/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

أين يكمن الحل؟..غلاء المهور وانعكاساته السلبية على المجتمع الفلسطيني

2014/03/18 الساعة 03:41 م

خاص/ القدس للأنباء
يعتبر غلاء المهور، أحد أبرز الأسباب التي فاقمت أزمة الزواج بين الشباب، ما انعكس سلباً على الحياة الاجتماعية والانسانية داخل المجتمع الفلسطيني، وبات الجميع يبحث عن حل.!
كيف يمكن أن نتخطى هذه العقدة؟ أين تكمن المشكلة؟ هل هي في العادات والتقاليد، أم في ذهنية بعض الأهالي؟ أم في الرغبة بالتباهي دون النظر إلى ما ستؤول إليه من عواقب؟
للوقوف على حقيقة ما يحدث في هذا المجال، أجرت "وكالة القدس للأنباء" سلسلة من اللقاءات مع الشباب وأوليائهم، وتعرفنا إلى رأي الشرع وعلم النفس والاجتماع، علّنا نجد مفتاحاً يسهل السبل امام الاجيال كي تتمكن من تأسيس أسرة توطد دعائم المجتمع وتقويه، كي تتفرغ الى مواجهة مصاعب الحياة الأخرى.
أعاد أيمن الصفدي، عزوف الشباب عن الزواج إلى السبب الإقتصادي المزري والبطالة والمغالاة في المهور.
وقال: "هناك أسباب كثيرة تمنع الشباب من الزواج وأهمّها: غلاء المعيشة والدخل المحدود، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أرض تتسع لمنزل متواضع لا يتجاوز حجمها 100متر مربع ثمنها على الأقل 15000$ وبناء منزل متواضع عليها يحتاج إلى تكلفة لا تقل عن 40000$ وأجرة العامل أي الشاب 11$ يوميا… فكم يستهلك الشاب من العمل ليجمع ثمن الأرض وبناء المنزل عليها؟!، بعيداً عن ثمن أثاث المنزل والمهر والحفلة والذي قد يتجاوز الـ 10,000$.. فتخيّل إذا الشاب أراد أن يعمل يوميا بلا أعطال وبلا مصروف أكل وشرب وثياب، ولم أحسب لك إذا مرض كم سيكلفه العلاج، وكم سنة سيستغرق في جمع هذا المبلغ. ويكمل قائلاً وبعد إكتمال المبلغ كم سيصبح عمره. وهل هناك من ضمان إذا استطاع تأمين هذا المبلغ أن لا ترتفع الأسعار؟
ويُكمل، "أمّا بالنسبة لأهل العروس فهم يطالبون بالمهر المرتفع و"العفش" الفخم وحتى قاعة الحفل يشترطون على العريس أن تكون من أعلى وأغلى الصالات بذريعة أن هذا الحفل هو مرة من العمر ولا يتكرر بالإضافه إلى الثياب من محلات ذي ماركات معروفة عالمياً والمجوهرات حدّث ولا حرج. فكل هذه الأسباب قد تسهم في تردد العديد من الشباب الذي لا يملك هذه المبالغ المادية للقيام بتحمل هذه المسؤولية، وبالتالي يضطر إلى أن يغير فكرة الزواج من ذهنه وربما يختار الهجرة.
ورأى عمر قاسم: "أن الثقافة الغربية التي غزتنا هي السبب في ذلك وواقع الشباب في العالم العربي يعاني من جملة أزمات، فقد أدت المتغيرات الإجتماعية في العصر الحديث إلى خلل في الأسرة العربية والإسلامية، بعد أن غزت الثقافات الوافدة من خارج الإسلام إلى أبناء الإسلام فأدت إلى بعض التصدعات داخل الأسرة، الأمر الذي غير من شكل العلاقات الأسرية والإجتماعية حيث اهتزت بعض القيم والمبادئ لدى الشباب وظهرت هموم ومشكلات ومنها التأخر في الزواج أو عدم القدرة على الزواج وهذا الأمر له عوارض سلبية على المجتمع والشباب والفتيات". يتابع قاسم، "قد يحدث تأخر الزواج بالنسبة للإناث وتأخره بالنسبة للذكور، فبالنسبة للإناث يكون خارج عن يد الفتاة التي قد يطول انتظارها لمن يتقدم لخطبتها، وقد يفوتها قطار الزواج، وتظل تعاني من خلق وخوف البوار وعدم الإستقرار في المستقبل أما بالنسبة للذكور فتكون الأسباب مختلفة، مثل وجود بعض الظروف الأسرية أو الاقتصادية وقد تسبب مشكلة العنوسة مشكلات فرعية، مثل الغيرة وفقدان الثقة في النفس نتيجة زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى.
مناشدة لتخفيف المهور
وقال أبو ماهر عروف: "يجب على أولياء الأمور أن ييسَروا الزواج ولا يعسروه، وألا يتخذوا من الزواج تجارة يتغالون به في المهور وعليهم أيضاً أن يكونوا هم أصحاب القرار في ذلك، لا أن يكونوا مقلدين لغيرهم بالمهر الغالي والأثاث والحفلات، إذ عليهم أن يعتبروا أن المهر الذي يقدمونه، هدية رمزية وعربون وفاء ومحبة، وأن يرضوا بالخاطب ممن يرضونه خلقاً وديناً وليس الألتفات إلى الجاه والمال والمنصب في تزويج أبنائهم وبناتهم، وأضاف: "نحن الآن وفي هذا الوقت، غارقين في مظاهر اجتماعية، حيث الكثير من الناس بات همّهم الوحيد البيت والمنزل والسيارة، ولم يعد همّه سعادة إبنته في تكوين الأسرة الصالحة، فالحل لهذه المشكلة أن يكون هناك ثقافة اجتماعية يلتزم بها الآباء والأمهات، من خلال توعية يقوم بها خطباء المساجد، وفي الدروس الدينية، حتى يغيروا هذه العادات والظواهر التقليدية".
وتقول الحاجة أم فادي: "المهر لا يربط زوج بزوجة، وإنما هو مهر مسمى، الأمر الأهم في ذلك، هو أن يكون الطرفان على مسافة واحدة، وهذا لا يعني أن لا يكون هناك مهر للزوجة، ولكن كما يرضى ولي أمر الفتاة لإبنه وإبنته يرضاه لغيره، ولا يحاول أن يجعل هذا المهر ثروة مالية، تنعكس سلباً على هذا الزواج، وبالتالي قد تنشأ ردة فعل من كلا الطرفين (العريس والعروس)، وقد يتضرر العريس في مثل هكذا حالة إذا لم يتوفر المهر المطلوب لديه، ما يضطره إلى استدانته، أو أن يلجأ إلى القروض الربوية، فيغرق في الديون، والحرام، ويسبب له ذلك مشكلة اقتصادية قبل زواجه، وأضافت: الحل برأيي أن يكون هناك نوع من التعاطي الإنساني، بخاصة في مجال الزواج، ويجب على أولياء الأمور أن يعملوا كما كان يعمل المسلمون قديماً، البحث عن العريس المناسب لإبنتهم، لكن الحال الآن مختلف تماماً عن ذاك الزمان، وعلى الأهل أيضا أن يراعوا أحوال الشباب، سيما أن الوضع الاقتصادي صعب جداً، إذ أن الزواج يحتاج الكثير من المال، لذا على الأهل أن ييسروا في الزواج ولا يعسروه ولا يلتفتوا لمن معه المال والبيت والسيارة، لأن زواج كهذا من الممكن أن ينغص الحياة الزوجية على إبنتهم، ولأن السعادة لا تأتي بالمال ولا بالجاه، لكنها تأتي بالتوافق والرضى بين الزوجين".
المبالغة في المهور
وأكد عضو رابطة علماء فلسطين، الشيخ حسن ذياب من مخيم الرشيدية أن "المسؤول عن هذه المشكلة يتحملها أولياء الأمور الذين بالغو في المهور وعقدوها وتشددوا فيها، هؤلاء الذين يريدون الفخر الكاذب والرياء الممقوت، لا يهمهم إلا المنصب من هذا الغرض أو المركز الإجتماعي، وكم يملك الرجل من المال والعقارات. إذن المشكلة خطيرة يعاني منها الشباب بصفة خاصة لأنها أحدثت ثغرة في الحياة الإجتماعية، نتجت عنها آثار خطيرة من أهمها نسبة العنوسة التي وصلت إلى 80%.
أما إذا أردنا أن نضع تصوراً لهذه الأسباب وجدنا أن السبب الرئيسي ومحور الدائرة هو التشدد في المهر، أضف إلى ذلك التقاليد والأعراف السائدة، والتربية الخاطئة والتوجه الخاطئ، ومن هذا المنطلق تشدد الناس في التشدد لأن الله تبارك وتعالى عندما أمر بإعطاء الصداق للمرأة لم يحدد صداقاً بعينه ولم يفرض قيمة بعينها، قال تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه فكلوه هنيئاً مريئأ"، ولكن الناس أخذوا هذا السند مأخذ التشدد والمغالاة وتناسوا هذا المبدأ العظيم الذي نادى به الإسلام وهو التيسير، قال تعالى: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، وفي الحديث "يسّروا ولا تعسّروا " لكن الناس انحرفوا عن الأصل وهو التيسير فلحقت بهم الأضرار العظيمة، وأضف إلى ذلك الطلبات الكثيرة من إقامة الحفلات في الصالات الباهظة التكاليف والأثاث المميز، وأما عن الأضرار التي تلحق بالمجتمع من خلال هذه الظاهرة تمثلت في زيادة العنوسة والإنحلال عن القيم والأخلاق مما سبب مشاكل إجتماعية كثيرة .
الحل لهذه الظاهرة ومعالجتها
أن نتعامل كما تعامل الإسلام مع غير القادر معاملة حكيمة فلا يكلفه فوق طاقته ولن يكلفه بما يستطيع وفي الحديث "إلتمس ولو خاتماً من حديد فقال ما وجدت شيئاً ولو خاتماً من حديد قال هل معك من القرآن شيئاً قال معي كذا وكذا قال اذهب فقد زوجتكما بما معك من القرآن .
إذن الغلو ليس مكرمة لمرء في الدنيا أو تقوى في الآخرة يقول أمير المؤمنين عمر: "لا تغالو في مهور النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة لكان أولاكم رسول الله وما أصدق رسول الله امرأة من نسائه أو بنتاً من بناته أكثر من اثنتي عشر أوقية" .
فعلى أولياء الأمور أن لا يتعلقوا بأغراض الدنيا الفانية وعليه فالواجب على الخطباء والعلماء والمربين والمدارس ووسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي التوعية من هذه الأمور وتنبيه المجتمع وتذكيرهم بها لما ينتج عنها من فساد الدين والدنيا".
رأي علم النفس
وتقول الباحثة الإجتماعية في علم النفس تقوى الظاهر، عندما أطلق لقب "عانس" على الفتاة، فأنا هنا أبعث برسالة إلى الفتاة بأن الزواج هو الأساس. وبذلك، ألغي جميع مهارات الفتاة وجميع الأشياء المنتجة في شخصيتها إن كانت علمية أو عملية. مما يعرضها لحالة اكتئاب تصبح بعدها شخصية غير منتجة في المجتمع أكان في عملها أو في دراستها أو أي مجال آخر تبدع فيه. هذا بالإضافة إلى إهمالها لنفسها ومظهرها وتصرفاتها. مما يؤدي إلى مشكلة أكبر وهي الانطواء والعزلة. إذ ترفض هذا المجتمع الذي لا يراها إلا بوجود رجل. يجب على الأهل تربية بناتهم على أن الزواج مسألة نصيب. إذا تم، فهو فرحة لهم. وإذا تأخر، فهذا لا يلغي مكانتها الاجتماعية لديهم
أما بالنسبة إلى الشاب، فالمشكلة تكون أخف وطأةً عامة لأن حججه في التأخر في الزواج أبلغ من الفتاة. هناك المشكلات المادية والتعليمية وصولاً إلى مرتبته الوظيفية التي يمكن أن تسبب له القليل من العزلة والبعد عن المجتمع. وفي حالة أخرى، يمكن أن يلجأ إلى الانحراف لتمتعه بحرية أكبر من الفتاة. ويعود ذلك إلى العامل الأخلاقي والتربية الدينية لدى الشاب. فالانحراف من أكثر المشاكل التي يعاني منها المجتمع بسبب تأخر الزواج.

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/55590