وكالة القدس للأنباء – خاص
بعد المأساة المروعة التي لحقت بعائلة الهندي في قطاع غزة المحاصر، والتي أودت بحياة ثلاثة أطفال، انشغلت الأوساط الإعلامية في القطاع أمس، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، بمزيد من أخبار الحرائق، التي تنوعت بين مؤكدة وأخرى ثبت أنها مجرد إشاعات.
من الأخبار المؤكدة، إقدام سائق (يمتلك سيارة جل بيضاء)، حوالي الساعة الخامسة عصراً، على إشعال النار في نفسه، وسط مدينة خان يونس، بعد أن سطَّر عناصر من الشرطة محضر مخالفة بحقه، وقد تمَّ نقله بداية إلى مجمع ناصر الطبي، ومن ثم إلى مستشفى الشفاء، نظراً لخطورة إصابته.
وبعد حوالي ساعة من ذلك، أقدم شخص آخر على إشعال النار في نفسه، في مفرق السرايا غرب مدينة غزة، وتمَّ نقله أيضاً إلى مستشفى الشفاء.
وأكدت مصادر في الدفاع المدني في غزة حدوث الإصابتين، وأنّ الشخصين قد أقدما بالفعل على إحراق نفسيهما.
ومما هو مؤكد أيضاً حدوث حريق في منزل هيثم إبراهيم أبو عاصي، في منطقة الزنة، شرق خان يونس، حوالي الساعة العاشرة ليلاً، أسفر عن خمسة إصابات، بين طفيفة ومتوسطة، تمَّ نقلهم إلى مستشفى غزة الأوروبي.
وفي حين أكدت مصادر في الدفاع المدني أن الإشارة الأولى التي تلقتها تفيد بإقدام أبو عاصي على إحراق نفسه وأبنائه، في صالون المنزل، نفت مصادر في داخلية غزة ذلك، وأكدت أن الإصابات نجمت عن اشتعال حريق تسببت به شمعة.
كما شب حريق آخر، في شارع الجلاء وسط مدينة غزة، حوالي منتصف الليل، في منزل مواطن من آل العجلة، بسبب شمعة، أيضاً، ما أدّى إلى وقوع إصابة واحدة، وصفت بالطفيفة.
وفي نفس الوقت تقريباً، سرت إشاعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بإقدام مواطن ثالث على إحراق نفسه أمام مقر وكالة الغوث، في شارع النصر وسط مدينة غزة، ليتبين لاحقاً أن الخبر مجرد إشاعة.
إن مسلسل الأخبار والإشاعات، بشأن "الحرائق" المتنقلة، والمتعددة الأسباب والنتائج، والتي تملأ وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، تؤشر لعمق الأزمة الإجتماعية والإقتصادية الحادة التي يعيشها قطاع غزة المحاصر منذ سنوات عدة. وتكشف حجم المأساة التي يتخبط بها الغزيون جراء استمرار الحصار الظالم الذي يفرضه العدو الصهيوني وانعكاساته الخطيرة على كل مناحي الحياة لنحو مليوني مواطن غزي. وفاقم العدوان الصهيوني الغاشم صيف العام 2014 وما خلفه من دمار وتهجير وانقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي ونقص في كل الحاجيات الأساسية والضرورية، أزمة الغزيين ومعاناتهم...
وبهذا المعنى فإن العدو الصهيوني الذي يُطبِق على القطاع، ويحول دون وصول مواد البناء والإعمار، ويمنع مد القطاع بوسائل الطاقة يتحمل المسؤولية الأولى والأساسية عن كل المآسي التي يتخبط فيها الغزيون، وبنفس القدر يتحمل المجتمع الدولي - الساكت عن الشر الصهيوني الدائم – المسؤولية الكاملة إلى جانب حكومة العدو، وهو الذي يغطي اعتداءات "إسرائيل" الدائمة على القطاع، ويمنع إدانة ممارساتها وحصارها في المحافل الدولية..
ومما لا شك فيه، فإن استمرار إغلاق معبر رفح، واستفحال الإنقسام المستعصي بين حركتي فتح وحماس للعام الثامن على التوالي، يقدم للعدو الصهيوني المبررات التي يحاول من خلالها رمي كرته العدوانية الملتهبة إلى الملعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق، وفي حضرة جرحى الحرائق المتنقلة، ليس من المفيد على الإطلاق تراشق جناحي السلطة في غزة ورام الله الإتهامات والمسؤوليات عما يجري في القطاع، لان هذا التراشق وبالشكل الذي تعكسه بعض وسائل الإعلام والعديد من مواقع التواصل الإجتماعي، وما يتركه من آثار سلبية على وحدة المجتمع الفلسطيني، يصب في مصلحة العدو الذي يحاول استثمار حصاره الظالم ونتائج عدوانه الكارثية لتأليب الرأي العام الفلسطيني، وتعميق الإنقسام، وصولا لتحميل القوى المقاومة الفلسطينية مسؤولية الواقع المزري الذي يكرسه الحصار الصهيوني الظالم.
لذلك فإن المطلوب اليوم تضافر جهود كل القوى الفلسطينية، وخاصة حركتي فتح وحماس والعمل بكل جدية ومسؤولية لإزالة كل المعوقات، وسحب كل المبررات التي تحول دون فتح معبر رفح بشكل دائم، وممارسة كل أشكال الضغط لفك الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة.