علقت صحيفة "اسرائيل اليوم" (30/9) على خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، الذي شكل تحولا استراتيجيا في نظرة الادارة الاميركية لمسالة الصراع العربي - الصهيوني، خاصة وأنه دحض ولاول مرة الفكرة القائلة بان "النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني هو اساس مشكلات المنطقة"، ملتزما بذلك الفكرة التي جهدت حكومات تل ابيب على ترويجها لسنوات عديدة من دون ان تحقق نجاحا يذكر.
عندما وصل أوباما في خطابه إلى النزاع "الإسرائيلي"- الفلسطيني خُيل إلى الكثير من المراقبين أنه سيكتفي بتكرار المعزوفة المعروفة من نوع: "لا يمكن استمرار "الستاتيكو" لفترة طويلة من الزمن" و"الولايات المتحدة ستواصل جهودها من أجل تحقيق السلام" وغيرها.
الا ان اوباما قالا كلاما مختلفا، فاشار الى إن "العنف في المنطقة جعل العديد من "الإسرائيليين" يشعرون باليأس" وإن العالم سيكون "مكاناً أكثر أمناً في حال تحقق حل الدولتين". لكن كان مفاجئاً قوله أموراً لم يقلها أي رئيس أميركي من قبل بهذه الصورة الواضحة "إن الوضع في العراق وسورية وليبيا يجب أن يشفي الجميع من وهم أن النزاع "الإسرائيلي"- الفلسطيني هو مصدر مشكلات المنطقة، فلوقت طويل استخدم (هذا النزاع) أداة لتحويل انتباه الناس عن المشكلات".
ان نظرة اوباما هذه عكست تحولا هاما، قرَّبه من المفهوم "الاسرائيلي". الذي جهدت الدعاية السياسية في دولة الكيان من دون أن تحقق نجاحاً يذكر، من أجل دحض الحجة غير الصحيحة بأن النزاع مع الفلسطينيين هو أساس جميع مشكلات الشرق الأوسط، وأنه بصورة أساسية سبب مشكلات الولايات المتحدة والعالم العربي.
وها هو أوباما (كما تقول اسرائيل اليوم) يقول من دون تردد وبصورة قاطعة كلاماً مغزاه الواضح والوحيد "أننا كنا على حق. لم تعد "الطريق إلى بغداد تمر في القدس" كما قال زبيغنيو بريجينسكي مستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر؛ ولا مكان بعد اليوم للقول بأن "الخطر على حياة الجنود الأميركيين في العراق وأفغانستان سببه عدم حل المشكلة الفلسطينية" كما صرحت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون.
وترى الصحيفة انه "قد تكون دوافع أوباما لقول هذا الكلام المنفعة السياسية، فانتخابات منتصف الولاية باتت قريبة، والفرضية التي تتهم النزاع "الإسرائيلي"- الفلسطيني بأنه سبب جميع المشكلات في الشرق الأوسط تبرز فشل الولايات المتحدة في حل هذا النزاع، على الأقل في نظر جزء من المراقبين. ومن المحتمل أن الرئيس ومستشاريه توصلوا إلى الخلاصة المنطقية بأن الفوضى الآخذة في الانتشار في الشرق الأوسط والتي قد تزحف إلى أوروبا والولايات المتحدة نفسها أهم وأكثر خطراً من مواصلة التحجج بالموضوع الفلسطيني".
وبغض النظر عن السبب وعلى أي حال، فإن هذا بمثابة نجاح كبير لسياسة الدعاية "الإسرائيلية". كما تقول الصحيفة!..
وتختم الصحيفة بالقول "أن خطاب أوباما لم يكن مدعاة للسرور لدى أبو مازن الذي لا يفوت فرصة من دون أن يشتكي من أن مشكلات "داعش" ستجعل العالم ينسى المشكلة الفلسطينية. ومن المحتمل أن خطابه العدائي يعود إلى غضبه من الرئيس أوباما. فعلى الرغم من توضيح أوباما أن الموضوع الفلسطيني ما يزال على جدول الأعمال، فإنه من المحتمل أن يكون هذا الجزء المهم في خطابه إشارة إلى أن واشنطن قررت أن تضع الأمور في حجمها، وتلميحاً إلى عدم نية واشنطن دعم "مشروع السلام الجديد" لأبو مازن، ولا الخطوات التي ينوي القيام بها في مجلس الأمن"!..