رام الله - رويترز: تسلط المخرجة الايطالية ياسمين بيرني الضوء على تاريخ المسيحيين الحديث في الأراضي الفلسطينية وما تعرضوا له منذ النكبة في فيلمها الوثائقي (الحجارة تصرخ قصة الفلسطينيين المسيحيين).
وقالت بيرني لرويترز بعد عرض فيلمها في قاعة كنيسة الروم الارثوذكس في رام الله مساء أول من أمس: "السبب وراء عمل هذا الفيلم كان الصدمة التي شعرت بها عندما زرت مدينة بيت لحم في العام 2006".
واضافت: "كانت مدينة ميتة يحيط بها الجدار والعديد من الحواجز على الطرق المؤدية لها".
وتابعت: "الغالبية تعتقد أن الصراع هنا بين المسلمين واليهود ولا يعرفون أن المسيحيين جزء من الشعب الفلسطيني ولهم دور في هذا الصراع ويتعرضون لما يتعرض له المسلمون".
وتقدم بيرني في فيلمها الذي عملت عليه على مدار ست سنوات وما زالت تضع عليه بعض اللمسات لقطات حية من الأرشيف لما تعرض له المسيحيون الفلسطينيون العام 1948 واختارت قرية كفر برعم في الجليل نموذجا لذلك.
ويستضيف الفيلم العديد من سكان تلك القرية الذين عاشوا في تلك الفترة وكانت أعمارهم آنذاك بين العاشرة والخامسة عشرة مقدمين شهادات حية لما حدث في قريتهم التي لم يعودا إليها إلى يومنا هذا.
ويعرض الفيلم حكاية الفلسطينيين وما يتعلق بالمسيحيين فيها تحديدا بتسلسل زمني من النكبة عندما أعلن قيام إسرائيل مرورا بحرب العام 1967 التي أدت إلى الاستيلاء على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وصولا إلى الانتفاضة الأولى العام 1987 والثانية العام 2000.
واختارت المخرجة بلدة بيت ساحور المجاورة لمدينة بيت لحم مهد السيد المسيح ذات الغالبية المسيحية لتقدمها نموذجا على نضال المسيحيين في الانتفاضة الأولى.
ويتناول الفيلم قصة البلدة التي بادرت إلى العصيان المدني خلال تلك المرحلة وما تسبب لها ذلك من معاناة بسبب الحصار الذي فرض عليها من قبل الجيش الإسرائيلي وفقدان عدد من ابنائها في المواجهات العنيفة التي كانت تشهدها بين الشبان وقوات الاحتلال الاسرائيلية.
وتعيد المخرجة الى الاذهان ما شهدته تلك البلدة بصور من الارشيف اضافة الى شهادات حية من السكان الذين عاشوا تلك المرحلة.
ويتضمن الفيلم ايضا عرضا للحصار الذي شهدته كنيسة المهد العام 2002 بعد أن تحصن فيها عدد من المقاتلين الفلسطينيين.
ويستضيف الفيلم اضافة الى السكان العاديين بعض رجال الدين مثل البطريرك ميشيل الصباح والاكاديمي الراحل جابي برامكي اضافة الى حنان عشراوي التي تشغل حاليا منصب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وأوضحت مخرجة الفيلم ان الاجراءات التي قامت بها اسرائيل ضد الفلسطينيين بمن فيهم المسيحيون دفعت العديد منهم الى الهجرة.
وقال حنا عيسى الامين العام للهيئة المسيحية الاسلامية في مقال له أمس إن نسبة المسيحيين في الاراضي الفلسطينية اقل من واحد في المئة حاليا.
واضاف: "الاحصائيات الاخيرة تشير الى ان عدد المسيحيين يبلغ 40 الفا في الضفة الغربية و5000 في القدس و1250 في قطاع غزة".
وقالت بيرني التي قدمت عروضا لفيلمها في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا خلال الفترة الماضية إن عددا كبيرا ممن شاهدوا الفيلم قالوا إنهم لا يعرفون ان المسيحيين جزء من الصراع العربي الفلسطيني.
ورأى بعض مشاهدي الفيلم انه يعيد الى الاذهان ما بدأ البعض بنسيانه.
وقال الارشمندريت جوليو عبد الله راعي كنسية الروم الكاثوليك في رام الله خلال النقاش الذي جرى بعد عرض الفيلم: "هناك متضامنون مع القضية الفلسطينية يعرفون اكثر من اولادنا. نحن نسينا واصبح التصريح (لدخول اسرائيل) اهم الينا من التحرير".
واضاف: "يجب أن يمثل هذا الفيلم وقفة وجدانية حتى نعود إلى ماضينا المجيد".
وقالت المخرجة ردا على بعض التساؤلات إنها أرادت تبسيط الامر قدر الامكان حتى يسهل على كل من يشاهد الفيلم فهمه.
ورأى الارشمندريت الياس عواد الرئيس الروحي للروم الارثوذكس في رام الله ان الفيلم "يشكل مساهمة في سد النقص في المعرفة ويقدم الواقع كما هو".
وتستعد المخرجة لتنظيم سلسلة عروض لفيلمها المقدم باللغتين العربية والانجليزية في مدن الضفة الغربية على مدار الأيام القادمة قبل أن تعود مجددا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا لعرضه هناك مرة أخرى.