قائمة الموقع

"إسرائيل" قلقة من قرار البرلمان البريطاني

2014-10-15T08:38:18+03:00

حلمي موسى

أثار قرار البرلمان البريطاني الرمزي بالاعتراف بدولة فلسطين ردود فعل شديدة في إسرائيل. فقد حمل عدد من المعارضين، والموالين، على السياسة التي ينتهجها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته والتي قادت وتقود إلى فرض العزلة السياسية على إسرائيل. كما أن مسؤولين إسرائيليين سابقين انتقدوا أداء الحكومة عموماً، معتبرين أن إسرائيل تركت الساحة الدولية فارغة للنشاط الفلسطيني. واعتبر مسؤولون أوروبيون أن الخطوة البريطانية تبشر بخطوات أوروبية أشدّ وأوسع مدى ضد الاستيطان والمستوطنين.

وكان مجلس العموم البريطاني قد صوّت إلى جانب الاعتراف بالدولة الفلسطينية بغالبية ساحقة نالت 274 صوتاً ضد 12 معارضاً فقط. وبرغم أن التصويت رمزي وغير ملزم للحكومة البريطانية، إلا أنه يشكل تعزيزاً جوهرياً للمساعي الديبلوماسية التي تبذلها السلطة الفلسطينية لتحقيق الاعتراف الدولي بفلسطين الدولة. ولا يقلّ أهمية عن ذلك أن قرار أحد مجلسي البرلمان البريطاني المعبر عن المزاج الشعبي لا يمكن للحكومة البريطانية تجاهله في مواقفها.

تجدر الإشارة إلى أن بريطانيا كانت في العام 2012 بين أربعين دولة غالبيتها أوروبية، امتنعت في الجمعية العامة للأمم المتحدة عن الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو. ومعروف أن بريطانيا لا تزال تتخذُ موقفاً ضبابياً، بلوره وزير خارجية حكومة المحافظين السابقة المؤيدة لإسرائيل، وليم هيغ، يقول إن "بريطانيا تحتفظ لنفسها بحق الاعتراف بالدولة الفلسطينية في التوقيت المناسب الذي يفيد في تحقيق السلام".

ويُعتقد أن آثار هذا التصويت ستظهر في العام المقبل بعد الانتخابات البرلمانية. وإذا فاز "حزب العمال" في الانتخابات وشكّل الحكومة، فإن نوابه في البرلمان سيطالبون الحكومة الجديدة بالاعتراف من طرف واحد بالدولة الفلسطينية.

ويتسم تصويت مجلس النواب البريطاني بأهمية كبيرة في هذا الوقت، خصوصاً أن الحكومة السويدية أعلنت أنها سوف تعترف بدولة فلسطين قريباً. ويؤمن خبراء إسرائيليون أن التصويت البريطاني، برغم عدم إلزاميته لحكومة ديفيد كاميرون، إلا أنه أشدّ أهمية من الموقف السويدي.

وفي كل الأحوال فإن إسرائيل تخشى أن هذه المواقف تعني تآكل الموقف الأوروبي الذي كان يأخذ حتى الآن في عين الاعتبار الموقفين الأميركي والإسرائيلي في هذا الشأن.

وأوضح متحدثون باسم وزارة الخارجية البريطانية أن سياسة الحكومة لن تتغير قريباً جراء التصويت الذي يرونه على أنه مجرد "تصريح". لكنهم شددوا على وجوب "أن تشعر إسرائيل بالقلق من هذا التصريح، الذي يعبر عن مزاج الشارع البريطاني بشأن النزاع. لقد حان الوقت كي تنتقل إسرائيل من الأقوال إلى الأفعال وتعود إلى طاولة المفاوضات".

وخلصوا إلى أن هذه "بطاقة صفراء" ترفعها بريطانيا في وجه السياسة الإسرائيلية وأن التصريح قد يتحول قراراً إذا لم تتغير الظروف.

وقد ردت السفارة الإسرائيلية في العاصمة البريطانية على قرار مجلس العموم بإدانة التصويت وتأكيد أن "الطريق إلى الاستقلال الفلسطيني يمر عبر غرفة المفاوضات... أما الاعترافات الدولية المسبقة فإنها ترسل رسالة مزعجة للقيادة الفلسطينية مفادها أن بوسع الزعماء التهرب من القرارات الصعبة التي على الجانبين اتخاذها، وهي عملياً تقوّض فرص التوصل إلى سلام حقيقي".

وحمل زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس "حزب العمل" إسحق هرتسوغ بشدة على رئيس الحكومة، معلناً أن "قرار البرلمان البريطاني بالاعتراف بالدولة الفلسطينية يشكل فشلاً آخر لبنيامين نتنياهو". وأضاف أن "هذا فشل لنتنياهو، ليبرمان والحكومة بأسرها. وإسرائيل تتلقى الانتقادات بوتيرة عالية من كل زوايا الأرض ولا تفهم أن عاصفة سياسية كبرى تقترب".

وقال هرتسوغ "لو كنت مكان رئيس الحكومة لتبنّيت بحماس مبادرة (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي، لكنني أشعر أن نتنياهو يستلذ بهذا الوضع الذي يتصادم فيه مع كل العالم – بدءاً من الرئيس الأميركي باراك أوباما مروراً بأصدقاء آخرين، لصرف أنظار الجمهور عن فشله الخطير في مسألة غلاء المعيشة والسكن".

وكان "حزب العمل" الإسرائيلي قد بذل جهوداً لدى "حزب العمال" البريطاني من أجل إحباط التصويت في مجلس العموم، بادعاء أن هذا يضعف فرص تحقيق حل الدولتين.

وكتب سكرتير "حزب العمل" إلى قادة "حزب العمال" رسالة جاء فيها أن "التصويت خطوة من طرف واحد في طريق تحقيق أهداف مشتركة، لكنها قد تقود تحديداً إلى نتائج عكسية".

من جهته، كتب عضو الكنيست نحمان شاي على صفحته على "فايسبوك" أن "إسرائيل تلقت هذا الصباح صفعة مؤلمة. فقرار البرلمان البريطاني في أعقاب الحكومة السويدية يثبت أن العالم يتحرك نحو اعتراف من طرف واحد بالدولة الفلسطينية. إن إسرائيل تترك الحلبة السياسية للمبادرة الفلسطينية من طرف واحد، التي تتجاهل إسرائيل وتفرض عليها دولة فلسطينية من دون تسوية ولا اعتراف بها".

وحمل رئيس كتلة "هناك مستقبل" في الكنيست الشريك في الائتلاف الحكومي عوفر شيلح على نتنياهو على خلفية القرار البريطاني، قائلاً إن حماس التي خسرت في الحرب تحقق مكاسب في الحلبة الدولية بسبب غياب المبادرة الإسرائيلية.

وأشار إلى أن "تطوّرات الأيام الأخيرة تجسّد الخطر الكامن في قلة عمل إسرائيل سياسياً"، مضيفاً أن "عزلتنا في الشرق الأوسط قادت إلى أن أموال إعادة إعمار غزة تحققت من دون وضع المصالح الإسرائيلية، وعلى رأسها نزع سلاح غزة، على الطاولة. وبذلك حققت حماس مبتغاها في القتال الأخير، برغم فشلها في ميدان القتال".

وتخشى أوساط إسرائيلية كثيرة من أن ما يجري على هذا الصعيد ينبئ بخطر داهم. وكتب شلومو شامير في "معاريف الأسبوع" أن العلاقات مع إيطاليا على وشك التدهور جداً في المستقبل وهذا تقدير بعد زيارة أفيغدور ليبرمان لروما.

وفي نظره، لا تحقق زيارات ليبرمان إلى العواصم الأوروبية أية نتائج، بل إنها تترك "أجواء غير متعاطفة مع إسرائيل". ويوضح أنه "في وقت تعيش فيه إسرائيل في حصار سياسي يتكثف ومنذ الحرب على غزة، تعرّضت لموجة انتقادات معادية وإدانات شديدة. وحضور ليبرمان في مقدمة الجبهة الديبلوماسية لإسرائيل أمر محرج، مثير للسخرية ومدمّر. فوزير الخارجية، ومثله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، غير مؤهّلَين لاستيعاب حجم الضرر الذي أصاب صورة إسرائيل ومكانتها في العالم الحر جراء الحرب على غزة".


المصدر: السفير
 

اخبار ذات صلة