/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

أهالي "البارد" بعد 9 سنوات على نكبتهم : تأخير المعالجات الجدية يرهقنا

2016/05/20 الساعة 07:11 ص
أثار الدمار في مخيم نهر البارد
أثار الدمار في مخيم نهر البارد

وكالة القدس للأنباء – خاص

تسعة أعوام مرَت على تدمير مخيم نهر البارد الواقع شمال لبنان، ومعاناة أهله مستمرة، سواء لناحية إعادة الإعمار أو لناحية ضيق الوضع الإقتصادي والأزمات المعيشية، فالمخيم القديم شهد إعمار ما نسبته 45% منه، والمخيم الجديد مازال ينقصه الترميم والتعويض بخاصة على المحلات التجارية التي أحرقت ودمرت، إضافة إلى الواقع الصعب الذي يعيشه عدد غير قليل في "البركسات".

"وكالة القدس للأنباء" جالت في المخيم، والتقت عدداً من القيادات وأعضاء اللجان الشعبية والمواطنين، للوقوف على واقع المخيم ورؤيتهم للمعالجات المطروحة ومطالبهم.

فقال أمين سر الفصائل الفلسطينية في الشمال، والقيادي في "حركة الجهاد الإسلامي"، بسام موعد: "منذ اللحظات الأولى للمأساة، وعندما أعلن مخيم نهر البارد منطقة منكوبة أدركنا أننا مقدمون على خطر الواقع السكاني والأهلي والإجتماعي، فبعد تسع سنوات كاملة من المعاناة مازال ثلثا السكان خارج بيوتهم موزعين بين المخيم وجواره، وبين البركسات والبيوت المستأجرة، وهذا يلزمه إمكانيات هائلة لا طاقة للطرف الفلسطيني ولا الدولة المضيفة بتحملها".

 

المعاناة تزداد يوماً بعد يوم

وتابع:"إن ظروف العمل شبه معدومة، وقد اعتاد عليها الأهالي، كالنجارة وصناعات صغيرة ومهن وحرف كلها كان الجوار اللبناني يعتمد عليها، فلم تعد قائمة بعد التدمير الكامل للمخيم عام 2007، وبهذا تزيد البطالة وعدم الاستقرار النفسي وبالتالي استمرار المأساة".

أما بخصوص زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للمخيم، فإنها يجب أن تثمر تمويلاً للإعمار وتعويضاً للأهالي بشكل كامل، وقد وعد بإطلاق نداء وإلا عددناها في سجل الزيارات المعنوية أو السياسية، كما أن قضية بدلات الإيجار لـ1886 عائلة هي في غاية الأهمية، وقد أوقفتها "الأونروا" بحجة لا تمويل لهذا الجزء، والوكالة تعاني عجزاً مالياً وأن  معاناة السكان في المخيم تزيد يوماً بعد يوم، خصوصاً إيقاف التغطية الصحية، فلم تنتف الأسباب وخصوصاً أن نهر البارد منطقة عسكرية ولم يعد المخيم مزدهراً بتجارته كالسابق".

وأشار موعد: "الآن تدور معركة الحقوق مع "الأونروا" في مخيمات لبنان بسبب تقليص الخدمات، وأما نهر البارد يخوضها منذ تسع سنوات معها، لتقصيرها في الخدمات وتأخير الإعمار، وتخليها عن برنامج الطوارئ، وممارسة موظفيها في مشروع الإعمار البلطجة في عدم إيجاد حلول إشكالات الإستئناف والتحكيم، بالإضافة إلى الهدر المالي في مشروع إعمار المخيم، وتملصها من الشراكة والإطلاع على دفتر الإلتزامات ولهذا الحديث طوي".

من جهته عضو اللجنة الشعبية جمال أبو علي، رأى أن "أول مسألة إيجابية هي أن عدداً كبيراً من الأهالي استلم منازلهم بحدود 45% من سكان المخيم القديم، والعمل جرى سواء كان من القيادة المركزية، وخلية الأزمة، واللجنة الشعبية، للقيام بعدد من الجولات والإعتصامات ورفع المذكرات للدول المانحة بضرورة توفير الأموال لإستكمال إعمار ما تبقى من المخيم، والإسراع في الأعمال، ونحن في اللجان الشعبية لسنا راضين عن عملية التأخير التي حصلت، وذلك بسبب  التقصير من الدول التي وعدت بأن استكمال إعمار كل  المخيم  في مدة أقصاها عام 2015."

 

مشكلة البطالة والإيجارات

وشرح أبو علي الحالة الإجتماعية والإقتصادية في المخيم، فقال: "يعاني أبناء المخيم ظروفاً صعبة جداً من حيث تدمير الحالة الإقتصادية، وعدم فتح أبواب المخيم للقرى والمناطق المحيطة، حيث كان المخيم قبل الحرب مفتوحاً على الجوار وكان ذلك ينعكس إيجاباً على الحركة الإقتصادية التبادلية، ولكن الآن مخيم نهر البارد يعاني من البطالة، فهي مرتفعة بنسبة عالية، لعدم توفير فرص عمل لأبناء شعبنا، وهذا ينعكس إضافة إلى كافة المخيمات، سلبياً بحكم الإجراءات التعسفية من قبل الحكومة اللبنانية، التي تضع  قيوداً صعبة بحق اللاجئين الفلسطينيين".

وعن بدل الإيواء للعائلات التي لم تستلم منازلها بعد، قال:"إن نسبة 1800 عائلة في  مخيم نهر البارد تعاني من هذه الأزمة بسبب عدم توفير بدل الإيجار لمنازلهم المهدمة، ما يضيف صعوبة بدفع الإيجار بعد تخلي "الأونروا" عن واجباتها بدفعه وإلغاء برنامج الطوارئ المتمثل بتقليص الخدمات الطبابة والإغاثة، بالإضافة إلى بدل الإيجار".

ولفت أبو علي إلى أنه "لدينا رأي واضح بعدم فصل المخيم القديم عن الجديد، وعلى "الأونروا" أن تتحمل مسؤولياتها، لأنها معنية بكل اللاجئين الفلسطينيين بغض النظر عن المناطق التي يسكنون بها".

وبخصوص الهبة الكويتية والمعلومات المتوفرة لدينا، أوضح: "إنها موجودة لدى الحكومة اللبنانية، وآلية الصرف تعود إلى الحكومة الكويتية التي منحت هذه الهبة للمخيم الجديد، وليس لأي طرف آخر، فقط يمكن التنسيق مع السفارة الفلسطينية والحكومة اللبنانية مجتمعين، ويعود القرار النهائي للدولة المانحة التي وهبت المبلغ".

وأضاف:"نحن لن نتفاءل خيراً حتى اللحظة بإستجابة "الأونروا" للتراجع عن قراراتها بحكم الإتصالات والمفاوضات وتشكيل اللجان، وحتى الآن لم تبد أي استعداد جوهري للتراجع عن قراراتها".

ووصف زيارة مون للمخيم، بأنها إيجابية بالمعنى السياسي والمعنوي، والمشاهدة بأم العين الظروف التي يعاني منها أبناء المخيم،  وممكن أن تكون للزيارة إيجابية واحدة، وهي إطلاع الأمين العام على سير الأعمال، ووجود بطء في عملية الإعمار، وكما علمنا أنه جاد لعقد مؤتمر للمانحين لتوفير الأموال خلال الشهر الحالي".

 

المطالبة بالعودة إلى المنازل

أما مسؤول الحراك الشعبي في مخيم نهر البارد محمد ميعاري فأكد:"إن الحياة معدومة بسبب نكبة مخيم نهر البارد"، وتابع:"بسبب حالة الطوارئ والحواجز أصبح الوضع الإقتصادي صعباً ومنهاراً، والمخيم منعزلاً عن الجوار، ما أدى إلى إرتفاع نسبة البطالة، بالإضافة إلى أن الإعمار في المخيم القديم ليس كما وعدتنا الحكومة اللبنانية، والدول المانحة، فقد تم وعدنا بمخيم نموذجي فأين القائمين على ملف إعمار مخيم نهر البارد من تحقيق هذا الوعد، وكذلك البطء في عملية الإعمار نتيجة بعض الأشخاص المستفيدين على حساب أهلنا في  المخيم، وعدم التعويض على المخيم الجديد حتى اليوم".

وتابع ميعاري:"لا أتوقع شيئاً بعد زيارة مون، لأننا تلقينا وعوداً كثيرة وبدون نتيجة، وقضية مخيم نهر البارد سياسية بإمتياز والمعاناة تتلخص اليوم في تقليصات "الأونروا" من الإستشفاء والطبابة  والتعليم وإلغاء حالة الطوا رئ عن المخيم، وعدم دفع بدلات الإيجار للأهالي، وأهم بند هو توفير الأموال وإنهاء إعمار كل المخيم وإقفال ملف مخيم نهر البارد".

ويقول عضو "تجمع المخيم الجديد" حاتم الأسدي :" بخصوص السكان وبعد مرور 9 سنوات، على تدمير مخيم نهر البارد، نرى أن الايجابية الوحيدة عودتنا لبيوتنا، أما الأمور الأخرى لا تقدم ملموس من ناحية الدورة الاقتصادية والمحلات التجارية بالكاد أصحابها يؤمنوا المصاريف الأساسية من إيجار واشتراكات، هناك استغلال لبعض العمال في مشروع إعمار المخيم من قبل أرباب العمل".

وأضاف: "الإعمار في المخيم يسير ببطء والمصيبة الكبرى توقيف برنامج الطوارئ والذي تتحمله المرجعية الفلسطينية، والتي فرطت بقبولها ببرنامج العسر، والذي كان من المفروض رفضه لحين إعمار آخر بيت ودفع التعويضات للمخيم الجديد".

وعن الوضع في المخيم بعد زيارة مون، قال الأسدي: "كان من المفروض أن يقابله أصحاب الوجع، وكان من الواجب ممن جلس معه أن يذكر بأن هناك سكان المخيم الجديد لهم تعويضات مقررة بمؤتمر فيينا 2008، وقدرت لهم تعويضات حسب خطيب وعلمي وقدرها 122 مليون دولار، الملاحظ هناك تحويل بالتعامل من الإنسانية إلى التعامل بحسابات حسابية للأونروا، فيجب على الدولة المضيفة التدخل لصالح شعبنا لأن قضيته طالت والحرمان من العيش بكرامة ظلم ."

 

نكبة المخيم ولدّت نكبات عدة

أما المواطن أبو جهاد علي فيقول: "إن نكبة 2007 ولدت نكبات في المخيم، فعلى الصعيد الاجتماعي والنسيج الاجتماعي الذي كان قبل 2007 تغير، اليوم يوجد تفكك أسري، وفقدان السيطرة على الأجيال، أما الجانب الاقتصادي فنسبة البطالة مرتفعة، وانحسار الموارد التي كانت تأتي إلى المخيم، كما أننا نعيش في دائرة مغلقة، حيث أن المخيم يبيع ويشتري لبعضه البعض بعكس ما كان المخيم  في السابق من سهولة في الحركة والتجارة لكل الجوار، فاليوم نعيش حالة أمنية لا تساعد على التجارة والاستقرار،  بالإضافة إلى فقدان المرجعية الصالحة لقيادة الشعب الفلسطيني، حيث أن كل طرف يشد لمصالحه مما يفتح المجال لظاهرة المؤسسات واللجان، وهذه اللجان عمقت الفتن وأصبح المخيم الجديد والقديم "برايمات" بدل من أسماء القرى الفلسطينية."

ويقول المواطن عمر أبو نعاج: "إن الوضع بعد مرور تسعة سنوات يسير من سيء إلى أسوء، فبدل أن يصبح المخيم مزدهراً في الإعمار والاقتصاد، أصبح في حالة الصفر، ما أدى إلى هجرة عدد من الأهالي إلى خارج المخيم ولبنان، وباعوا كل ما يملكون وخاطروا في أرواحهم  بسبب الوضع  الصعب الذي يعاني منه المخيم."

أما المواطن خالد أسعد فيقول: "بعد الحرب على مخيم نهر البارد عام 2007 تراجعت الحركة الاقتصادية في المخيم، وانتشرت البطالة في المخيم بين الشباب، كما أن معاناة الأهالي اتسعت مع الأونروا من خلال إلغاء حالة الطوارئ، من دفع بدل الإيجارات والطبابة، وانتشار الأنانية بين الناس، حيث تنتشر اللجان في المخيم لمصالح شخصية من أجل الوصول إلى مبتغاها، وأكبر دليل الهبة الكويتية وهي مقررة منذ تسع سنوات للأبنية المهدمة بشكل كلي وهناك من يحاول تغيير مسار صرفها إلى التعويض عن بدل الأثاث والسيارات المحروقة والمزروعات، وهذا يجعلنا في مواجهة بعضنا البعض بدل أن نكون موحدين في مطالبنا، ومن هنا نطالب الجهات المسؤولة أن تصرف المنحة في المسار الصحيح وهي الأبنية المهدمة، لأنه ما زال هناك ديون على أصحاب الأبنية المهدمة من جراء إعادة إعمار منازلهم على حسابهم الشخصي."

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/93000

اقرأ أيضا