/مقالات/ عرض الخبر

سياسة نتنياهو.. شهادات إسرائيلية.. كتب: د. أسعد عبد الرحمن

2014/06/21 الساعة 01:14 م

مع تراجع نفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، داخل حزبه «الليكود»، وبعد ارتهانه للوبي المستوطنين، ورؤية البعض في الحزب أنه لم يعد يمكن الاعتماد عليه في السير قدماً في مسيرة التسوية مع الفلسطينيين.. بدأ العديد من السياسيين والحزبيين الإسرائيليين يحثون نتنياهو على استنساخ تجربة أرييل شارون والخروج على حزب «الليكود» وتشكيل حزب بديل من قوى وأحزاب تيار يمين الوسط. فقد باتت إسرائيل في عهده تملك سجلًا كارثياً، و«إنجازاته السلبية» تعجِّل بتحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة.

يقول المحلل السياسي نوعم شيزاف: «ذات مرة قال موشيه دايان، وزير (الدفاع) الاسرائيلي الأسبق، إن الحمار وحده لا يغيّر رأيه. ولا شك في أن اليمين الاسرائيلي استوعب هذه المقولة جيداً. ونتنياهو هو النموذج الاخير للتحوّل العجيب الغريب الذي يقدم عليه كل زعيم يميني في إسرائيل بمجرّد أن يهجر موقع الديماغوجي من أجل تولي منصب تنفيذي». ويضيف شيزاف: «في الماضي، أكد نتنياهو أن مفهوم الانسحابات أحادية الجانب انهار، لكن يبدو أن ما رآه آنذاك لم يعد يراه الان. وبطبيعة الحال، ليس هذا أول تحول لنتنياهو، ففي كل مقابلة أجريت معه على مدار العام الاخير، كرّر رئيس الحكومة التزامه بفكرة الدولة الفلسطينية شريطة أن تكون منزوعة السلاح وتعترف بإسرائيل، علماً بأنه في كتابه الاكثر شيوعاً (مكان تحت الشمس) شدّد على أنه لا يجوز رهن السياسة الاسرائيلية بموافقة عربية، وعلى أن الدولة الفلسطينية تشكل الخطر الوجودي الاكبر على دولة إسرائيل، وعلى أن مطلب تجريد مناطق (يهودا والسامرة، أي الضفة الغربية) من السلاح لا ينطوي على أي أهمية».

وعندما يتحدث نتنياهو عن رغبته في «التسوية» واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، يضع رزمة من الشروط، أهمها لا للقدس إلا إسرائيلية، ولا للدولة الفلسطينية، ولا لحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ولا لتفكيك الاستيطان ولا لسيادة الفلسطينيين على المعابر أو على أي شبر من أرض فلسطين.. بل ويزيد على هذه اللاءات ببضعة «نعمات» منها: نعم لتوسيع الاستيطان في كل مكان، ونعم لـ«عودة» كل يهودي في العالم إلى فلسطين. ونتنياهو يسعى لتكريس قيادته باعتباره الزعيم الإسرائيلي الذي لا يرضخ للفلسطينيين ولا لضغوط الولايات المتحدة.

وفي سياق متمم، ترى دراسة تحليلية لمركز «أطلس للدراسات الإسرائيلية»، أن «معضلة نتنياهو تكمن في أنه الشخص الأقوى والأكثر شعبية في أوساط الجمهور الإسرائيلي عامة، بحيث لا يوجد له تقريباً منافس على مقعد رئاسة الحكومة، لكنه الزعيم الأكثر ضعفاً في حزبه، فهو إن أراد الاعتماد على ثقة الجمهور يستطيع أن يقود باتجاه الحسم، وإن اعتمد على حزبه فهو غير مفوض ومنزوع الصلاحيات، باستثناء تلك التي تقود نحو التصعيد والتطرف والرفض، لكنه يخاف من الحسم ويخشى أعضاء ليكوديين أكثر من خشيته من وزير الخارجية الأميركي (جون كيري)، كما أن روحه السياسية تفيض بالصهيونية التوراتية، وهو سيفضل من بين كل السيناريوهات المطروحة أمامه سيناريو استمرار الوضع القائم، فهو السيناريو المثالي بالنسبة لنتنياهو إذا كان مصحوباً ومغلفاً بتكتيك مد حبل المفاوضات والتلاعب بالكلمات وكسب الوقت، فهو سيناريو يضمن له البقاء في مكتب رئاسة الحكومة وعلى رأس الليكود لسنوات قادمة طالما بقيت الحالة الفلسطينية والعربية والدولية على ما هي عليه اليوم». وجاء في الدراسة: «نتنياهو يضغط بسرعة ويرتبك بسهولة ويصاب برعشة الأقدام في اللحظة الحاسمة، مما يجعله متردداً يكثر من الالتفات يمينه وشماله وخلفه، يهتم بما يقال وينشر عنه أكثر من اهتمامه بجوهر القضايا، ولديه جبن مستدام إزاء الحسم في القضايا الكبرى».

وفي مقال كاشف بعنوان «في عهد نتنياهو، أصبحنا ضد العالم كله»، كتب «منون شموش» يقول: «إن الايمان الاعمى يؤدي إلى شلّ القدرة على التفكير والفهم والمصالحة. ونظراً إلى أن نتنياهو رجل إيمان أعمى، فلابُد من استبداله بزعيم يفهم ويعلم أن ثمة روايتين يجب القيام بالمصالحة بينهما: الرواية القومية اليهودية والرواية القومية الفلسطينية». ويفسر الكاتب: «في واقع الأمر، ليست هذه المقولة هي الأولى أو الاكثر ضرراً ضمن ما سمعناه من نتنياهو. فوسواسه في الشأن الإيراني وتظاهره بأنه حكيم ويفهم أكثر من قادة الدول العظمى؛ هما جزء من ظاهرة التبجّح الشخصي والقومي التي يتسم بها. ومحاولة نتنياهو الدمج بين تبجّحه الشخصي وبين تشبّثه (بضرورة الاعتراف) بالقومية المزعومة (للشعب اليهودي) تشكل تهديداً لهذا (الشعب) أكبر من خطر أعدائه. لقد اعتقدنا دائماً أن العالم كله ضدنا، لكننا في عهد نتنياهو أصبحنا نحن ضد العالم كله، فنحن نتدخل في الانتخابات في الولايات المتحدة، صديقتنا الكبرى، ونعلّم قادتها درساً تلو الاخر. ونحن بسياساتنا نغذّي تمرداً إسلامياً في الشمال، ونتصادم مع الاتراك وغيرهم. وذلك كله من دون أن أذكر صراعنا مع الفلسطينيين». ويختم الكاتب قائلًا: «لقد تشبّع نتنياهو أثناء وجوده في الولايات المتحدة بالمبادئ الرأسمالية في أبشع تجلياتها. ومع أنه يُكثر من ذكر غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الشقق السكنية، إلا أن مثل هذه القضايا بعيد عن قلبه وأفعاله. ويحكي نتنياهو للعالم عن بلد يطيب العيش فيه، في الوقت الذي يترك هذا البلد أفضل أبنائه إلى بلاد أُخرى جرّاء عدم القدرة على كسب الرزق فيه بكرامة».

وفي نطاق متصل، استخلص مراسل الشؤون السياسيّة في صحيفة «هآرتس»، باراك رافيد، اعتماداً على مصادر سياسية رفيعة المستوى في تل آبيب: «أن إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، باتت على قناعة تامة بأن سياسة نتنياهو هي السبب المركزي لفشل المفاوضات». وتوقع رافيد أن تعزف الولايات المتحدة عن رعاية المفاوضات، وأن تنتهج سياسة الإهمال الناعم. ثم يضيف: «وحسب المصادر، قال المسؤولون الأميركيون إن نتنياهو لن يقوم بتغيير سياسته، إلا إذا شعر بتأثير العزلة الدولية على إسرائيل». هذا، رغم تأكيد العديد من الكتاب الإسرائيليين والغربيين أن نتنياهو يقود سياسة موجهة ترمي إلى تصفية معسكر السلام الفلسطيني (بل والإسرائيلي) وتعميق الاحتلال الصهيوني. وهو –عندهم- سياسي متشبث بمعتقداته المتطرفة، حذر حتى التردد، ويستميل الجميع بمواقف متناقضة مقابل رشى يقدمها لشركائه في الائتلاف الحكومي. كما أنه متلون، مناور، ويرى أن احتلال إسرائيل للضفة والجولان ليس عائقاً أمام «السلام» بل حاجزاً دون الحرب باعتبارهما عمقاً استراتيجياً. والأشد والأنكى، أن مصدر الصراع العربي الإسرائيلي مرتبط فقط برفض العرب الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وليس باحتلالها!

 

المصدر: الإتحاد الإماراتية

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/61142

اقرأ أيضا