/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

أفريقيا الوسطى: حتى آخر مسلم!..

2014/04/18 الساعة 11:02 ص

القدس للأنباء - السفير
يُدعى زعيم ميليشيا «انتي ـ بالاكا» في جمهورية افريقيا الوسطى «يغوزو». وهو كان يعمل ميكانيكي سيارات. ولكن، عندما هاجمت الميليشيا الإسلامية «سيليكا» العاصمة بانغي، ومن ثم تم إقصاء رئيس الجمهورية في شهر آذار العام 2013، قرر «يغوزو» إنشاء ميليشيا «انتي ـ بالاكا» للوقوف بوجه المسلمين. وقد انهار الجيش النظامي وانضم أفراده إلى الميليشيات المذكورة. وقد اعتبر ذلك بداية للتطهير العرقي وللإبادة الجماعية. ويقول «يغوزو» أن الله اختاره زعيماً لتلك الميليشيا، كما اختار نبيه موسى الذي أخرج شعبه من العبودية.
كان المسلمون يقيمون بالقرب من المطار الدولي. وقد هوجمت أحياؤهم في العاصمة وأحرقت بيوتهم. وقد كتب القتلة أسماءهم على الجدران المحترقة بالطبشور الأبيض، وكأن ذلك مجال فخر واعتزاز. وقد سُرقت بيوتهم وبيعت ملابسهم في الأسواق. وكان ذلك بداية لهجرة واسعة للمسلمين من البلد. ولكل من استطاع إلى ذلك سبيلاً.
عاش المسلمون والمسيحيون في افريقيا الوسطى لعقود كثيرة من الزمن بسلام. لكن الصراع الدموي نشب فجأة منذ عام، من دون أن تُعرف أسبابه. وكان كثير من المسلمين تجاراً. أما المسيحيون فكانوا رعاة للماشية وموظفين في الشركات التجارية والمؤسسات الحكومية. لكن الجميع يعانون من المجاعة اليوم. وبلغ عدد النازحين أكثر من مليون، نصفهم من الأطفال. واتجهت أكثرية النازحين إلى تشاد والكاميرون. وتعد هذه الهجرة الجماعية من الأكبر في افريقيا. وتحتاج أغلبية السكان الآن إلى الغذاء والدواء والمأوى. ويقيم كثير من النازحين بالقرب من المطار. هناك يطبخون وينامون، على أمل أن تقلهم طائرة إلى الكاميرون. وقد أقامت القوة الفرنسية التي يبلغ عدد أفرادها ألفي عنصر مركز قيادتها في المطار. وعندما يُسمع هدير أي طائرة، يتجمهر النازحون بأمل أن تقلهم إلى خارج البلاد. وقد تعطلت كل المرافق في البلد. لا ماء ولا كهرباء ولا أدوية أو أغذية أو طعام. وتعمل بنشاط في البلد منظمة «أطباء بلا حدود». وهي أقامت مستشفيات ميدانية في بعض المناطق. كما يجري نقل الجرحى إلى المستشفيات، وتقوم عصابات من القتلة بإخراج الجرحى من المسلمين وقتلهم. ولا يستطيع المسلمون دفن موتاهم، لأن مقبرتهم تقع قرب الحي المسيحي. ولا يزال يعيش عدد قليل من المسلمين في بانغي، في الأحياء المغلقة بالجدران الإسمنتية. وفي البلد قوة من «الاتحاد الافريقي» يبلغ عديدها ستة آلاف جندي. وهم يحاولون نزع أسلحة عناصر الميليشيات وحماية قوافل النازحين. لكن تلك القوة ليست كافية لإعادة الأمن إلى البلد.
أما الوضع الأمني في سائر المدن، ومنها مدينة بودا، فأسوأ بكثير. فقد قام المسيحيون بإحراق الحي المسلم وقام المسلمون بحرق الحي المسيحي. ولم يبق هناك إلا كتابات على الجدران تشير إلى هوية القتلة. وفي طريق العودة إلى بانغي، تُشاهد الجثث المرمية والمشوهة، وقد قُطعت بعض أعضائها كتذكار يحمله المجرمون للمفاخرة به. وفي مدينة بوالي، أُحرقت المساجد ولوحق المسلمون. كما أُفرغت كل قرى الريف من المسلمين. ويتعجب أفراد المنظمات الإنسانية الدولية من عدم اكتراث المجتمع الدولي بهذه الكارثة المروّعة. وقد قرر مجلس الأمن إرسال قوة مؤلفة من 12 ألف جندي إلى افريقيا الوسطى أخيراً... ولكن بعد فوات الأوان.

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/57786

اقرأ أيضا