/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

لبنان: طلاب الجامعات الفلسطينيون يتعهّدون بمساعدة أبناء بلدهم القادمين من سورية

2013/11/21 الساعة 08:09 ص

لا يزال الصراع السوري مستمرّاً في تفريق اللاجئين الفلسطينيين من المخيمات في سورية التي يبلغ عددها الرسمي عشرة مخيّمات، بالإضافة إلى المخيمات الثلاثة غير الرسمية، وذلك من خلال إجبار أغلبية هؤلاء على الهرب إلى لبنان بالرغم من عدم اعتراف هذا البلد بحقوق الفلسطينيين الذين أُجبِروا على ترك وطنهم خلال نكبة العام 1948، وضمن هذه الحقوق تلك المدنية الأكثر إلحاحاً كالحقّ في العمل والحقّ في امتلاك المنازل.
ويشكّل اللاجئون الفلسطينيون ثاني أكبر كثافة عددية من حيث التشرّد نتيجة الأزمة السورية إذ تُقدّر نسبتهم بـ 65% من أصل 500 ألف فلسطيني قد تشرّدوا من سورية، إلى جانب سبعة ملايين سوري، وبذلك تزداد المصاعب على هؤلاء الفلسطينيين في الهرب إذ تتمّ مضايقتهم في الدول المجاورة بالرغم من أنهم ممنوعون تماماً من طلب اللجوء في بلدهم فلسطين.
وفي التفاصيل، قد تشرّد حوالى 255 ألف لاجئ فلسطيني في سورية، أكثر من 200 ألف منهم كانوا في دمشق، وحوالى 6600 في حلب، و 4500 في اللاذقية، و3050 في حماه، و 6450 في حمص، و 13100 في درعا. وقد تمّ تسجيل 9657 لاجئ فلسطيني من سورية في سجلات وكالة الغوث والتشغيل للاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) لمساعدتهم في الأردن، و49 ألف لاجئ في لبنان.
وبحسب (الأونروا) أيضاً، فهناك حوالى ستة آلاف لاجئ فلسطيني في مصر، و 1100 في ليبيا، وألف في غزة وأكثر من ألف لاجئ ذهبوا إلى ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا.
أما الإعتداءات المتقطعة والمتفاوتة فمستمرّة، وخلال الشهرين الماضيين حول مخيّمات اليرموك والحسينية وسبينة وبرزة وجوبر والقابون وخان الشيحة ودرعا. وقد قُتل حوالى 125 لاجئ فلسطيني نتيجة الإعتداءات، وقد توزعوا على الشكل التالي: 22 في اليرموك، و 18 في درعا، و 13 في الحسينية، و 12 في خان الشيح، فضلاً عن المخيمات الأخرى. ويعتبر هذا الرقم الأعلى في على لائحة موت الفلسطينيين منذ أشهر. أما مخيّما اليرموك وسبينة فمغلقان بسبب اهتمام (الأونروا) المتزايد بالحفاظ عليها.
ويتواجد الآن في لبنان حوالى 65 ألف لاجئ فلسطيني من المخيمات في سورية. وأغلبيتهم متواجدون في صيدا 32%، إلى جانب 19% منهم في صور، و 17% في وسط لبنان، و 16% في كلّ من الشمال والبقاع بحسب المعلومات التي حصلت عليها خلال زيارتي إلى مقرّ (الأونروا) في دمشق.
وفي ما يخصّ الطلّاب الفلسطينيين الواصلين، وبحسب وثائق (الأونروا)، فينقلون أنّ المدارس تستقبل المهجّرين الفلسطينيين والسوريين جزئياً، وهي أيضاً بمثابة مآوٍ لهم، وهناك ثلاث نوبات للتعليم فضلاً عن نوبات النوم. أما العدد الكبير من المدارس المغلقة، والمدمّرة والأهالي الذين لا يريدون إرسال أبنائهم إلى المدارس لأسباب أمنية، فضلاً عن الكثافة السكانية المتزايدة، كلّها آخذة في الإزدياد. وثمّة عدم تأكد من استدامة قوانين التعليم الطارئة خلال أشهر الشتاء المقبلة، إضافةً إلى النقص في المواد الغذائية، ونقص توفر المساكن والحصول المحدود على اللوازم الدراسية، وأيضاً حول إمكانية حصول الفلسطينيين في لبنان والدول المجاورة، ككثيرين غيرهم من المستضيفين السوريين، على التعليم أصلاً.
ومن جهتها أصبحت الخدمات التعليمية التي تقدّمها (الأونروا) للأعداد الكبيرة من أطفال اللاجئين الفلسطينين في سورية ضعيفة جداً ، أما في لبنان فالمشاكل موجودة ولكنها أكثر.
والمعطيات الأخيرة حول أزمة تعليم اللاجئين الفلسطينيين التي وردت في نشرة مشتركة صادرة عن الأونروا  والإتحاد الأوروبي تحت عنوان "إلى المدرسة من جديد، الطوارئ في سورية: أطفال اللاجئين الفلسطينيين". وفي ما أشارت إليه أنّ ثلثي اللاجئين الفلسطينيين الشباب  قد تأثروا بسبب إغلاق المدارس. ومن 118 مدرسة تابعة لـ (الأونروا) في سورية، هناك 68 مدرسة مغلقة بسبب تدميرها خلال الحرب، وهناك 10 مدارس تستخدم كملاجئ طوارئ للأفراد المشرّدين، فضلاً عن 40 مدرسة تستخدم للعمليات منذ 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013. وقد تعاونت (الأونروا) مع وزارة التعليم السورية لإنشاء مدارس في مبانٍ مشتركة.
وتقوم (الأونروا) حالياً بتشغيل 694 مدرسة إبتدائية وإعدادية ضمن مجالاتها الخمسة، فضلاً عن 8 مدارس ثانوية في لبنان، مؤمّنةً بذلك التعليم لحوالى 550 ألف طفل فلسطيني لاجئ، ولكنه لا يوجد متّسع من الصفوف للشبّان القادمين من سورية إلى لبنان حيث تسجّل أقلّ من 35% منهم في المدارس. بالإضافة إلى ذلك، فإن ميزانية برنامج (الأونروا) للعام الدراسي 2012-2013 تشكّل حالةً ماليةً باتت مزمنة تمثّل التنافر بين الميزانية والمدخول والمصروف. فالفلسطينيون في لبنان وسورية يتحمّلون عبء الرعاية الصحية المتلاشية والتعليم الناقص.
وبالرغم من تأييدي الكامل لـ (الأونروا)، فإنني على علم بأن ضماناتها للميزانية المتفحّصة بشكل دقيق. وهناك تقريباً 75% من ميزانية (الأونروا)، أي ما يعادل 675 مليون دولار عالقة بين العامين 2010 و 2013 لدفع رواتب الموظفين. وصرف الرواتب فاق 400 مليون دولار في العام 2008 ليفوق 502 مليون دولار في العام 2013. ولكنها تصرف على المعدات الطبية في 2013 تقريباً بقدر ما صرفته في العام 2009.
وكما تذكّرنا الأستاذة في الجامعة الأميركية في بيروت "روزماري صايغ"، وقبل أن نلوم لبنان بالكامل على سياساته القاسية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، علينا أن نتذكّر أنه لو أصرّت "القوى العظمى" على إسرائيل لإعادة اللاجئين بعد نكبة العام 1948 بموجب قرار الجمعية العامة في الأمم المتحدة رقم 194 الصادر في كانون الأول/ ديسمبر في العام نفسه، لما كانت مشكلة اللاجئين موجودة في يومنا هذا، ولم يكن على الدول العربية أن تتعامل معها.
وبوجه هذه الكواليس المقلقة ثمة حقيقة مفادها أنّ المنظمات غير الحكومية المحلّية لديها القليل من الموارد المتاحة لمساعدة اللاجئين في مسألة التعليم. إلا أنه هناك جوانب إيجابية لهذا الغرض نفسه تشجّع الطلاب الفلسطينيين وهي صادرة بشكل أساسي من المجتمع الفلسطيني في لبنان، إلى جانب بعض أصدقاء فلسطين في الدول الأخرى.
ومثالٌ على ذلك إنشاء برنامج صبرا وشاتيلا للمنح التعليمية هذا العام (sssp-lb.com) المُعَدّ من خلال هبات تعليمية للاجئين الفلسطينيين في لبنان من قبل رجل أميركي وطني معروف، إلى جانب ناشطين في مجال حقوق الإنسان.
ومنذ الأشهر القليلة التي مرّت على انطلاقته، قدّم البرنامج 99 منحة تعليمية في مخيّمي شاتيلا وبرج البراجنة وخططاً لتقديم 150 منحة إضافيّة للاجئين ليتم استخدامها في فصل الربيع في مخيّم عين الحلوة. وبحسب زينب الحاج، مديرة تنفيذية في البرنامج، فكلّ من يحصل على منحة تعليمية عليه العودة إليها أو إلى مجتمعه خصوصاً في المجال التعليمي.
وقد التزم الكثير من الحاصلين على المنح التعليمية بتعليم أبناء بلادهم القادمين من سورية أو المتواجدين في أكثر المخيمات قساوةً بما فيها المخيمات الثلاثة المذكورة سابقاً حيث تبلغ معدّلات التسرّب الدراسي أعلاها في حين أن معدّلات التعليم هي في أدنى مستوى لها. "ونحن في برنامج صبرا وشاتيلا للمنح التعليمية لا نهتمّ فقط بالشباب ذوي المعدّلات الدراسية العالية، فنحن نريد أن نساعد الذين من دون مساعداتنا قد لا يذهبون إلى الجامعات، وإن ذهبوا فقد لا يكملوا تعليمهم".
وقد حثّ أحد الأصدقاء الأميركيين للفلسطينيين الحاصلين على المساعدات في الأحياء الفقيرة في مخيّم برج البراجنة الشهر الماضي، عندما حصل 80 شاباً فلسطينياً على المنح التعليمية بقوله: "لتحقيق أحلامكم بحياة أفضل لكم ولعائلاتكم المنتظرة للعودة إلى فلسطين". وقد ذكّرهم بأنّ "التعليم يبقى للأبد والهدف منه الإستمتاع بحياة أكثر إنتاجية مع السعي لتحقيق كلّ ما يستطيع كلّ فرد منكم القيام به ومنحه لمجتمعاتكم المحترمة. فمواصلة التعليم العالي مهمّ جداً وهو عمل مقاوِم نبيل ضدّ القمع والإحتلال في كلّ مكان. والتعليم لا يمكن تطهيره عرقياً أو سرقته أو تعذيبه أو حبسه أو اقتلاعه أو سحقه أو ذبحه أو قتله أو قصفه أو حرقه. وبالمقابل، فإن البقاء في المدرسة والسعي لتحقيق أحلام الفرد هو ما أراده أسلافكم وتوقّعوه لكم، هم الذين هُجِّروا من بيوتهم وأرضهم إلى لبنان راحلين عن فلسطين في صيف وخريف العام 1948".
وإذ يزداد عدد المستفيدين من برنامج المنح التعليمية فرداً فرداً من المخيّمات في لبنان في الدعم التعليمي لأبناء بلدهم القادمين من سورية، لا يستطيع أصحاب النوايا الحسنة إلا أن يتأثروا بمثالية هؤلاء الفلسطينيين الساعين لإكمال تعليمهم العالي وطاقتهم والتزامهم، الذين يدعمون مجتمعهم كما كان سائداً على مرّ التاريخ عندما كان الفلسطينيون يُعتبرون في طليعة الركب التعليمي في المنطقة.


المصدر: المنار

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/48165

اقرأ أيضا