/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

ديما الواوي.. زهرة في ربيع "انتفاضة القدس"

2016/05/08 الساعة 07:43 ص
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

وكالة القدس للأنباء - خاص

بنظرات حادة يختلط فيها الحزن بالفرح، والضعف بالقوة، والبراءة بالعنفوان، انطلقت أصغر أسيرة في العالم، الطفلة الفلسطينية ديما الواوي (12 عاماً)، إلى خارج أحد سجون العدو الصهيوني، بعد نحو شهرين ونصف من الإعتقال، قضتها إلى جانب مئات الأطفال الذين يرزحون خلف قضبان القهر، بتهم تنفيذ عمليات طعن ضد الجنود والمستوطنين، وهم الذين قهروا جيش العدو وأجهزته الأمنية بسلاح بدائي، وزرعوا الرعب في مجتمع يتبجح القائمون عليه من قادة سياسيين وعسكريين بامتلاكهم ثالث أكبر قوة عسكرية في العالم، واختبأوا لعقود من الزمن خلف وهم "الجيش الذي لا يقهر"...

ديما الواوي، إبنة الجيل الفلسطيني الجديد، جيل إنتفاضة القدس، الخارجة من الأسر بعد شهرين ونصف من الإعتقال، تركت خلفها مئات الأطفال الأسرى، الذين أضاؤوا عتمة السجون والمعتقلات، ببراءتهم، وحولوا الزنازين الموصدة وباحات السجون إلى فصول لصقل الإرادة وتعزيز الثقة بقدرتهم التي تفجرت حقدا وغضبا على المغتصبين الصهاينة الذين استباحوا الأرض ودنسوا المقدسات، ووضعوا المخططات لتهويد المسجد الأقصى، وطاردوا أبناء الأرض واقترفوا المجازر التي لم تستثن الأطفال والنساء من محمد ابو خضير الى عائلة الدوابشة...

ديما الواوي، التي تنسمت عبير الحرية، لم تلتفت إلى الوراء كانت تنظر إلى الأمام بهامة عملاقة وجبهة مرفوعة حيث استقبلتها العائلة بمشاعر اختلطت فيها دموع الفراق بابتسامات وفرح اللقاء. رمت ديما بجسمها المنهك بين أحضان والديها وكأنها تتطهر من عذابات السجن ومرارات الإعتقال...

خرجت ديما الى الحرية، اكثر إصرارا على استكمال رحلة بدأتها مع ابناء جيلها، حيث وجهت رسائل في كل اتجاه. دعت زملائها الذين تركتهم وراء القضبان للصمود والوحدة وعدم الضعف امام السجان، وقالت لمستقبليها انها اكثر تصميما على مواصلة مسيرتها لمواجهة المحتل الغاصب...

عبرت ديما بشجاعة لافتة عما يسعى إليه جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين الذين تداهم أجهزة السلطة الفلسطينية مدارسهم، تفتش في حقائبهم، بحثاً عن السكاكين الممنوعة من طعن الجنود "الإسرائيليين" في زمن التنسيق الأمني. ورغم ذلك يأبى الأطفال إلا أن تكون لهم بصمة بانتفاضة القدس، تاركين أحلامهم الطفولية التي تراود كل أطفال العالم وراء ظهورهم، لينشغلوا بما هو أهم، بالدفاع عن الأرض والمقدسات وعن حقهم في عيشة حرة كريمة فوق ارض لا استعمار فيها، فحملوا غضبهم متمثلاً بحجر يشقون به رأس العدو، ثم حملوا سكيناً علّها تكون أفعل.

يقفز أطفال فلسطين الذين ولدوا في ظل احتلال صهيوني غاشم، واعتداء يومي، وقتل ممنهجن ومجازر متنقلة، أثقلت على ذاكرتهم الغضة وطبعت في مخيلتهم صور القمع الوحشية والقهر الذي يلاحقهم منذ تفتح وعيهم، ليجدوا انفسهم في قلب الدائرة المشتعلة مع كل انتفاضة شعبية ضد العدو الصهيوني... فهم اطفال الحجارة... وهم اطفال السكاكين.. وهم ابطال انتفاضة القدس...

ديما الواوي، هي الإسم الحركي لكل أطفال وفتية فلسطين، أطفال الانتفاضة الذي يصوغون الوعي الفلسطيني الجديد الحقيقي غير القابل للتزييف والتغييب، ولن تستطيع كل أدوات القمع الممنهجة والعنف والقهر قتل الروح المعنوية العالية لدى الجيل الفلسطيني الجديد.

إن يوميات الإنتفاضة وهي تدخل شهرها الثامن، وصور المواجهة المتنقلة بين المدن والقرى الفلسطينية في الضفة المحتلة وعند حدود القطاع المحاصر وفي قلب الارض الفلسطينية المحتلة عام 48، صنعت لعنفوانهم درعاً لا يخترقه رصاص القهر، ولا تضعفه كل الحروب النفسية... انهم يكتبون فصلا جديدا من فصول المقاومة وربيعها الدائم التي لن تسقط رايتها حتى تندحر الغزوة الصهيونية وينبلج فجر الحرية لكل فلسطين...

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/92332