القدس للأنباء - خاص
وثائق الأمم المتحدة واليونسكو، حددت التزامات قانونية دولية متعلقة بحق التعليم، وشددت هذه الوثائق على حق كل شخص في الانتفاع بتعليم جيد النوعية، بدون تمييز أو استبعاد. إلا أن هذه الوثائق والقرارات لم تجد تطبيقا فعالا وكاملا في أراضي اللجوء، فاقتصر التعليم للفلسطينيين في لبنان، على فئة محددة، ضمن تمييز واستبعاد واضح على عكس ما أقرته المواثيق الدولية.
تعد نسب التحصيل العلمي في مجتمعات اللجوء، منخفضة نسبة لشعب لا يملك إلا فكره من أجل مقاومة الاحتلال، وارتفاع نسب الأمية والتسرب المدرسي بين اللاجئين، يشكل هاجساً خطرا على بنية المجتمع. هذا الواقع الذي لطالما فرضه الكيان "الإسرائيلي" ضمن سلسلة سياسات ممنهجة لتشتيت وعي الشعب الفلسطيني، والحد من إنجازاته العلمية.
أمية وتسرب مدرسي
معدلات الأمية في مخيمات وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بلغت ما يقارب 25.5%، بحسب تقرير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" الصادر عام 2009، حيث بلغ عدد الطلاب الفلسطينيين المنتسبين بشكل رسمي للمؤسسات التعليمية في لبنان، 52.5% فقط.
وبحسب "الأونروا"، فان نسبة التسرب المدرسي لدى فلسطيني لبنان، وصلت إلى 18%، حيث يفضل بعض الطلاب، ترك التعليم والإلتحاق بسوق العمل المتواضع، من أجل تحقيق كسب مادي، يساهم بتغطية المعيشة.
فقر، رطوبة، وظلام
أما اسباب إنحدار العملية التعليمية، تكاد لا تحصى، فمن جهة، ترتفع تكاليف التعليم في لبنان، حتى وإن كان بشكل مجاني أو شبه مجاني، فالكتب والمستلزمات المدرسية، بالإضافة إلى وسائل النقل، تحتاج إلى ميزانية معينة، بخاصة وإن كانت العائلة ذات دخل محدود، ومكونة من عدة أفراد، من جهة أخرى، الإمكانات المتواضعة، التي تكاد أن تؤمنها وكالة "الأونروا"، بالإضافة إلى النقص الحاد في المواد التشغيلية والمستلزمات التعليمية، أثرت وبشكل مباشر على المستوى التعليمي، وبالتالي هروب الطلاب من المدارس ذات الطاقات شبه المعدومة.
وفي ذات السياق، تعود بعض أسباب الأمية والتسرب المدرسي، للظروف المعيشية الخانقة داخل المخيمات، إذ نوه تقرير وكالة الغوث، إلى أن 35% من أطفال مخيم "شاتيلا" يعانون من قصر النظر، بسبب الرطوبة والظلام والانقطاع الدائم للكهرباء، ما يسبب خللاً حاداً في العملية التعليمية التي إفتقدت أقل وأبسط عناصرها.
الساحة اللبنانية والأونروا
وبما أنه لا يمكن فصل التطورات التي لحقت بالمجتمع اللبناني عن الوضع التعليمي الفسطيني، كان لدى العديد من العوامل دور كبير في تراجع المستويات التعليمية، منها الحروب والأزمات المتتالية في الساحة اللبنانية، التي أعاقت عملية التعليم لكافة الطلاب، بأشكال مباشرة، وغير مباشرة.
من ناحية أخرى، يتوزع نحو 39 ألف طالب وطالبة من اللاجئين، على 87 مدرسة ومنشأة تعليمية، مخصصة لهم على إمتداد الأراضي اللبنانية، ما يوضح حالة الإكتظاظ في الصفوف، الأمر الذي يعكس وبشكل حتمي، الضعف في سير العملية التعليمية.
وبين تدني خدمات الـ"أونروا" التعليمية، وضعف المنشآت والأبنية المدرسية ولوازم التعليم، والضغوط والإهمال، مرورًا بالإنعكاسات السياسية والأزمات المحلية، والأوضاع الأمنية على نسب الرسوب والتسرب المدرسي والأمية، يتهاوى مستقبل الطالب الفلسطيني، أمام المجتمع وهيئاته الحقوقية.
مصلحة ما !
كذلك لا يمكن إغفال سياسة التوظيف المعتمدة ضد الفلسطينيين في لبنان، حيث يعتبر البعض أن شهادة الفلسطيني "بلا جدوى"، إذ لا يسمح له بالعمل في كافة المجالات والمؤسسات اللبنانية، وفي هذه الحالة، يفضل الآباء بأن يتعلم أولادهم "مصلحة ما" يجنون منها القليل، كي يتمكنوا من إعالة أسرهم.
في كل نواحي الحياة، يواجه اللاجئ الفلسطيني تحديات صعبة يومياً، تجسدت في أشكال عدة، وعلى الرغم من الإهتمام العالمي بالتعليم، إلا أن فلسطينيي لبنان ما زالوا يعانون من صعوبات في الحصول على التعليم الكافي من أجل بناء مجتمع واع،قادر على مقاومة الاحتلال من خلال قوة العقل، قبل قوة السلاح.