/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

المُعاقة غدير.. لم يُسعفها كُرسيّها للهروب من الموت

2014/08/03 الساعة 02:12 م

كرسي متحرك مهشم وأشلاء جسد متحلل، هذا ما تبقى من المعاقة غدير أبو رجيلة (18عامًا) من سكان بلدة خزاعة شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة، بعد عشرة أيام من استهدافها على مدخل البلدة، دون أن يتمكن أحد من إسعافها.

ولم تتمكن أبو رجيلة من الخروج برفقة عائلتها والمئات من سكان بلدتها المحاصرة في ثاني أيام الاجتياح البري على البلدة، فقد هرب الجميع وتركت على كُرسيها المُتحرك تجلس أمام الآليات الإسرائيلية، التي أطلقت النار بشكل مباشر نحو السكان الذين حاولوا الانتقال لمكان آمن.

وأصيب شقيق المُعاقة وهو يدفع بكُرسيها أمامه بعيار ناري بيده، أطلقه قناص إسرائيلي كان يعتلي منزل مجاور لمكان سيرهم على مقربة من مدخل البلدة، أثناء محاولتهم الخروج منها وهم يحملون الرايات البيضاء، فأصيب بجراح بالغة، وترك أخته وفر من المكان.

وبقي شقيقها ينزف ولم يتمكن أحد من علاجه، حسب ما يروي شقيقه غسان فصول الحكاية، فيما بقيت المُعاقة غدير أمام الدبابات تجلس لوحدها مُنتصف الطريق، ولا أحد يعلم عنها شيئًا، حتى دق هاتف أحد أشقائه من الجيش الإسرائيلي يطلب منه القدوم لنقل أخته.

ويقول أبو رجيلة: "المكان خطير جدًا، القوات الخاصة كانت بمحيط منازلنا، وخشيت على حياتي ومن أن تكون المكالمة عملية استدراجي لقتلي أو أحد من أشقائي، ومر اليوم وهي تجلس لوحدها بالطريق، حتى وردنا اتصال باليوم التالي من شخص قريب منها، بأن صاروخا سقط عليها وقتلها وقطعها أشلاءً".

ويضيف "ناشدنا قبل قتل أختي وبعدها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الفلسطيني ومؤسسات حقوقية، لكن لا مُجيب، "حتى خرجنا هاربين باليوم الذي قُتلت فيه شقيقتي من طريق ترابي برفقة المئات لخارج بلدة خزاعة، وجرى إطلاق النار علينا مُجددًا وأصيب بعضنا".

وعلى مدار عشرة أيام من حصار البلدة، ومنع دخول وخروج أحد منها وإليها، وانقطاع وسائل الاتصال، ومنع دخول سيارات الإسعاف للمنطقة التي قُتلت بها المُعاقة غدير، ومع مرور الوقت كان الجسد يتحلل رويدًا رويدًا ورائحته تفوح في كل مكان، بينما يتوقف كرسيها المُتحرك الذي لازمها مُنذ الصغر يتيمًا شاهدًا على الجريمة.

وتمكن أول من أمس أبو رجيلة وأشقاؤه من دخول البلدة برفقة الآلاف من سكان البلدة، صبيحة اليوم الذي أعلن فيه عن تهدئة إنسانية مدة 72 ساعة، قبل أن يخترقها الكيان الإسرائيلي ويقوم بعمليات قصف وارتكاب مجازر مُجددًا في مُختلف مدن القطاع.

وما إن دخل نضال أبو رجيلة (30 عامًا) شقيق الشهيدة البلدة، حتى وجد شقيقته ملقاة على الأرض مُتحللة ومُنتفخة والديدان تنخر في جسدها، ووضع غطاءً على جسدها، وجلس بجوارها يبكي، ويقرأ القرآن.

أصيب نضال بصدمة وبدا عاجزا عن فعل أي شيء، حتى أنه جلس متكأ على يده، وينظر لشقيقته وكُرسيها المُتحرك تارة باكيًا، وكل من يمر للبلدة ينظر لها في مشهدٍ يُجسد بشاعة الجريمة الإسرائيلية التي ارتكبت بحق البلدة وسكانها.

وتوجه غسان مسرعًا لشقيقه نضال بعد اتصال هاتفي تلقاه عن العثور على جثة شقيقته وأن أخيه المذكور يجلس بجوارها، وعلى مقربة منها جثة المُسن مصطفى النجار (105أعوام)، يحمل بيده كشافًا وقتل بجوارها بنيران الجيش الإسرائيلي، أثناء محاولته الخروج من البلدة.

وعلى بُعد نحو 500 متر من مدخل البلدة وجدوا سيارة إسعاف، وقاموا بحمل الجثة بداخلها برفقة جثث أخرى تنبعث منها الروائح، وودعها أهلها دون النظر إليها، ونقلوها مسرعين للمقبرة لمواراتها الثرى.

ويعتزم ذوو الشهيدة رفع قضية على الجيش الإسرائيلي، لمحاكمتهم على الجريمة التي اقترفوها بحق شقيقتهم التي قُتلت بدمٍ بارد، وهكذا للعشرات من ذوي أهالي البلدة الذين عثروا على أبنائهم مُتحللة أجسادهم، وقتلوا عمدا وفي وضح النهار، إما إعدام بالرصاص، وإما بقصف المنازل مباشرة فوق رؤوس ساكنيها.

 

المصدر: وكالة صفا
 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/62988