عشرات العائلات الفلسطينية التي نزحت من سوريا نتيجة ضغط الوضع الأمني المتفجر هناك لم تجد لها مأوى لها سوى مخيمات لبنان، غير أن الواقع الصعب الذي تعيشه المخيمات فاقم المشكلة، ما زاد معاناتها على المستويات كافة.
"نشرة الجهاد" تنقلت في أماكن وجود النازحين، ووقفت على حقيقة أزماتهم.
وصف خالد عبد الله النازح إلى مخيم نهر البارد المعاناة التي يعيشها مع بقية النازحين، بأنها صعبة وكبيرة جداً وتغطية الأونروا للمساعدات الغذائية لا تكفي، ولم نحصل على أي شي من المؤسسات منذ فترة طويلة وقال: "نحن بحاجة إلى دعم من جميع الجهات من أجل أن نعيش بكرامة لحين عودتنا إلى سوريا".
واعتبرت نوال عادل محمد: "أن الحياة قاسية، فأنا بحاجة إلى دواء ولا تساعدني الأونروا، والمساعدة المالية الشهرية أدفعها ثمن الدواء بدل المواد الغدائية."
معاناة يقابلها تقصير
وأوضح عضو اللجنة الشعبية فرحان ميعاري، أنه منذ اللحظات الأولى للنزوح قامت اللجنة الشعبية بواجبها اتجاه النازحين من سوريا، وأجرت العديد من الاتصالات مع الجهات المانحة وخصوصًا الصليب الأحمر السويسري وبعض المؤسسات، حيث تم تأمين بعض المستلزمات الأساسية الضرورية من (فرشات وحرامات..) بالإضافة إلى تأمين منح مالية من منظمة التحرير، وتابع: ما زالت اللجان الشعبية في منطقة الشمال تتبنى مطالب جميع الأخوة النازحين من أجل تأمين كافة المستلزمات، مثل التعليم والسكن اللائق والعمل والتنقل بحرية من وإلى المخيم، وتواصلت اللجنة الشعبية مع الأمن العام اللبناني من أجل تسهيلات إقامة النازحين، وحل العديد من القضايا المتعلقة بالإقامات.
وأكد مسؤول لجنة النازحين في البارد أبو خضر، أن هناك تقصيراً كبيراً في تقديم العون والمساعدات للنازحين، ولفت إلى أن المشاكل تشمل التعليم والصحة والعمل والسكن وغيرها، طالباً من جميع المعنيين الإسراع في تقديم العون للنازحين حتى يتمكنوا من الصمود، إلى أن يحين موعد عودتهم إلى منازلهم في سوريا.
ورأى وسام أحمد عودة، أن الوضع صعب من كل النواحي الصحية والغذائية والعيش في البركسات التي لا تصلح لسكن، وأشار إلى عدم تجاوب الأونروا في علاج ابنه الذي يعاني من تكلس في الدماغ وبحاجة إلى بعض التحاليل والصور.
لم تختلف معاناة النازحين في مخيم عين الحلوة عن النازحين في مخيم نهر البارد، فشرح رمضان عمر (50 عاماً) وضعه المأساوي فقد أصيب ابنه منذ عام ونصف بحادث سيارة في مدينة صيدا، فقد بسببها الذاكرة وهو بحاجة ماسة لتركيب جهاز من أجل سحب الماء الموجود في رأسه بتكلفة ثمانية ملايين ليرة لبنانية، وقدمت له الأونروا مليون ليرة، وهذا لا يكفي، ودعا أهل الخير والمعنيين لتقديم يد العون من أجل إجراء العملية الضرورية لإبنه، علماً أنه يحتاج إلى أدوية شهرية بقيمة 120 ألف ليرة لبنانية.
وقال: نسكن في منزل أجرته الشهرية 250$ ندفعها من المساعدة المالية التي تقدمها الأونروا ونحن نفتش عن عمل حتى الآن من دون نتيجة والمعيشة في لبنان صعبه بسبب غلاء الأسعار.
وتحدثت زوجة قاسم محمد مرعي، (أسرتها مكونة من ثمانية أفراد)، فقالت: سكنّا في منزل ضيق حيث أن ابني مصطفى وولديه وزوجته يسكنون في المطبخ، وندفع شهرياً 200$، ايجار منزل، وأبنائي لا يجدون عملًا وإن وجد عمل هناك من يستغل أتعابهم ولا يعطيهم إلا نصف أو ربع ما اتفق عليه، لذلك أدعو الأونروا لزيادة مساعداتها المالية، وأن تقدم لنا بشكل شهري طروداً غدائية. كما أدعو مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، أن تقدم لنا يد العون وهي مقصرة بشكل كامل بهذا الجانب.
وأشار طارق فهد موسى (متزوج وله ٣ أبناء) أنه فقد إحدى كليتيه بسبب المرض منذ مدة، ولا يستطيع ممارسة أي عمل شاق، ويسكن حاليًا بمنزل ضيق أُجرته مئتي ألف ليرة لبنانية، ولا يعتمد إلا على الله سبحانه وتعالى، ولا تصله إلا المساعدة المالية التي تقدمها له الأونروا التي لا تكفي شيئًا بسبب دفع إيجار المنزل.
أخطار داهمة في الشتاء
ويقول حسام الطنجي (٤٣ عاماً) وهو أب لثلاتة أولاد أكبرهم محمد ١٢ عاماً المصاب بشلل نصفي كامل، وهو بحاجة لعلاج دائم ومعاينة طبية بشكل دوري نتيجة الخلل الخلقي منذ الولادة، إن الذي يجعل معيشتي صعبة ويفاقمها معاناة ابني محمد. والمؤسسات الصحية للأونروا لا تقدم لنا الا القليل من العلاج، والمسكن غير صحي ولكن الضرورة جعلتنا نرضى بذلك مجبرين. وأوضح أن الأونروا تقدم لنا 370 ألف ليرة لبنانية ندفع منها إيجار المنزل مئتي الف ليرة لبنانية، والباقي لا يكفي عشرة أيام، فنقضي أغلب أيامنا بلا طعام، وحتى الآن لم أجد أي فرصة عمل، فمنذ خمسة شهور استلمنا، طرداً غذائياً صغيراً، وحتى الآن لا يوجد أي إعانة، والشح في هذه المساعدة يجعلني أفكر بشكل جدي للهجرة من لبنان.
وقال أمين سر إتحاد المؤسسات الإسلامية في مخيم عين الحلوة، الشيخ أبو اسحاق المقدح، أن وجود أعداد كبيرة من النازحين القادمين من سوريا ومخيماتها، وفي ظل تقليص الخدمات المالية والطبية للأونروا، وعدم قيام منظمة التحرير الفلسطينية، ومؤسساتها الإجتماعية، والدولة اللبنانية، بأي بادرة في توفير المساعدات، ندعو الجميع للقيام بدورهم الإنساني في توفير المساعدات العاجلة المالية والغذائية، ومع دخول فصل الشتاء هذا العام نستشعر خطراً داهماً وانفجاراً أخلاقياً وسكانياً في المخيم، ووجّه نداءً عاجلاً إلى أهل الخير والمؤسسات الدولية، أن يتداركوا هذا الحال، وأن يسعوا بكل طاقاتهم لتجنيب هذه المجتمعات ويلات شح المساعدات وتقليصها.
وأكد منسق الهيئة الخيرية لإغاثة الشعب الفلسطيني في مخيمات صيدا، الشيخ عدنان قاسم، أن وضع النازحين الفلسطينيين القادمين من سوريا، سيء جداً بسبب تقليص خدمات الأونروا، والدول المانحة جزءاً كبيراً من مساعداتها لهم، فازداد الأمر سوءاً وبسبب الغلاء وقلة الأشغال وازدياد البطالة وعدم قدرة المؤسسات على تقديم ما يكفي احتياجاتهم ومتطلباتهم الأساسية، فاقم الأوضاع المعيشية والصحية لهم، ما اضطر عدد كبير منهم للهجرة والمخاطرة بأرواحهم إلى دول الإغتراب.
المصدر: نشرة الجهاد