تتواصل تعديات العمران العشوائي فصولاً في مخيم عين الحلوة، أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، ما عكست نفسها سلباً على حياة وحركة سكانه الذين يُقدر عددهم بـ 100 ألف لاجئ، بسبب ضيق مساحته التي لا تتجاوز الكيلو ونصف الكيلو متراً.
أدى توسيع المنازل وبسطات الخضار والمحال التجارية، على حساب الشارع العام في المخيم، دون حسيب أو رقيب، إلى بروز مشاكل جمة، لجهة تنقل الأهالي وطلاب المدارس والعمال، والمواصلات، فزاد طين الأزمات التي يعانيها المخيم بلَة، ما أدى إلى ارتفاع الأصوات احتجاجاً وتذمراً على ما يجري، مطالبةً بالتدخل السريع لوقف هذه التعديات.
ما هي آراء الأهالي حول واقع العمران العشوائي في المخيم؟ ما هي أسبابه ودوافعه، والمشاكل التي تسبّب ويتسبّب بها، هذا التقرير يحاول الإجابة:
المطالبة بالمعالجة السريعة
رأى صاحب محل لبيع الملابس على الشارع الفوقاني أبو أحمد فرهود أن "وضع العوائق والبسطات التجارية وصناديق الخضار أمام المحلات بحجج غير مبررة، يمنع حركة المارة لقضاء حاجاتهم، ويظهر ذلك جلياً في فترة الظهيرة، عندما يعود الطلاب إلى منازلهم وكذلك العمال، ما يسبب زحمة سير خانقة تؤدي إلى مشاكل".
وأضاف فرهود: "يجب النظر لهذا الواقع بشكل جدي ومعالجة هذه الأمور، ووضع حد لمن يعتدي على مصالح الناس، كما أدعو لتكاتف الجهود في تخفيف ذلك قدر المستطاع".
وأكد أمين سر اللجان الشعبية في منطقة صيدا ومخيماتها أبو بسام المقدح: أن"الوضع العام في مخيم عين الحلوة يحتاج إلى عمل موحد مشترك وجاد، من كافة القوى الوطنية والإسلامية واللجان الشعبية ولجان الأحياء والفاعليات والشخصيات المستقلة، للتعاون في ما بينها لتوحيد الجهود لمعالجة هذا الأمر، وإزالة كل العوائق والتعديات على الشوارع والأزقة، لأن المساحة الجغرافية للمخيم أصبحت ضيقة بشكل كبير، ولا يوجد ممر لطلابنا وأبنائنا وأصحاب المصالح العامة والخاصة".
فقدان التجاوب
وكشف عضو لجنة "تجار سوق الخضار" في مخيم عين الحلوة سامي عبد الوهاب: أنه "قمنا بعدة مبادرات لتنظيم الحركة التجارية للسوق، ومنع امتداد بعض المحال وبنائها بشكل عشوائي بدون وجه حق، لكننا لم نصل لنتيجة، وما نسعى إليه اليوم هو تسهيل حركة مرور الزبائن، ووجَهنا الكثير من الملاحظات لمن يضعون ويعلَقون بضائعهم في نصف شارع السوق، إلا أننا لم نر تجاوباً منهم في هذا الأمر، لعدم وجود أداة رادعة في تنفيذ الخطوات التي نتفق عليها، كما تعرَضنا لعدة انتقادات ممن يهمهم مصالحهم الشخصية أكثر من مصالح الناس".
وأضاف عبد الوهاب: "أنا على يقين إذا قام الجميع بالتعاون لمنع المخالفات، سنشهد نتائج ملموسة، وإذا مدت اللجان الشعبية والقواطع لنا يد المساعدة، سنصل لعدة أمور مهمة، ولو بنسبة خمسين بالمئة، كما نعلم أيضاً أن سوق الخضار ليس معزولاً عما يدور بالمخيم من أحداث أمنية مؤسفة، تؤثر على حياتنا المعيشية بشكل سلبي".
وناشد عبد الوهاب المعنيين أن يكونوا صفاً واحداً في وقف الفتنة ومنعها من إزهاق الأرواح والأرزاق، والتسبب بخسائر فادحة وتؤثر على الوضع المعيشي لأهالي المخيم، ووقف التعديات التي تعيق حركة ومصالح المواطنين.
غياب التخطيط
ويعزو رئيس الإتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين المهندس منعم عوض، سبب الإعمار العشوائي في عين الحلوة وباقي المخيمات، إلى مساحة المخيم التي بقيت على ماهي عليه منذ 66 عاماً، لكنه أوضح أن هذا السبب لا يبرر أن يتصرف الناس كل على هواه وبدون خطط علمية مدروسة.
ويقول عوض: هذا الأمر تتحمل مسؤليته "الأونروا"، لأنه كان بإمكانها الإهتمام بهذا الموضوع، بخاصة أن لديها قسم هندسة منذ تأسيسها، أما نحن كإتحاد عام للمهندسين الفلسطينيين - فرع لبنان، فمنذ إعادة تأسيسه عام 1998، رفعنا الصوت عالياً إلى "الأونروا"، لكن أذناً من طين وأخرى من عجين، ولم نر منهم الجدية في تنفيذ الخطط العلمية، الأمر الذي أدى إلى حصول فوضى الإعمار ليس على صعيد مخيم عين الحلوة، فحسب بل في أغلب المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهذا يجعل الأمور تسير نحو التأزم، ما يتطلب ويلزم الجميع إعداد الخطط وتلزيمها إلى أصحاب الإختصاص والكفاءات العلمية، للتخفيف من العواقب في السنين المقبلة ولو بشكل جزئي، أفضل من أن تبقى الأمور على حالها.
المصدر: نشرة الجهاد