وكالة القدس للأنباء - خاص
شكلت "الأرض" أحد أهم الركائز الاستراتيجية لعمل ودعوة الحركة الصهيونية، فقامت بترجمتها ميدانياً قبل وأثناء وبعد اغتصابها فلسطين، فهي اعتمدت ما أدعته "أرض الميعاد" لتسويق سيطرتها على "الأرض التي اختارها الرب لشعب اسرائيل"، وأطلقت عليها تسميات عدة تستند كلها لمزاعم وأساطير واهية لتكريس الهيمنة والاستحواذ على الأرض الفلسطينية والعربية، فهي بداية لم ترسم لها حدوداً، معتبرة أن كل أرض تدوسها أقدام الصهاينة هي ملك لهم، فأرض الميعاد في نظرهم ووفقاً لسفر التكوين لا تقتصر على أرض فلسطين، بل تمتد إلى كل المساحة الممتدة ما بين النيل والفرات "لنسلك أعطي هذه الارض من مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات".
وطبقاً لهذه النظرية، لم يتوقف الكيان الصهيوني منذ نشأته عن التوسع وقضم أراض بخاصة في ما سمي "دول الطوق"، فبعد أن مدَ أذرعه لمصادرة الأراضي في كامل مناطق فلسطين، واحتلال الضفة وقطاع غزة، حاول أن يبسط سيطرته على جنوب لبنان وينفذ خطة استيطانية كبيرة إسوة بما فعله في الضفة المحتلة، وكذلك فعل في الأردن، وهو يحاول حالياً الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في أرض 1948 وخارجها.
ويحاول الصهاينة أن يبنوا مزاعمهم على ما يسمونه "الحدود الدينية الموعودة"، مستندين إلى "مملكة النبي داوود والنبي سليمان التي تمتد من جنوب لبنان إلى جنوب دمشق، فشرق الأردن وشرق معان وشرق العقبة على خليج العقبة، وفي الغرب من جنوب رأس النقب حتى شرق مدينة العريش".
وتشمل أيضاً الخط ما بين الفرات إلى وادي العريش، وبذلك يجمعون ما بين "الحدود التاريخية" و"الحدود المثالية"، وقد حاول بعض الحاخامات توضيح الصورة أكثر بالقول :"أن النصوص التي حددت ملك اسرائيل بفلسطين فقط تعد منحة منخفضة من الله لبني اسرائيل، ولكن هذا لا يعني أن هذه الأرض فقط هي حق اسرائيل، فحقهم أوسع من ذلك بكثير، فالله قد وعد اليهود وعداً مشروطاً ووعد الله المشروط لا يلغى أبداً، بل يحتفظ به لكي يتحقق في المستقبل".
غير أن كل الادعاءات والأوهام والنصوص المزيفة التي يحاول العدو تسويقها أو فرضها، فشلت أمام عوامل وحقائق الواقع، فالشعب الفلسطيني على امتداد أرضه، يفشل تنفيذ المشاريع والأطماع الصهيونية، كما أن المقاومة في فلسطين ولبنان لم تقف فقط حجر عثرة أمام التمدد الصهيوني، بل أجبرته على الانسحاب، والعودة إلى التقوقع خلف جدران "الغيتوات" استناداً إلى تجاربه في كل الدول التي عاش فيها في كل بقاع الأرض.