شرع رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو في حملة علاقات عامة لكسب ود قادة المستوطنين معلنا: "إنني أحارب من أجلكم، ولكن هناك ضواغط دولية".
وتشكل هذه الحملة نوعاً من بداية إصلاح العلاقات مع اليمين المتطرف داخل وخارج حكومة نتنياهو تحسباً لزعزعة قد تصيب الحكومة، وتحضيراً لانتخابات مقبلة. وعندما أوضح له قادة المستوطنين "معاناتهم" من القيود المفروضة على إجراءات تخطيط وبناء وتسويق البناء في المستوطنات، قال إنه لم يكن يعلم بهذه "المعاناة".
ونقلت صحف إسرائيلية عدة عن أشخاص حضروا لقاء نتنياهو بقادة المستوطنين في مدرسة دينية في القدس، لمناسبة "يوم القدس"، قول نتنياهو لهم إنه عمل كثيراً من أجل المستوطنات في الأشهر الأخيرة.
وأضاف انه "ليس لكم أحد يدافع عنكم أكثر مني. إنني أحارب من أجلكم. ومع ذلك هناك ضواغط دولية وأنتم تعرفونها. فالجميع يقول لي طوال الوقت أن العملية السلمية غارزة بسبب المستوطنات. وأنا أرد عليهم بأن هذا غير صحيح وأن السبب هو رفض الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية".
وقال نتنياهو لقادة المستوطنين إنه "قبل 47 عاماً توحدت القدس، وهذا كان وما سيكون دائماً وأبداً". وأشار إلى "أننا نحافظ هنا على قلب الأمة، وأبداً لن نقسم قلبنا. ونحن نحرص على بناء وازدهار القدس وهناك أعمال كبيرة".
وشدد نتنياهو على أن "القدس هي السور الغربي (حائط البراق)، وجبل صهيون، وجبل موريا (حيث الحرم القدسي). هذا عهد إسرائيل. ثمة الكثير من اللاسامية في أوساط الأغيار ولكن عندهم أيضاً إعجاب كبير بنا، لأن هنا شرارة، روح، روح خاصة. هنا شعب عاد إلى وطنه ويبنيه". وأضاف: "إنني أتواجد معكم هذا المساء للفرح بالقدس، ومن أجل أن أشد على أياديكم للدأب على تعلم التوراة".
وأشارت مواقع إخبارية عديدة إلى أن قادة المستوطنين قالوا لنتنياهو إن آخر مرة نشرت فيها عطاءات للبناء في المستوطنات كانت بعد المرحلة الثالثة من تحرير المعتقلين الفلسطينيين في كانون الثاني الماضي. وأضافوا ان لجان التخطيط والبناء التابعة للإدارة المدنية لم تجتمع منذ أكثر من ثلاثة أشهر للبحث في إقرار خطط بناء باتت في مراحل مختلفة. واشتكى قادة المستوطنين من عجزهم عن إقرار خطط لبناء مؤسسات عامة مثل المدارس ورياض الأطفال.
وحينها قال نتنياهو للحضور: "لم أكن مطلعاً على مدى الأضرار التي أصابتكم والمعاناة الناجمة عن ذلك". وحاول إبداء التفهم لمطالب قادة المستوطنين، ولكن من دون أن يعدهم بشيء أكثر من مراجعة الأمر بشكل معمق وإيجاد حلول محتملة مع وزير الدفاع موشي يعلون.
يذكر أن يعلون كان اجتمع في اليوم نفسه بعدد من قادة المستوطنين، مبلغاً إياهم رسالة لا تختلف عن رسالة نتنياهو، فحواها أن لا أحد يدافع عن المستوطنات مثله وأنه سمح مؤخراً بمنح مستوطنات "غوش عتسيون" حوالي ألف دونم والسماح لمستوطنين في الخليل باحتلال أحد البيوت العربية.
وتبارى مع نتنياهو في تقديم الثناء على المستوطنين وزير الإسكان من "البيت اليهودي"، أوري أرييل الذي حمل بشدة على القوى الدولية التي تضغط على إسرائيل من أجل تجميد الاستيطان.
وأعلن أرييل أن "لا تجميد للاستيطان بعد اليوم. نحن لم نعد نطيق هذا الأمر. كيف يمكنهم قول ذلك عن القدس؟ ليس هناك واقع في العالم يحظر فيه على يهودي بناء بيته". وذهب أبعد من ذلك معلنا: "اننا نريد بناء الهيكل، وأن نحج إليه ونقدم فيه القرابين".
واستغل أرييل الفرصة ليؤكد مواقف حزبه التي يعبر عنها في الحكومة ومنها أن "بين نهر الأردن والبحر ستكون دولة واحدة وهي دولة إسرائيل. لن نسلم بالقيود التي يفرضونها وبعرقلة البناء لا في القدس ولا في يهودا والسامرة. سنواصل البناء في كل أرجاء وطننا".
وأعلن وزير الإسكان: "سنبذل جهدنا من أجل أن تكون هذه الدولة فعلاً دولة يهودية. وبعون الله سنعود إلى غوش قطيف (في جنوب قطاع غزة) وإلى سيناء وإلى كل أرجاء يهودا والسامرة في أيامنا نحن، نقول آمين".
يذكر أن تصريحات نتنياهو ووزير إسكانه تأتي على خلفية الضغوط الأميركية والأوروبية بشأن الاستيطان ومطالبات بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
ومعروف أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يكثر هذه الأيام من اشتراط العودة إلى طاولة المفاوضات بتجميد الاستيطان لثلاثة أشهر والاتفاق على ترسيم الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية. ويعتبر هذا الكلام الواضح أكبر تعبير عن رفض إسرائيل تجميد الاستيطان أو رسم الحدود.
وفي الموقف الإسرائيلي المعلن أيضاً، نوع من الرفض العلني للمطالبات والتهديدات الأوروبية بشأن المستوطنات واحتمالات فرض مقاطعة اقتصادية.
المصدر: السفير