قبل ثلاثة عشر عاماً انطلقت شرارة انتفاضة الأقصى الثانية بعد تدنيس رئيس وزراء "إسرائيل" الأسبق "أرائيل شارون" باحات المسجد الأقصى والتجول في ساحاته برفقة حراسه، الأمر الذي أثار استفزاز وغضب الفلسطينيين وكان ذلك بمثابة الوقود الذي أشعل انتفاضة شعبية عارمة، دامت قرابة الخمسة أعوام علمت العالم بأسره معنى الغضب والثورة على الطغيان والاحتلال.
واندلعت انتفاضة الأقصى في 28سبتمبر 2000 راح ضحيتها أكثر من 6000 شهيداً، فيما أصيب أكثر من 500 ألف جريح، وما ميزها مقارنة بسابقتها كثرة المواجهات المسلحة وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش "الإسرائيلي".
رأى القيادي في حركة الجهاد الإسلامي د.أحمد المدلل أن انتفاضة الأقصى بدأت من المسجد الأقصى المبارك، وتستعيد في هذه الفترة شرارتها من جديد في حياة الفلسطينيين، واصفاً إياها بالعمل الأسطوري الذي قام به أبناء الشعب الفلسطيني، لمواجهة هيمنة وعنجهية الاحتلال "الإسرائيلي".
وقال المدلل:"يجب أن ينتفض أهلنا في فلسطين من جديد سواء بالضفة أو بأراضي 48، كما انتفضت غزة الآن، لنؤكد للعدو الصهيوني أن خيار المقاومة هو الخيار الأمثل لتحرير كل فلسطين، لإيقاف هجمة الاحتلال الشرسة ضد المسجد الأقصى ".
وأضاف القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"هذه اللحظات لا بد من أن تعود المقاومة والعمليات الاستشهادية لما كانت عليه بالسابق لتعبيد الطريق نحو الأقصى ورفع راية الجهاد فيها"، معبراً عن رفضه لطريق المفاوضات التي تخدم مصالح "إسرائيل".
نموذج للثورات العربية
وبدوره، أكد القيادي في حركة "حماس" يحيى موسى، أن الشعب الفلسطيني بكل مراحل تاريخه النضالي أثبت أنه متقدم، ولديه مخزون من الثورة والإصرار لنيل حقوقه الوطنية، وما قدم من تضحيات من الشهداء والقادة والعمليات المتواصلة للمقاومة الفلسطينية خلال الانتفاضة الثانية خير دليل على ذلك.
وقال موسى:"خرج أبناء شعبنا في الانتفاضة الثانية ليصححوا المسار الوطني الفلسطيني بعد ذهاب السلطة الفلسطينية إلى اتفاق "أوسلو"، فكانت إرادتهم الجامعة تُبشر بالخير، لأن هذا الشعب يثبت في كل فترة بأنه لم يضيع حقوقه الوطنية الفلسطينية".
وأضاف "الانتفاضة الأولى وضعت بداية إنهاء الكيان الصهيوني، والانتفاضة الثانية أعطت نموذجا للثورات العربية، لأن الشعب الفلسطيني ملهم لكل شرارة وثورة في العالم لإثبات أن لا مستقبل للكيان على أرضنا"، مشيراً إلى دور المقاومة الفلسطينية التي أخذت أشكالاً عدة منذ بداية الانتفاضة حتى هذه المرحلة، والتي أعطت ذروة العطاء الجهادي ضد الاحتلال.
انتفاضة ثالثة
من جهته، أوضح القيادي في حركة فتح د. فيصل أبو شهلا أنه بعد مرور ثلاثة عشر عاماً على ذكرى انتفاضة الأقصى، إلا أن الشعب الفلسطيني لا زال متمسكاً بالدفاع عن أرضه وقدسه، وخير دليل ما يقدمه المقدسيين من تضحيات للدفاع عن الأقصى.
وقال أبو شهلا:"الاقتحامات المتواصلة التي يتعرض لها المسجد الأقصى، من جانب جيش الاحتلال "الإسرائيلي" قد تعيد كَرة انتفاضة ثالثة، خاصة وأن الأوضاع الفلسطينية تشهد حالة من التوترات سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة
وتابع" الشعب الفلسطيني ما زال على عهده مواصلاً على درب الشهداء، الذين ضحوا بدمائهم عن الأقصى وثوابت شعبنا الوطنية، داعياً القيادة الفلسطينية بانجاز ملف المصالحة الوطنية والعودة إلى الموقف الفلسطيني الموحد والشراكة السياسية.
رائد الثورات
في ذات السياق، أشار المحلل السياسي طلال عوكل أن الشعب الفلسطيني لا ينسى انتفاضة الأقصى، كونه رائد الثورات والانتفاضات وهو الذي فرض إسم الانتفاضة على القاموس السياسي، لافتاً إلى أن الإنقسام الفلسطيني يقف عقبة أمام اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة.
وأوضح المحلل السياسي"أن الانتفاضة جاءت كرد فعل على المخطط الأمريكي "الإسرائيلي" في المنطقة الذي تبعه تدنيس "شارون" للأقصى، مبيناً أن "إسرائيل" هي من جرّت الفلسطينيين إلى ميدان العمل العسكري في هذه الانتفاضة.
ولفت إلى وجود محفزات لاندلاع انتفاضة جديدة تتمثل في ضغوطات الاحتلال وسياساته الإجرامية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وتصاعد عدوان على المسجد الأقصى، وفشل المصالحة، مؤكدا على أن الضغط على الفلسطينيين سيولد هبة شعبية كبيرة وانتفاضة جديدة.
المصدر: الاستقلال