وكالة القدس للأنباء - متابعة
فتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بابًا جديدًا من الجدل الواسع داخل الأوساط الفلسطينية بعد قرار “غريب ومُفاجئ” بجباية “شيقلاً” واحدًا يُضاف للفواتير الشهرية لمشتركي خدمة الهاتف الثابت والمتنقل، بدعوى أن هذا “الشيقل” سيوجه لدعم مدينة القدس المحتلة وسكانها.
القرار الذي جاء وفق مراقبين وخبراء ومحللين بأنه “سرقة للمال العام”، تحت ذرائع وطنية وسياسية، لا يزال يثير الجدل داخل الضفة المحتلة، فيما تخطى جدله الانتقادات والاتهامات للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها بالفساد وتقصيرها في دعم مدينة القدس، حتى وصلت للتهديد بالتوجه للمحاكم والقضاء.
وأصدر عباس قبل نحو أسبوع قراراً يقضي بإضافة شيقل واحد على فواتير الاتصالات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين وقطاع غزة، لـ “دعم المشاريع التنموية في القدس".
وينص القرار على إضافة شيقل واحد على كل فاتورة اتصالات (خطوط الهواتف النقالة، خطوط الإنترنت، خطوط الهاتف الثابت).
ومن شأن إضافة شيقل واحد على كل فاتورة اتصالات جمع أكثر من خمسة ملايين شيكل شهريًا، أي بواقع 60 مليون شيقل سنويًا.
ووفق القرار، سوف يتم تحويل هذه التبرعات إلى حساب خاص لدى البنك الإسلامي في جدة، ويتم تخصيصها للصرف على المشاريع التنموية في القدس، وفقا للأولويات المعتمدة بقرار من مجلس الوزراء برام الله.
وطنية بطعم الفساد
النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة، عد قرار عباس بجباية شيقل واحد يضاف للفواتير الشهرية لمشتركي خدمة الهاتف الثابت والمتنقل، بدعوى دعم القدس المحتلة “نهبًا للمال العام".
وقال: “إن رئيس السلطة ذهب إلى فرض ما يريد بعيدًا عن القانون الأساسي، وفي غياب المجلس التشريعي”، مبينًا أن القدس ليست بحاجة إلى أموال من المواطنين، لأن السلطة لديها موازنات خاصة للمدينة المقدسة.
ولفت إلى أن شركات الاتصالات تربح ملايين الدولارات من المواطنين، والضرائب التي تدفعها أقل من المطلوب منها، والأصل أن تمول هذه الحملات والمبادرات، مشيرًا إلى أن استقطاع مبالغ من المواطنين يُعد استغلالا من الشركات، وهو أمر غير مرحب به شعبيًا ووطنيًا.
من جانبه اعتبر المحلل السياسي عزام أبو العدس، قرار الرئيس عباس المذكور آنفاً، يشكّل وجهاً جديداً من أوجه فساد السلطة، وهذه المرّة جاء “مغلفاً بالعاطفة”..
ونوّه إلى أن قرار إضافة شيقل واحد على فاتورة المواطنين، لا يؤثر عليهم فعلياً، لكن ردة الفعل السلبية من قبل المواطنين تجاه القرار، نابع من وجود أزمة ثقة بين السلطة والمواطن..
توجه للمحاكم
وفي تطور ملفت للقرار أخطر المحامي سعدي عطا الله، شركة “جوال” برفع دعوى قضائية اعتراضًا على قرار اقتطاع رسوم مالية من فاتورة هاتفه، دون الحصول على موافقة مكتوبة منه.
وجاء في الإخطار: “نحن لسنا ضد دعم أهلنا في القدس المحتلة، ولن نبخل عليهم بدمائنا، ولكنني أخطرك أيها المخطر إليها بالرجوع إلى التعاقد الموقع بيني وبينكم فيما يتعلق بعقد ملكية الشرائح، حيث لا يوجد أي بند يخولكم إضافة شيقل أو أي مبالغ مالية، أو أي خدمات دون موافقتي.. والقرار الرئاسي يلزمكم أنتم بصفتكم شركة أيها المخطر إليها”.
وطالب عطا الله شركة “جوال” بعدم إضافة أي مبالغ مالية إلى أي من أرقامه المسجلة، محذرًا بأنه سيتخذ المقتضى القانون المطلوب بحق الشركة لإلزامها دفعَ أي مبالغ يتم إضافتها ومطالبتها بالتعويض وبكل الوسائل القانونية.
وحسب بيانات رسمية، فإنّ عدد فواتير الاتصالات الثابتة والمتنقلة بلغ حتى نهاية العام الماضي نحو 1.1 مليون فاتورة.
ويتوزع هذا الرقم بين قرابة 474 ألف خطٍّ ثابت، إلى جانب 627 ألف خطِّ هاتف متنقل بنظام الفاتورة، تتوزع بين شركتي جوال وأوريدو.
بذلك، يبلغ المتوسط الشهري للمبلغ الناتج عن إضافة شيقل واحد على الفواتير، نحو 1.1 مليون شيقل، أي قرابة 13 مليون شيقل سنويًّا، بناء على عدد الفواتير للهواتف الثابتة والمتنقلة.
وأمام هذا الملف المثير للجدل تبقى التساؤلات الأبرز.. لماذا لجأ عباس لهذا القرار؟ وهل القدس فعليًا بحاجة لشيقل من الفلسطينيين؟ وأين سيذهب هذا الدعم؟