خاص/ القدس للأنباء
مفردات ورموز توارثتها أجيال من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين عبر عقود من عمر قضيتنا الوطنية، مواضيع وهموم لم تغب عن بال الفنان الفلسطيني كلما نطق فنا، فتنوعت الألوان والخطوط والتشكيلات والموضوع واحد، واختلفت الأساليب الفنية مع اختلاف الأنماط الفكرية لدى الفنانين أنفسهم لكن ذلك لم يفسد للفن هوية.
للوحات الجدارية حضورها في المشهد العام في شوارع مخيم البداوي بعد أن اعتادها التشكيليون في المخيم عند مخاطبتهم لجمهورهم، حتى أصبحت لغة محكية. فهي من أكثر الوسائل التعبيرية لدى الفنان التشكيلي فعالية لنقل هموم وتطلعات الناس وأسرعها تواصلاً معهم، وذلك لإمكانية تلقيها من قبل الأغلبية الساحقة من العامة كونها عملاً ثابتاً ومعرضاً دائماً متاحاً للجميع، فضلاً عن تكاليفها المتواضعة قياساً بالمعارض التشكيلية.
في مخيم البداوي، حوّل التشكيليون الجدران الصامتة إلى مساحات ضخمة صارخة تضج بأصوات البسطاء والثائرين والأطفال والهرمين على حد سواء، فلاقت تجاوباً وتفاعلاً من أهالي المخيم لما فيها من ذاتهم تسجيلاً لمواقفهم وتطلعاتهم اتجاه المقاومة وحنينهم للوطن.
الفنّان سمير أبو شقير
يجيب الفنّان سمير أبو شقير، عن سؤال لمراسل وكالة (القدس للأنباء) له عن أهمية استخدام اللّوحات الجدارية في عملية التواصل مع العامة، فيعتبر أن لانجاز الفنان لوحات تشكيلية جدارية دوراً في التوجيه والتثقيف والتعبئة إجتماعياً وثقافياً ووطنياً لا يقل شأناً عن دور المقاومين على محاور القتال ضدّ العدو الصهيوني، إذ أن الفنانين هم جزء من دائرة التنشأة للأجيال الصاعدة، الذين هم مقاومو الغد.
أهالي المخيم
أمّا أهالي المخيم فقد تفاوت اهتمامهم بالجداريات التشكيلية على جدران المخيم، لكن الجامع في آرائهم أنها مسألة إيجابية على الدوام وعلى أكثر من صعيد.
فالبعض كان له وجهة نظر بيئية في ماهيّة إنجاز الجداريات في الشوارع والأماكن العامة، حيث اعتبرها كجزء من تحسين المشهد البيئي العام للشارع عبر تلوين جدرانه بصرف النظر عن الموضوعات المطروحة، وفي ذلك تطوير للمشهد البيئي العام للمخيم عبر استصلاح الكثير من الجدران المتأذية من عوامل الطبيعة واستبدال شكلها التالف بلوحة تشكيلية.
أما البعض الآخر ومن منظور مختلف رأى فيها بعداً وطنياً وتوجيهياً بحتا. فماهر العقلة، شاب في العقد الثاني من عمره حاله كالكثيرين من أبناء المخيم، يرى في اللوحات الجدارية وسيلة لتوعية مجتمعنا وطنياً وإجتماعياً في المخيم، إذ أنها تطرح العديد من الموضوعات الوطنية وتحرك بالتالي فضول الأطفال والشباب للسؤال عنها، مضيفاً "أن هناك جداريات تسجل محطات أساسية في تاريخ ثورتنا ومسيرة نضال شعبنا وتثبت مبدأ المقاومة وخيار البندقية في ظل غياب دور المعنيين في مجتمعنا بالتعبئة الوطنية، وهنا تكمن أهمية ما يقوم به الفنانون التشكيليون في المخيم".
إن الواقع الإجتماعي والمعيشي والسياسي العام الذي يعيشه أهلنا في المخيمات له من الضغوط اليومية عليهم ما يجعل من أي نشاط فني أو ثقافي أو ترفيهي ضرورة ملحة لهم لاستنشاقهم بين الفينة والأخرى بعضاً من الهواء الخالي من الهواجس وضغوط الحياة اليومية.
فن هو إذا يحيك أحلام وآمال اللاجئين في المخيم ويبسطها على الملأ لتبقى بدورها معلقة على الجدار تنتظر من يتبنى تحقيقها، لكن هل من يدق الجدار؟
رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/42355