في الوقت الذي لا تزال تعاني فيه مئات آلاف العائلات الفلسطينية التي دمّر الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة منازلهم، ينشط مجموعة من الشباب الفلسطيني وعدد من التجمعات الشبابية الاغاثية في مساعدة هؤلاء النازحين الذين أصبحوا يعيشون ظروفاً مأساوية ويعانون من برد الشتاء القارس، خصوصاً في ظل المنخفضات التي تضرب المنطقة في أوقات متعددة.
وإزاء عدم بدء إعمار قطاع غزة، وإخضاع هذا الملف للتجاذبات السياسية التي تزايدت بين حكومة التوافق الوطني وحركة "حماس"، برز وجهٌ آخر من دعم ومساندة هؤلاء النازحين بشكل مختلف، إذ عمدت إحدى هذه المجموعات الشبابية إلى الاقتراب من معاناتهم أكثر فأكثر من خلال التضامن معهم بأسلوب "كي أشعر بمعاناتك أكثر".
وتعيش مئات آلاف العائلات الذين دمّر الاحتلال منازلهم داخل "كرافانات" لا تقيهم برد الشتاء، ويعانون داخلها ظروفاً صعبة، في ظل عدم إيفاء الجهات الرسمية بوعودها تجاههم وإعادة بناء منازلهم.
رسالة لكل مسؤول
تحت هذا العنوان، ينشط عشرات الشبان من هذه المجموعة، بالتضامن مع أصحاب البيوت المدمرة والنازحين في مراكز الإيواء وخصوصاً المناطق التي يوجد فيها "كرافانات"، من خلال ارتدائهم الشورت والشباح، في محاولة منهم للشعور بالبرد الذي يؤلم النازحين داخل "الكرفانات"، في فصل الشتاء.
منسق هذه المجموعة سعيد لولو، قال "إننا تضامنا مع أصحاب البيوت المدمرة بهذه الطريقة من أجل إيصال رسالة لكل مسؤول أن يوقظ ضميره، ويتحرك من أجل إعادة إعمار قطاع غزة، وإنقاذ مئات العائلات من برد الشتاء القارس، ووقف معاناتهم التي تتفاقم يوماً بعد آخر".
ولفت لولو، إلى أن "هذه رسالة إنسانية تجعلنا نشعر بما يشعر به المواطن الذي دُمر بيته، ويعاني البرد، في ظل عدم وجود أيِ من وسائل التدفئة، وتفاقم أزمة انقطاع الكهرباء".
ونفذت هذه المجموعة عدة جولات مناطق قطاع غزة، كحي الشجاعية الذي دمره الاحتلال، وبلدة خزاعة جنوب قطاع غزة، وبيت حانون شمال القطاع.
اقتربنا منهم أكثر
أما الشاب حمدان البحيصي، وهو من مجموعة "شرط و شباح"، فقال "إننا بهذا الأسلوب اقتربنا من معاناتهم أكثر، وشعرنا بما يعيشونه عن قرب، في الوقت الذي يفتقدون فيه لأبسط وسائل التدفئة".
ووصف في حديثه بالمؤثرة جدًا، لافتاً إلى أنها أسلوب مختلف عن باقي المجموعات التي تنشط هي الأخرى في مساعدة ودعم هؤلاء النازحين الفلسطينيين.
وأضاف: "تألمنا كثيراً عندما لمسنا معاناتهم، ما يريدونه إعادة إعمار منازلهم المدمرة، وما نقوم به هو رسالة لكافة الجهات المسؤولة والمعنية بضرورة التحرك العاجل من أجل وقف معاناتهم".
وتجوّل هؤلاء الشبان بين "الكرفانات" في بلدة خزاعة شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، وحي الشجاعية شرق مدينة غزة، بارتدائهم "الشورت والشباح"، وهم يحملون لافتات كُتب عليها: "لا يهمني البرد بلا تهمني الأرض" و "فكّر بإنسانيتك ولا تفكر بجني الثمار" و"من يعطل إعمار مدينتي فليرحل من أرضي"، وغيرها من اللافتات.
تجاهل رسمي
وإلى جانب ذلك، يُركز فريق "مبادرون دوماً" الشبابي على الوقوف مع هؤلاء العائلات النازحة ودعمهم ومساعدتهم في ظل برد الشتاء، والعائلات التي تعيش ظروفا قاسية، من خلال توزيع الحاجيات الأساسية لهم، كالملابس الشتوية، والحرامات، والفرشات، وعدد من الطروق الغذائية.
ويقول عبد الله فروانة من فريق "مبادرون دوماً"، إن هذا جهد شبابي، "بتبرع كريم من أهل الخير، نستهدف من خلاله العائلات التي شردها الاحتلال الاسرائيلي خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة، وتعيش ظروفاً مأساوية، ونقدم لهم كل ما نستطيع تقديمه".
وفي حديث صحافي، يوضح فروانة أن هذه العائلات تعاني من مشاكل اجتماعية وطبية مختلفة، فضلاً عن تجاهل المسؤولين وأصحاب القرار لمعاناتهم المستمرة.
ويضيف: "مطلوب من الجميع سرعة التحرك لوقف معاناتهم، والبدء بإعمار قطاع غزة، فمن غير المعقول حتى اللحظة لم يتم إعمار منزل واحد في القطاع المحاصر والذي يعيش أصلاً ظروفاً قاسية".
المصدر: النشرة / غزة