إلى نابلس وجنين، وسيعملون تحت إمرة غرفة عمليات، وسيشمل عملهم المدن ومخيمات اللاجئين، بهدف القضاء على خلايا المقاومة فيها. وستكون عمليات القوات المدربة في شمال الضفة الغربية تحت إشراف الفريق الأمريكي.

فقد تشكل هذه المجموعات الأمنية "الفلسطينية" غطاء لتسلل فرق "النخبة الإسرائيلية" الى المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، فتنفذ مجازرها وتغتال المقاومين وتعتقل الجرحى منهم، خاصة وأن هذه المجموعات "الفلسطينية" مقنعة.

3.  - دخول القوات الفلسطنيية إلى المقرات الجديدة في جنين ونابلس سيتم بالتزامن مع تقليص كبير لنشاط الجيش "الإسرائيلي"، في إطار التنسيق الأمني تحت إشراف أمريكي. وهذا البند في الخطة الأمريكية هو أحد الشروط الفلسطينية لقبولها بكاملها.

4.  - إشراف أمريكي على نقاط الاحتكاك، خاصة في شمال الضفة الغربية وربما جنوب الخليل، إضافة إلى مشاركة فرق غربية في عمليات المراقبة، وستُظهر هذه الفرق حضورًا كبيرًا في مناطق الاحتكاك.

5.  - تغير توجهات السلطة الفلسطينية في التعاطي مع المقاتلين الفلسطينيين، وتغيير النهج الذي تعاملت به السلطة الفلسطينية في المرحلة الماضية معهم، حيث حاولت فتح قنوات اتصال وإقناعهم بالتخلي عن المقاومة والانضمام إلى الأمن مقابل حوافز مالية، وهو ما يتوجب وقفه في المرحلة الجديدة.

وقد عملت الأجهزة الأمنية السلطوية، وفق التوجه الجديد، وصولا للاعتداء على مسيرات تشييع الشهداء، والوقفات التضامنية مع الأسرى، وحملات الاعتقال والملاحقة التي طالت العديد من المشاركين في كل هذه الأنشطة، وكل من يهتف ضد السلطة.

بوصلة الجهاد الإسلامي بالميدان

وتعتبر حركة الجهاد الإسلامي، أبرز المقاطعين لهذه "اللمة"، حيث اتخذت منذ البداية موقفاً بعدم حضور المؤتمر، معلنة في تصريح لـ"العربي الجديد" أنها لن تشارك، موضحة أن موقفها واضح من المؤتمر، إذ نوقِشَت مخرجاته في كل الجلسات الحوارية للفصائل الوطنية في القاهرة وفي غيرها، وأنها تعمل على استغلال الوقت والجهد في تعزيز صمود ودعم المقاومة...

وهي تكرس جهدها بتوحيد المقاتلين، في وحدة ميدانية مقاتلة، في كتائب مسلحة بدأت بجنين، وانتشرت على امتداد مدن وبلدات الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وتنشط في الاشتباك مع جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين، وتنفذ العمليات البطولية والنوعية، وتواجه الغزوات الصهيونية للمدن والمخيمات الفلسطينية، التي تستهدف المقاومين.

بالمقابل كان من المقرر مشاركة حركة حماس في المؤتمر، بعدما أكدت الحركة في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، حضورها، إلا أن ما جرى من اعتداء خلال جنازة منفذ عملية حوارة، الشهيد عبدالفتاح خروشة، دفعها إلى التراجع عن المشاركة، إضافة إلى تراكم أمور أخرى، أبرزها اعتقال أمن السلطة 26 ناشطاً بالحركة، وإصدار حركة "فتح" بياناً يتهم "حماس" بـ"خلق الفتنة وصناعة مخططات خبيثة".

واللافت في مؤتمر "وثيقة جنين"، غياب المتحدث باسمه وأحد أبرز القائمين عليه، فتحي خازم، والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن، فيما حاول "العربي الجديد" التواصل معه، لكنه لم يرد.

وعلم أيضاً، من مصادر خاصة أن ممثلي حركة المبادرة الفلسطينية غادروا المؤتمر بعد ساعة من انطلاقه دون الإفصاح عن الأسباب والدوافع، فيما شهد المؤتمر غياب شخصيات وطنية من مخيم جنين، أبرزها: عضو المجلس الثوري لحركة فتح، جمال حويل، وجمال الزبيدي والد الشهيد نعيم وأحد قيادات المخيم.

مخرجات الاجتماع كانت، بحسب حديث عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر "وثيقة جنين"، قاسم عواد، أنها "حبر على ورق"..

الأحمد ينسف أول بنود "الوثيقة"

ورغم ما جاء في أول مبادئ "وثيقة جنين" التي عرضت على الفصائل الفلسطينية قبل انعقاد "اللمة"، من ضرورة الدعوة لعقد لقاء الأمناء العامين وتفعيل القيادة السياسية والميدانية الموحدة التي يقع على عاتقها صياغة برنامج وطني نضالي موحد، إلا أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عزام الأحمد، نسف هذا البند من أساسه، بإعلانه خلال كلمته بالمؤتمر، "إن القيادة السياسية الوطنية هي قيادة منظمة التحرير ولا غيرها ولا سواها والأمناء العامين ليس إطار قيادي، بل هو من أجل تعزيز الوحدة الوطنية لمن هم داخل المنظمة أو خارجها".

وعلّق بعض من بقي في هذه "اللمة" على كلمة الأحمد، بالقول: "نظرنا بأسف شديد لتحويل المؤتمر لمهاترات وانتقادات..."..

ويرى مراقبون أن مؤتمر "وثيقة جنين" لم يحقق غايته بتوحيد الفصائل الفلسطينية على طاولة واحدة، إضافة إلى غياب شخصيات وطنية عن الحضور، وعدم التزام المؤتمر البرنامج الزمني الذي نشر حيث بدأ متأخراً وانتهى مبكراً وغابت عنه كلمات كان من المقرر إطلاقها خلال المؤتمر.

وتنص "وثيقة جنين" على مبادئ عدة، أبرزها: الدعوة إلى عقد لقاء اجتماع الأمناء العامين للفصائل، وتفعيل القيادة الوطنية السياسية والميدانية الموحدة، وترسيخ مفهوم الوحدة السياسية والجغرافية والشعبية، إضافة إلى إعلان حالة الاشتباك السياسي والنضالي والقانوني مع المشروع العنصري الصهيوني ونظام الأبارتهايد في كل الساحات

ان غياب حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، والعديد من الشخصيات الوطنية، عن هذا اللقاء المثير للتساؤلات، بشكل ومستوى حضوره، والهدف الذي رفعه، والشعار الذي حمله: "الشعب والسلطة والمقاومة في خندق واحد"، يجعل من هذا المؤتمر بوابة غير شرعية لزرع المزيد من الأوهام في التربة الفلسطينية، التي تحتاج اليوم، وأكثر من أي وقت مضى لفرز الغث من الثمين، بخاصة في وقت تنخرط فيه سلطة (المقاطعة) وأجهزتها الأمنية، وبشكل عملي وعلني بمخطط تصفية المقاومة الفلسطينية الذي وضعه الجنرال الأمريكي فنزل، وأقرته "لمة العقبة". وستتابعه "لمة شرم الشيخ" في وقت لاحق من هذا الشهر.

فهذه الخلطة تحاول وضع المقاوم ورجال التنسيق الأمني في خندق واحد، لا تعتبر تشويها لحقيقة المشهد على الأرض الفلسطينية فحسب، وانما تعتبر محاولة مكشوفة، بوعي من القائمين على هذه اللمة، أو المخططين لعقدها، لتبييض صفحة سلطة التنسيق الأمني "المقدس"، التي لا يمحو سوادها كل الطلاء الأبيض الموجود على كل الأرض الفلسطينية.  

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/191143

اقرأ أيضا