القدس للأنباء – خاص
انشغلت الصحافة اللبنانية على مدى اليومين السابقين بحدثين من ملف أمني واحد، وعلى مستويين: إخباري وتحليلي. الأول يتعلق بالفنان "التائب" فضل شاكر والمساعي الجارية خلف الأضواء "لتسوية" وضعه، وبالتالي خروجه من مخيم عين الحلوة، فيما الثاني يتعلق بحصر دخول المنقبات إلى المخيم المذكور بمداخل معينة كتدبير احترازي اتخذته المؤسسة العسكرية اللبنانية لمنع مغادرة شاكر المخيم "متنكرا بزي إمرأة منقبة".
ولو لم يكن مسرح الحدثين مخيم عين الحلوة، لغابت الأخبار الأمنية المتعلقة بالمخيمات الفلسطينية وبشكل نهائي عن وسائل الإعلام، بخاصة في ظل حالة الهدوء والإستقرار التي تنعم بها المخيمات إبتداء من "عاصمة الشتات" في ظل سياسة النأي بالنفس التي تتبعها الفصائل، والنجاح الملحوظ لتجربة القوة الأمنية المشتركة في عين الحلوة، التي حفَّزت المسؤولين الفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء لاستنساخ هذه التجربة في باقي المخيمات، ابتداء من المية ومية.
فجأة ومن دون مقدمات عاد فضل شاكر بنسخته الجديدة، ليخطف الانظار من بوابة الإعلان عن نيته تسليم نفسه للمراجع اللبنانية المسؤولة... بهذه المقدمة تناولت صحيفة "الديار" مسألة إعلان فضل شاكر نيته تسليم نفسه للمراجع اللبنانية المسؤولة "لتسوية" وضعه.
وأشارت معظم الصحف اللبنانية الى "المساعي الحثيثة" التي تبذل بعيدا عن الأضواء، لإخراج "تسوية"، تفتح الباب امام شاكر للخروج من مخيم عين الحلوة وإغلاق هذه الصفحة التي أساءت للمخيم.
وقد تفردت صحيفة "الديار" بنشر ما سمته بنود التسوية التي تعمل على انجازها اكثر من جهة وشخصية لبنانية وعربية لإنهاء ملف فضل شاكر، وتتضمن:
"- تسليم نفسه املا في تسوية وضعه الأمني في لبنان على أساس تحوله الى «شاهد ملك» في ملف عبرا.
- مغادرته الاراضي اللبنانية الى الخارج.
- الافراج عن أمواله المقدرة بملايين الدولارات بعد حجزها من قبل جهة سياسية نافذة في الدولة".
ونقلت "الديار" عن مصادر فلسطينية مطلعة على اجواء الاتصالات الجارية بين الجانب الفلسطيني والاجهزة الامنية اللبنانية، "ان الجانب الفلسطيني ينطلق في اتصالاته من ضرورة تجنيب المخيمات اي هزات امنية قد يتسبب بها لجوء بعض الفارين من العدالة اللبنانية الى داخل المخيمات، ما ينتج عنه احيانا خضات وتوترات في الاجواء بين المخيمات ومحيطها، خاصة في عين الحلوة، تذكر احيانا بما جرى في نهر البارد...
ولفتت صحيفة "البناء" إلى ان قرار "تبريد الأجواء الأمنية والسياسية داخل المخيمات الفلسطينية، ينتظر أن يشهد المزيد من الفعاليات التي تدعمه خلال المرحلة المنظورة". وتقول مصادر مطلعة للبناء "ان أبرز ما هو مطلوب لإنتاج حالة تحصين المخيمات يتمثل باتخاذ عدة خطوات منها تعميق الانسجام الأمني ضد تسرب الإرهابيين إلى داخل المخيمات بين الدولة اللبنانية وبين الفصائل الفلسطينية داخلها.
وحتى هذه اللحظة يوجد تقويم مشترك فلسطيني ولبناني بأن تجربة التنسيق الأمني بين الطرفين في مخيم عين الحلوة كانت إيجابية. وحالياً تبدي الفصائل الفلسطينية تعاوناً مسؤولاً مع الدولة اللبنانية بخصوص أنها تقوم بإطلاع الأجهزة الأمنية اللبنانية على كل عنصر يتم إلحاقه في القوة الأمنية في المخيمات الجاري العمل لتعميم تجربة إنشاء هذه القوة فيها.
أما الأمر الثاني الذي يحتاج لمعالجة جدية لإراحة الأجواء الأمنية في المخيمات فيتمثل بتسوية الأوضاع الأمنية لملف المطلوبين الذي سبق وبحثه ممثل "حركة الجهاد الإسلامي في لبنان" الحاج ابو عماد الرفاعي مع وزير العدل اللبناني اللواء أشرف ريفي، في اللقاء الذي جمعهما بوزارة العدل في الخامس من شباط الماضي.
وبالنسبة للإجراءات المتعلقة بتحديد معابر معينة للسيدات المنقبات، والإلتباسات المترافقة، أبلغ مسؤول العلاقات السياسية في حركة "الجهاد الاسلامي" في لبنان الحاج شكيب العينا صحيفة "الراي" الكويتية، انه "تواصل هاتفياً مع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرور، الذي اكد له "ان لا قرار بحصر دخول وخروج المنقبات من حاجز المستشفى الحكومي عند المدخل الشمالي وان لدى الجيش اللبناني إجراءات أمنية على خلفية المعلومات التي تلقاها".
واعتبر العينا "اننا مع اي اجراء يحفظ الامن والاستقرار اللبناني والفلسطيني ويراعي كرامة الانسان الفلسطيني"، موضحا انه دخل على خط تهدئة التوتير على خلفية منع ابنة (اسامة) الشهابي من دخول المخيم، مؤكدا على ان "مخيماتنا ستبقى مواقع متقدمة في مواجهة مشاريع العدو... وقضيتنا ومخيماتنا ستبقى صمام امان، ونحن معنيون بالحفاظ عليها وتأمين العيش الكريم لأبناء شعبنا".
أن قضية الأمن في المخيمات الفلسطينية التي يعتبر عين الحلوة أهمها، يبدو حلها سهلاً فيما لو توافرت إرادة تسهيل الحلول من قبل الدولة اللبنانية وإرادة التعاون مع الأجهزة الأمنية والدولة من قبل الفصائل الفلسطينية، وهما أمران يبدو أنهما متوافران في هذه اللحظة.