/مقالات/ عرض الخبر

خراب الهيكل الثالث.. الكيان على شفير حرب أهلية

2023/03/01 الساعة 10:54 ص

وكالة القدس للأنباء – ترجمة

أثارت الاحتجاجات الجماهيرية الأخيرة في "إسرائيل"، ضد الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل وغير الديمقراطية، مخاوف بشأن احتمال اندلاع اشتباكات مدنية داخلية تهدد الاستقرار الأساسي لـ "الدولة اليهودية".

في الوقت الذي احتشد فيه عشرات الآلاف من "الإسرائيليين" احتجاجًا على خطة حكومتهم للإصلاح القضائي، أجرى الجيش "الإسرائيلي" عملية أمنية كبيرة في نابلس في 22 شباط / فبراير، ما أسفر عن مقتل 11 مدنياً وإصابة أكثر من 100 آخرين.

أصبحت المظاهرات المستمرة ضد مشروع القانون المثير للجدل عنيفة بشكل متزايد، حيث أدت الشعارات الغاضبة وأنشطة المتظاهرين إلى مقتل متظاهر على يد الشرطة "الإسرائيلية" في مدينة بئر السبع جنوب فلسطين المحتلة.

حدثت إحدى اللحظات الحاسمة للاحتجاجات الأسبوع الماضي - خلال التصويت الأول على مسودة الإصلاحات القضائية - عندما تمكن المتظاهرون من اقتحام مبنى البرلمان في الكنيست قبل طردهم من قبل قوات الأمن.

تقويض "الديمقراطية الوحيدة" في المنطقة

تعد خطة الإصلاح القضائي واحدة من أهم مبادرات الحكومة السادسة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. تهدف الخطة إلى الحد من صلاحيات القضاة، التي تتجاوز حاليًا سلطات نواب الكنيست، والسماح لأعضاء الكنيست بالتدخل الاستثنائي في تعيين القضاة.

يرى معارضو نتنياهو بأن خطط الإصلاح التي يقودها وزير العدل ياريف ليفين هي محاولة وقحة "لتسييس وتقويض القضاء" من أجل حماية رئيس الوزراء من الملاحقة القضائية بتهم طويلة الأمد تتعلق بـ "الفساد وانتهاك الثقة".

وفقًا لرئيس المحكمة العليا إستر حايوت، فإن الإصلاحات المقترحة سوف تعني:

"حرمان المحكمة من خيار إبطال القوانين التي تنتهك بشكل غير متناسب حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة والملكية وحرية التنقل، وكذلك الحق الأساسي في كرامة الإنسان ومتعلقاتها - الحق في المساواة وحرية الكلام وأكثر".

أعرب رئيس المحكمة العليا السابق أهارون باراك عن مخاوف مماثلة، واصفاً مشروع القانون بأنه "بداية نهاية الهيكل الثالث" – وهو تعبير عن نهاية العالم وخوف يشير إلى بداية زوال "إسرائيل".

  في كتابه، الهيكل الثالث، يحلل المراسل والكاتب "الإسرائيلي" آري شافيت كيف أصبح "الإسرائيليون" في العقد الثامن من عمر الدولة أعداءها: "مع التحديات الأمنية، يمكن للمرء أن يتغلب على هذه التحديات... لكن لا يمكن التغلب على تفكك الهوية".

"الحرب الأهلية" "الإسرائيلية" الوشيكة

في أروقة السلطة "الإسرائيلية"، يتم تداول مصطلح "الخيانة" بشكل متكرر، بالتوازي مع دعوة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للشرطة للتعامل "بحزم أكبر" مع المتظاهرين المحليين.

بعد تحذير رئيس (الكيان) إسحق هرتسوغ من أن خطة نتنياهو قد تدفع الدولة إلى "حافة الانهيار الدستوري والاجتماعي"، تستخدم الصحافة العبرية مصطلح "الحرب الأهلية" بشكل روتيني، حيث يرى المحلل في صحيفة هآرتس أنشل بفيفر أن "الحرب الأهلية لم تعد شيئاً لا يمكن تصوره".

"خلال الأيام القليلة الماضية، وجدت نفسي في محادثات لم أتخيلها أبدًا... لكن الموضوع خطير للغاية: الطرق المختلفة التي قد تندلع بها حرب أهلية فجأة، ومن الذي سيفوز"، يقول بفيفر، ويسأل متشائماً: "إلى أي طرف ستنحاز أجهزة تطبيق القانون (الإسرائيلي) والأجهزة الأمنية والجيش؟"

الباحث في الشؤون "الإسرائيلية" إسماعيل محمد قال لمجلة The Cradle إن فكرة الحرب الأهلية في "إسرائيل" لم تعد مجرد حلم كاذب يأمل به أعداء دولة الاحتلال. قالت يديديا ستيرن، رئيسة معهد سياسة الشعب اليهودي الذي أسسته الوكالة اليهودية، إن "إسرائيل" أقرب إلى الحرب الأهلية أكثر من أي وقت مضى منذ اغتيال إسحق رابين في العام 1995 والانسحاب من غزة في العام 2005. وكلاهما حدثان كانت "إسرائيل" فيهما تتأرجح على شفا حرب أهلية.

معركة الإصلاح القضائي في (الكيان) ليست مجرد صراع بسيط، ذلك أنها تعكس قضايا أعمق تمس هوية الدولة وتركيبتها الاجتماعية. هدف بعض الجماعات السياسية، مثل تحالف بن غفير ووزير المالية اليميني بتسلئيل سموتريتش، هو تغيير "إسرائيل" من دولة علمانية ليبرالية إلى دولة قائمة على القانون الديني: تنظيم الشعائر الدينية والسلوك اليومي لليهود. - أو بحسب المصطلحات العبرية، شكل من أشكال "الهالاخاه".

يتضح هذا أيضًا في البيان الذي أدلى به النائب الحريدي أشكنازي، يتسحاق بندروس، الذي أعرب، في الذكرى الـ 74 للنكبة، عن رغبته في "تفجير" مبنى المحكمة العليا، التي تحكم القوانين المدنية العلمانية المخالفة لتعاليم الشريعة.

الاستقطاب ليس فقط بين اليهود العلمانيين والمتدينين. التقسيم القديم القبيح بين يهود الشرق والغرب يرفع رأسه أيضًا. دعا بن غفير، على سبيل المثال، مرارًا وتكرارًا إلى تقليص سلطة "الأشكناز" على الدولة، مطالبًا بإدراج اليهود الشرقيين "السفارديم" في مؤسسات "إسرائيل".

يعكس التصريح الأخير لعضو الكنيست من عوتسما يهوديت، زفيكا فوغل، على موقع (كان 11) العبري، هذا التحول الكبير من مجرد خلافات سياسية إلى صدام وجودي بين "إسرائيليين" مختلفين. دعا فوغل إلى اعتقال السياسيين المعارضين يائير لبيد وبيني غانتس ويئير غولان وموشيه يعالون لإثارة الحرب الأهلية، ووصفهم بأنهم "أخطر الأشخاص في الوقت الحاضر في إسرائيل".

كما يشرح محلل الشؤون "الإسرائيلية" أنور صالح لمجلة The Cradle: “القضية أخطر بكثير من المطالبة بالمساواة والمواطنة. ائتلاف نتنياهو المتطرف يحمل قناعات تؤثر على أسس الدولة، مثل العودة إلى السؤال الأساسي حول "من هو اليهودي؟"

يقول: "تعتبر هذه الديموغرافية السياسية أن اليهود العلمانيين - الذين يشكلون أكثر من 44 بالمائة من الإسرائيليين – هم "يهود زائفون"، وأن الحكومة الحالية، التي يسيطر عليها اليمين الديني، الذين يشكلون 20 بالمائة من السكان، تمثل روح اليهودية". ويضيف: "هذا النقاش الذي يحدث اليوم - بعد 74 عامًا من إنشاء "دولة إسرائيل" - يؤثر على الأساس الذي أطلقت عليه الوكالة اليهودية برنامجها للهجرة لجذب اليهود إلى فلسطين".

سحب الاستثمارات وسط حالة من عدم اليقين

يشار إلى أن أكثر من 50 شركة استثمارية نقلت أعمالها من "إسرائيل" إلى دول أخرى منذ بدء الاحتجاجات. تشمل هذه الهجرة الجماعية 37 شركة تكنولوجيا.

دفع هذا التطور وزير العلوم والتكنولوجيا "الإسرائيلي"، أوفير أوكونيس، لعقد لقاء خاص مع السفراء الأجانب في تل أبيب، حثهم خلاله على اتخاذ موقف بهذا الشأن.

رداً على ذلك، أصدرت شركات التكنولوجيا بياناً يرفض إعادة 2.2 مليار دولار من أرباح عملياتها الخارجية إلى "إسرائيل". كما أعرب مالكو هذه الشركات عن قلقهم بشأن انخفاض التصنيف الائتماني للبلاد لأن السياسيين يعينون الآن القضاة، الأمر الذي يرون أنه بيئة غير مواتية للأعمال. دفع هذا عددًا من المستثمرين إلى تحويل أموال في "إسرائيل" إلى الخارج.

"عصا موسى"

حتى لو استخدم نتنياهو اليوم "عصا موسى" القوية، فلن يكون قادرًا على هزيمة الانقسامات الداخلية القوية التي تمزق "إسرائيل". ومع ذلك، فإن الأداة الوحيدة المتاحة لرئيس الوزراء هي تحويل الانتباه "الإسرائيلي" إلى مكان آخر - على الرغم من أن هذا سيؤدي في النهاية إلى إعادة إشعال الصراع في الداخل. من حيث الجوهر، سواء الآن أو لاحقًا، ستواجه بلاده صراعها الأهلي.

على الرغم من اختلافاته العديدة، فإن المجتمع "الإسرائيلي" متحد في التصور - الذي يغذيه السياسيون ووسائل الإعلام - بأنه تحت تهديد وجودي من الخارج. ويتكهن مراقبون بأن أمل نتنياهو الوحيد في تهدئة الصراع الداخلي الآن هو صنع تهديد خارجي ساخن.

يُنظر إلى الضفة الغربية المحتلة على أنها الخيار الأقل حساسية من الناحية السياسية والأكثر مرونة للعمل، وفقًا للمحلل السياسي أيمن الرفاتي. ويوضح لصحيفة The Cradle أن غزة اليوم، على عكس الماضي، هي المسرح الذي تسعى "إسرائيل" فيه للحفاظ على الهدوء من أجل تجنب التصعيد العسكري خلال موسم رمضان المقبل.

إن التطور المتزايد للصواريخ الموجودة في ترسانات المقاومة في غزة يشكل أيضًا خطرًا كبيرًا للغاية، مع عواقب غير معروفة ولا يمكن السيطرة عليها التي قد يتعين على "إسرائيل" تحملها. وعلى العكس من ذلك، فإن الضفة الغربية غير مسلحة نسبيًا، حيث تتركز الأسلحة الصغيرة في أيدي أقل بكثير.

وعلى الرغم من التدفق المستمر للتهديدات من تل أبيب، لا توجد مؤشرات على بدء "إسرائيل" حربًا مع إيران أو حزب الله، على الرغم من أن خيار تنفيذ عمليات أمنية مختارة تثير رد فعل هؤلاء الخصوم لا يزال نشطًا.

الهجوم الأخير من قبل المستوطنين اليهود على بلدة حوارة في مدينة نابلس بالضفة الغربية - هو نتيجة ثانوية لجهود نتنياهو لتعبئة المشاعر "الإسرائيلية" نحو إطلاق مواجهة شاملة مع فلسطينيي الضفة الغربية. أحد الأهداف الرئيسية لهذا الصدام هو صرف الانتباه عن الانهيار "الإسرائيلي" الداخلي.  

--------------------  

العنوان الأصلي: Destruction of the ‘Third Temple’: Israel on the brink of civil war

الكاتب: The Cradle's Palestine Correspondent

المصدر: The Cradle

التاريخ: 1 آذار / مارس 2023

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/190649

اقرأ أيضا