وكالة القدس للأنباء – عمر فؤاد طافش
مع اشتداد البرد والرياح العاتية، هناك في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، شمالي لبنان، أهالي ما زالوا بلا مأوى ينتظرون عاماً خلف عام، وهم يحلمون بالعودة الى منازلهم التي كانوا يسكنونها بخير وسلام، قبل أن تقذفهم الحرب الملعونة عام 2007 خارج أسوار المخيم، بحثاً عن مأوى جديد، بعدما دمرت الحرب معظم بيوت المخيم.
وبعد انتهاء الحرب أخذت وكالة الأونروا على عاتقها عملية إعادة الإعمار التي طال أمدها، وتسليم البيوت إلى أصحابها لم ينتهِ فصولا الى يومنا هذا، دون تحديد موعد نهائي لنهاية هذا الفصل المأساوي، ما أدخل الشك في قلوب الاهالي الذين بادروا الى عقد اجتماعات دورية وتنفيذ اعتصامات مطلبية، كان آخرها الشهر الفائت بـ 5 -1- 2023 أمام المكتب الرئيسي في بيروت.
عثمان: نعيش نكبة من 16 سنة
وللوقوف على آخر ما توصلت اليه لجنة الأهالي، اجرت وكالة القدس للأنباء حديثا مع مسؤول لجنة عائلات مخيم نهر البارد التي لم يتم اعادة بيوتها، ابراهيم عثمان، الذي ىبادر الى القول، إن "عائلات مخيم نهر البارد موضوعها معروف من 16 سنة وهي تعاني النكبة والمأساة بسبب الأحداث التي حصلت لهم، كان أولها ايقاف وكالة الأونروا في العام 2013 برنامج الطوارئ، وبعد ذلك ايقاف دفع بدل الايجار على مدار 8 سنوات، ورفعت يدها عن الاهالي نهائياً وتركتنا لمصيرنا".

وأضاف عثمان: "أثرت الاوضاع الاقتصادية في لبنان مع بداية 2019 على العائلات التي لم تعمر بيوتها حتى هذه اللحظة، فنحن الفئة التي تتحمل ضغطاً كبيراً، وتراكمت عليها الديون من آجار البيوت وما الى ذلك، وهذا دفع الناس الى التحرك لرفع الصوت عالياً بسبب الاوجاع التي يعانون منها".
وأشار إلى أن "الأونروا أدارت ظهرها لهذه العائلات رغم التحركات، وتجاهلت المطالب المستحقة وكانت الإجابة طفيفة لا ترتقي الى مستوى الطموحات، مؤكداً أن موضوع استكمال اعادة الاعمار هو موضوع اولوي، وهناك أناس دمرت بيوتها وأصبحوا بالعراء ولا تعرف متى تنتهي الاونروا من اعمار بيوتهم؟؟".

وأكد مسؤول اللجنة ابراهيم عثمان في حديثه لوكالة القدس للأنباء، أننا "سنستكمل التحركات الاحتجاجية بطابع شعبي وعفوي وبرد فعل جماهيري بسبب الضائقة التي يعاني منها الاهالي، وسوف يتم المتابعة على قدم وساق مع الأونروا وسوف نتجه الى التصعيد"، لافتاً الى أنه حصل في مخيم نهر البارد في 15 كانون الثاني الفائت لقاء شعبي نتج عنه لجنة متابعة من الفصائل والمجتمع المحلي والفعاليات والحركات الموجودة داخل المخيم، ونحن سنكون ضمن هذا الاطار في اي قرار او تحرك.
هناك 900 عائلة تحتاج لبيوتها
ونوه الى أن العائلات ستتابع ولو بمفردها موضوع استعادة بيوتها لانها لا تستطيع الانتظار اكثر، قائلاً: "من جانبنا هناك هدوء بالنسبة للتحركات افساحاً في المجال لعمل اللجنة المنبثقة عن اللقاء الشعبي، لكن العائلات لن تصبر والموجوع لا ينتظر".

وتمنى عثمان "من الجميع ان يشاركوا بالتحركات لتحقيق كل مطالب شعبنا لأن الاهالي شبعت وعود ومماطلة، مشيراً الى ان "الظروف ضاغطة جداً وقاسية واجبرت الناس للخروج للشارع والاعتصام بشكل سلمي لتقول للاونروا ان هناك 900 عائلة في مخيم نهر البارد تحتاج الى بيوتها".
وقال إن " 70% من المخيم قد تم إعادة اعماره، لكن هناك حوالي ما يقرب من 900 عائلة، و 1000 وحدة سكنية لم يتم اعمارها بعد، وهناك 900 عائلة ما زالت بانتظار بيوتها مرمية بالعراء، والاونروا اوقفت عنهم بدل الايجار حوال 8 سنوات، ولا تقدم لها اي تقديمات اخرى، صحيح أن 75% من الاهالي حصلوا على بيوتهم ولكن ماذا عن مصير المتبقين، أيعقل 16 سنة مرت دون ان تعرف هذه الاهالي ما هو مصيرها".
محمد ديب: كلنا على صفيح ساخن
اللاجئ الفلسطيني محمد ديب، ممن ينتظرون العودة الى بيوتهم، يسكن في منزل مستأجر منذ أن دمر بيته عام 2007، ويقول إن معاناته وأمثاله من الأسر الفلسطينية تضاعفت بشكل كبير خلال تلك السنوات، في ظل تسويف وتقصير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
ويضيف ديب، أن جميع القوى والمؤسسات تعلم وتدرك الأحداث التي مر بها المخيم، والحرب التي لا علاقة لنا فيها، "فقد دفعنا ثمنها من أموالنا وبيوتنا وها نحن مهجرون قسريًّا".

وأوضح أن "الأونروا" بدأت بتقليص خدماتها وتتنصل من مسؤولياتها شيئًا فشيئًا بعد أن أوقفت برنامج الطوارئ منذ عدة سنوات، وتركت العائلات التي لم تُعمّر بيوتها إلى مصير المجهول. وقال ديب: "نمر بضائقة صعبة وقاسية جدًا، وكلنا يعرف الوضع الفلسطيني في لبنان بشكل عام وفي مخيم نهر البارد بشكل خاص، والحالة العسكرية المفروضة عليه والصعوبات التي يواجهها"، مشيراً إلى أن تلك المعاناة تضاعفت مع تراجع الأعمال بسبب الوضع الاقتصادي الراهن.
وأردف بالقول: "من كان يملك مالًا دفع إيجار بيته شهرا أو شهرين، أصبح بعد نحو ستة أشهر غير قادر على تلبية متطلبات حياته وإيجار بيته"، لافتًا إلى أن الكثير من العائلات تحت تهديد مالك البيت على أرصفة الشوارع، "الوضع أصبح لا يطاق، والكل على صفيح ساخن".

وأشار ديب، إلى أن أهالي المخيم تواصلوا مع المعنيين؛ "إلا أننا وكالعادة جوبهنا بالتسويف والحجج والذرائع التي لا نهاية لها".
وكانت عائلات مخيم نهر البارد التي لم يتم إعادة إعمار منازلها بعد، قد عقدت إجتماعا لها، أمس الأول (الاثنين 30/1)، في قاعة الحاجة أم الفهد كنعان رحمها الله، إستعرض الحاضرون خلاله تحركاتهم المطلبية السابقة الناتجة عن ظروفهم المأساوية التي لم تتوقف عن التفاقم سوءا منذ بدء نكبتهم قبل 16 عام، مع غياب أي تاريخ محدد لانتهاء عملية إعادة الإعمار وانتهاء مأساتهم.
