القدس للأنباء - خاص
كلما شعر سكان عين الحلوة أن قصة "إبريق الزيت" التي بدأت فصولها مع لغز تسلل شادي المولوي إلى المخيم قد خرجت من دائرة التجاذبات الإعلامية، ودخلت ميدان التعاطي الهاديء والبعيد عن الأضواء، يعود التسخين من جديد على وقع تصريح من هنا او خبر من هناك، او اشاعة طائرة حطت على صفحات بعض الصحف وواجهات المواقع الالكترونية...
فعين الحلوة بالموقع السياسي والإعتباري الذي يمثله كعاصمة للشتات الفلسطيني، وكغيره من المخيمات يلتزم سياسة التأي بالنفس عن المشاكل اللبنانية الداخلية، وتجنب الإنجرار الى أي إشكال داخلي، وتجمع تشكيلاته السياسية والفكرية على اختلاف مسمياتها الفصائلية على ضرورة إيجاد أفضل علاقات حسن جوار مع الأشقاء اللبنانيين وقواهم السياسية وهيئاتهم الأهلية...
وقد مارس الفلسطينيون سياسات النأي بالنفس الإيجابية خلال كل فترات التوتر التي شهدتها الكثير من المناطق اللبنانية، كما هو الحال مع أحداث باب التبانة – جبل محسن، وأحداث عبرا، والكثير من المناوشات التي شهدتها بعض مناطق وأحياء العاصمة... وأثبتت القوى والفصائل والحركات الفلسطينية، كافة أنها قادرة على ترجمة هذه السياسية في ظل أفضل أشكال التنسيق والتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية ومعظم القوى والشخصيات اللبنانية.
وهذا التعاون والتنسيق جر نفسه على ساحة مخيم عين الحلوة، الذي تم الإتفاق بشأنه على ضرورة وأهمية حل قضية شادي المولوي بعيداً عن الأضواء والضغوط الإعلامية.
وفي هذا السياق جاءت تصريحات وزير الداخلية نهاد المشنوق التي نقلتها "النشرة" الإلكترونية، لتعيد الأمور الى المربع الاول، خاصة وأنه سيتفرغ - كما قال – "لمعالجة الوضع السائد حالياً في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين لأنه لم يعد من الجائز أن يبقى ملاذاً للفارين من وجه العدالة".
وكان المشنوق يتحدث عن الخطة الأمنية لمنطقة الشمال التي "أصبحت جاهزة وأن تطبيقها سيتم في الأيام القليلة المقبلة، وعلى الأرجح قبل نهاية الأسبوع. وستسهر على تنفيذها قوة أمنية مشتركة عدادها ألف جندي وخمسمئة عنصر من كل من قوى الأمن الداخلي والأمن العام"، مشيرا الى أن "الخطوة التالية ستشمل بيروت والضاحية الجنوبية، لأن لا مكان لمن يعبث بالأمن والاستقرار العام في البلد"....
وأكد المشنوق أنه سيتفرغ بعد الإنتهاء من محطتي البقاع وبيروت لمعالجة الوضعه السائد في مخيم عين الحلوة، "لأنه لم يعد من الجائز أن يبقى ملاذاً للفارين من وجه العدالة، خصوصاً أولئك المنتمين إلى المجموعات الإرهابية المسلحة"، لافتا الى أنه عقد "أكثر من لقاء مع مسؤولي الفصائل والمنظمات الفلسطينية في المخيم، إضافة الى اللقاء الذي جمعه مع عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد المشرف على الملف اللبناني"، وأكد أنه كان "صريحاً لأقصى الحدود في هذه اللقاءات، وطلب التعاون لتسليم المطلوبين وعلى رأسهم شادي المولوي".
فماذا يحضر وزير الداخلية لمخيم عين الحلوة؟ وكيف ستتجه الأمور في الاسابيع المقبلة خاصة تلك التي تلي إنجاز الخطة الأمنية في منطقتي البقاع وبيروت وضاحيتها الجنوبية؟ علماً أن هذه الخطة ما كان لها أن تبدأ وتنجح وتستمر ما لم تحظ بغطاء سياسي من مختلف القوى والأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية... أي أنها كانت ثمرة حوار داخلي، بعيد عن الأضواء!..
إن الحوار الهاديء خلف الأبواب المغلقة هو الطريق لبحث الملفات الساخنة، ووضع آليات لمعالجتها!..