/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

نموذج للواقع الفلسطيني المؤلم

عائلة جمعة في "الجليل"... المرض يستوطن منزلها ولا معين!!

2016/05/20 الساعة 09:49 ص
العائلة الفقيرة في مخيم الجليل
العائلة الفقيرة في مخيم الجليل

وكالة القدس للأنباء – خاص

بين أزقة مخيم الجليل في بعلبك ألف حكاية وحكاية، حكاية شعب حُرم من أرضه في فلسطين وفُرض عليه العيش المر في الشتات، فهو يعاني الفقر والحرمان، وندرة فرص العمل، كما يعاني المرض والأزمات المتعددة.

عائلة "جُمعة" الفلسطينية المؤلفة من ست إناث وثلاثة شباب، نموذجاَ، حيث يستوطن المرض منزلها المتواضع، فخطف عافية الوالدة وثلاثة شباب وفتاتين.

تعيش هدى جُمعة، مع والدتها المُسنّة، التي تعاني منذ فترة طويلة من مرض السكري والضغط، وكانت قد أجرت من قبل عملية القلب والمرارة، أما الأخ الأكبر عزيز فقد أرهقه مرض السرطان منذ حوالي ثلاثين عاماً، فخطف ريعان شبابه، في سن الواحد والعشرين،  فأقعده عن العمل، مرض السرطان أصاب القولون، فإضطر حينها إلى إجراء عملية إستئصال المصران، بل وأجبره المرض اللعين إجراء عملية تحويل للمخرج منذ سنتين، فيقضي وقته الآن في الفراش.

وقائع تكشف حجم مأساة العائلة

ولم تتوقف المعاناة هنا، بل أخذ الإبن الأصغر يوسف نصيبه منها، يوسف الذي يعاني من مرض الأعصاب منذ طفولته، حُرم من ممارسة حياة طبيعية.  وقد روت هدى لـ"وكالة القدس للأنباء" تفاصيل المعاناة التي يعيشونها  فقالت: "إخواتي الشباب الثلاثة معطوبين، محمد  أخوي المتزوج، بيعاني كمان من سرطان القولون، وعمل عملية إستئصال المصران، ومن أربع سنين صار عندو وهن عضلي، وصل لمرحلة صار يأخد الأكل بالشلمونة وما يقدر يوقف على إجريه، بس هلّق الحمدلله وضعو أحسن شوي وأختي ناديا المتزوجة لها كمان نفس القصة مع السرطان، والحمدلله على كل شي.."

تعيش عائلة "جمعة" في منزل مؤلف من غرفة، مطبخ وحمام، وهم بالكاد قادرين على تأمين قوت يومهم، فعزيز، الإبن الأكبر كان يعمل في معمل للسكاكر، ولكن المرض أتى ليسلب منه عزمه وقوّته، فلم يعد بإمكانه العمل، أما محمد، الإبن المتزوج، فقد كان ممرضاَ في مستشفى الأمل الجامعي، وبمعاشه الشهري كان يعيل أسرته وأهله قبل أن يقرع السرطان باب منزله.

وأضافت هدى والدمعة تترقرق في عينيها: " أنا كنت أشتغل بالكنفة، بس لمّا صابني مرض السكري، ضعف نظري، وما عاد أقدر أشتغل، وهلّق أختي فتحية، بتقعد بمحل سمانة لوحدة من إخواتي، بتعطيها بالشهر 100$  والأجاويد (أهل الخير) بيعطوا الحجّة إشي عشرين وإشي خمسين."

الحاجة أم عزيز فتحت قلبها لنا فقالت بحرقة: " بناتي وضعن على قدّن لا فيهن يعطونا ولا نعطيهن، كل وحدة فيهن عندا عيلة كبيرة ما شاء الله"، وقاطعت هدى والدتها فقالت ممازحة : " بتعرفي الفلسطينية بيحبو يجيبوا ولاد كتير."

مشكلة تأمين الدواء

وفي ظل السياسة الحالية لـ "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين- الأونروا"، التي تهدف إلى تقليص خدماتها الإجتماعية والإستشفائية، علت صرخة الفلسطينيين معترضةً على هذا القرار، فعائلة جمعة تستفيد من الإعاشة والتي توزّع على العائلات الفلسطينية كل ثلاثة شهور، أما من الناحية الإستشفائية أشارت هدى في حديثها: "أخواتي عزيز ومحمد بدّن 600,000 ل.ل بالشهر بس أدوية، والأونروا بتساعد عزيز بشي بسيط، بس محمد صرلو 5 سنين مقدّم وراقو  للأونروا، وبعدن عم يبحثوا وضعو، كل يوم بيقولوا جيبوا أوراق شكل وناطرين الفرج، ويوسف بدو 100,000 ل.ل بالشهر لدواء الصرع، وأنا وإمي كمان بدنا دواء دائم للضغط والسكري، أمراض العصر."

تعيش العائلة في المخيم منذ تهجيرهم من فلسطين، فلم يتعرفوا على أي من الجمعيات اللبنانية التي تعنى بالشؤون الإجتماعية الصعبة، لهذا لم يتمكنوا من الحصول على أي مساعدة إنسانية، وقالت هدى: "منعيش على الخبزة والملح بس أهم شي الدواء لإخواتي، ولو بعرف جمعيات لبنانية، بروح على آخر الدنيا بقدّم أوراقي والإتكال على الله" وأًضافت أم عزيز: "المنظمات الفلسطينية ما بتتعرف على حدا، ولا بتسأل من وين إنتِ، وبتقلك ما في ميزانية"،  فيضطر عزيز إلى أن يستدين لتأمين ثمن علبة دواء أو ينتظر فاعلي الخير.

عائلة جمعة سئمت من الأشخاص الذين يقرعون باب منزلهم، يُعدوّن التقارير عن حالتهم الصعبة، يدونون المعلومات المهمة، ويرحلون دون أي رجعة وهم على هذه الحالة منذ سنوات عدّة. تحتاج العائلة إلى الدواء الدائم كي تستطيع أن تكمل مسيرة الحياة، وبين غياب المنظمات الفلسطينية عن تقديم العون، وتقلص الخدمات الإستشفائية من قِبل الأونروا، تنتظر العائلة أولاد الحلال لتقرع بابها وتمد يد المساعدة لها.

فهل هناك من يرى أو يسمع؟؟

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/93009

اقرأ أيضا