/مقالات/ عرض الخبر

دلالات الاعتراف «الإسرائيليّ» بالفشل في غزّة وتداعياته.. كتب: د. أمين حطيط

2014/07/17 الساعة 10:31 ص


لم يكن المراقبون في حاجة الى اعتراف «إسرائيليّ» علنيّ صريح بأن العدوان على غزة فشل في تحقيق أهدافه كي يبنوا عليه تصوّرهم لمستقبل السلوك ذي الصلة بالقضية الفلسطينية والعلاقات الدولية التي تتأثر بها، لكن للاعتراف «الإسرائيلي» الصريح وعلى لسان نائب وزير الحرب «الإسرائيلي» الذي دفع ثمن ذلك إقالة سارع إليها نتناياهو أهمية على أكثر من صعيد، خاصة أنه يقطع الطريق على رسل «إسرائيل» وأدواتها العاملين في البلدان العربية لترويج أسطورة الرعب «الإسرائيلي» والدعوة إلى الانصياع لها تحت طائلة العقاب والقتل والتدمير، فـ«إسرائيل» بزعمهم «قادرة على فرض ما تريد سلماً أو حرباً»، كما يقطع الطريق على المشككين في جدوى المقاومة وجدوى صواريخها، ويجهض بشكل أو بآخر مفاعيل نعيها السابق من قبل منتدى الدوحة القطرية وممن لجأ إليها معتزلاً شرف المقاومة.

حين يقول نائب الوزير «الإسرائيلي» داني دنون: «إنّ العملية العسكرية على غزة فشلت وديست كرامتنا» فإنه يحمّل المسؤولية لنتنياهو في هذا الأمر، وبهذه الجملة القصيرة، معطوفة على مجريات الميدان ونتائجه، يكون قد قال الكثير وألقى الضوء على مرحلة جديدة من مراحل الصراع الصهيوني العربي والإسلامي. في العنوان الرئيسي إقرار من «إسرائيل» بأن «القوة باتت عاجزة عن تحقيق أهداف «إسرائيل» العدوانية»، وأن هيبة «إسرائيل» تآكلت ولم تعد تكف لحمايتها، ويؤكد ما صنعته المقاومة الإسلامية في لبنان على يد حزب الله من إدخال «إسرائيل» دائرة «عجز القوة».

.... إن فشل «إسرائيل» في غزة يعني ببساطة نصراً للمقاومة الفلسطينية بخاصة، ولمحور المقاومة بعامة. نصر لن يكون ثمة، بعد ما حصل، إمكان للتفريط فيه، وهنا تبرز أهمية الإقرار «الإسرائيلي» بالهزيمة التي ستحكم المواجهة والاتصالات مستقبلاً إذ أنها ستفرض نفسها على أكثر من موضوع وعنوان.

فعلى صعيد وقف إطلاق النار الذي حملته المبادرة التي نسبت إعلامياً إلى مصر، لم يكن ممكناً الاستجابة له فلسطينياً، إذ لم يكون مقترناً بما يغيّر الحال الذي كان مفروضاً على غزة قبل العدوان «الإسرائيلي» عليها. ولا يمكن البتّة أن تفرّط المقاومة بنصرها وتعود الى ما كان عليه الأمر كأن شيئاً لم يكن، عبر العودة الى معادلة التهدئة القائمة على منطق «هدوء مقابل هدوء» على خط وقف إطلاق النار، مع استمرار الحصار والتضييق الخانق على غزة، أو العمل الجاري على تصفية القضية، لذا كان الرفض الفلسطيني المقاوم بمثابة تأكيد عامل القوة الذي تتمتع به المقاومة وتطبيق لفعل القوة، ثم تعبير عن تغيّر في المعادلة. رفض يؤكد أن المقاومة المنتصرة القوية لا تقبل بفتات يلقى إليها ولا تقبل بأن ينتزع من يدها انتصار صنعته بدماء شهدائها.

لناحية المشهد العام وموقع المقاومة فيه، حدث تغيير جوهري، فبعد وصف المقاومة بأنها سلوك عبثي لا يمكن أن يؤمن للفلسطينيين شيئاً من أحلامهم وطموحهم، وأن المفاوضات وحدها هي السبيل للحصول على ما ترضى «إسرائيل» بإلقائه إليهم من فتات، نظرة جعلت المسؤول القطري يجرؤ على القول بأن حركة حماس تحولت الى حركة سياسية وغادرت الخنادق والسلاح. بعد ذلك كله حدث التغيير في اتجاهات أربعة:

الأول في اتجاه المقاومة ذاتها التي أثبتت وجودها وفاعليتها وأنها ليست حركة عابرة في تاريخ الشعب الفلسطيني، بل هي متجذرة في كيانه لا يستطيع فرد أو جهة بالغاً ما بلغت سطوته وقوته أن يصادرها أو يلغيها، فمن يحاول ذلك يلغي نفسه وتبقى المقاومة. وأثبتت المقاومة الفلسطينية من غزة عام 2014 أن المقاومة وصلت الى أعلى مستوى وصلته منذ انطلاقتها عام 1965، مستوى فرض نفسه على الجميع وأكد أن من يريد الشرف والعزة واستنقاذ الحقوق يلتحق بها ومن يتخلف عنها يخسر هو وتبقى المقاومة، ومن يتنكر لمحور المقاومة يسقط هو ويبقى المحور عاملاً لأجل فلسطين.

الثاني في اتجاه «إسرائيل»، إذ تأكد مرة أخرى لمن يريد أن يكون منصفاً وواقعياً ويعمل عقله وبصيرته. إن «إسرائيل» ليس قدراً لا يرد، بل يمكن أن يلوي ذراعها أيضاً، وهي في أي حال لا تعيد حقاً إلى صاحبه بإرادتها، بل إن الحقوق تنتزع منها انتزاعاً مصداقاً لنظرية الرئيس عبد الناصر «إن ما أُخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة».

الثالث في اتجاه حركة «حماس» إذ ظهر أن الإمرة في الحقيقة هي لرجال الخنادق الذين لم يغادروا خنادقهم، مستمرين في تطوير قدراتهم القتالية باحتضان من محور المقاومة بجميع مكوّناته...

الرابع في اتجاه محور المقاومة إذ له أن يفاخر، وهو في أيام الاحتفالات بنصر تموز 2006 بأن استراتيجيته في المواجهة انتصرت وأضاف الى انتصاراته السابقة نصراً جديداً، مؤكداً صدقية توصيف السيد حسن نصرالله لهذا الزمن بأنه «زمن الانتصارات» وزمن العدالة التي تفرضها قوة الحق المحصّن بالقوة الميدانية، وليس زمن «عدالة الغرب» المعتدي ومحاكمه الدولية الإجرامية، وبهذه القوة يكون المحور وجّه صفعة مؤلمة إلى خصومه ستتردد مفاعيلها في الجبهات الأخرى التي فتحت في سياق «تعدد الجبهات وإيلام العدو».

 


المصدر: البناءـ بتصرف

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/62274

اقرأ أيضا