على غير عادة الغزيين العرسان؛ آثرت عروس الأسير المحرر سمير مرتجى أن تُزف من منزل ذويها وصولاً إلى منزل عريسها سمير، وذلك تقديرًا لصبرها على غيابه لنحو 20 سنة.
20 سنةً إلا 60 يومًا قضاها مرتجى في سجون الاحتلال ليعود إلى أحبابه وعروسه بحي الزيتون شرق غزة التي لم يلتقيها إلا ثلاثة أشهر فقط، حتى خطفه جنود الاحتلال من عش زوجيته إلى قفص ظلمة السجون.
وبعيدًا عن صوت السجان، الذي دوى في أذني المحرر مرتجى لنحو عقدين، ترتفع زغاريد أحبته ونساء أسرته مهللةً بعودته محررًا في مفاوضات وافقت "إسرائيل" على الإفراج عن 26 أسيرًا، الثلاثاء.
وحتى زفة سمير لم تكن كافيةً لتعم ذوي سمير؛ فهو لطالما حلم بتقبيل أيادي أمه وأبيه بعد أن عاجلتهما المنية إبَان اعتقاله، كما أن شقيقه لا زال بانتظار صفقةٍ تفرج عنه أو انقضاء محكوميته هو الآخر على أقل تقدير.
وتقول العروس نسرين إنها فضلت اللحاق بالعلم في غياب زوجها، فقد حصلت خلال العشرين عامًا الماضية على شهادة الثانوية العامة وشهادتي البكالوريوس والماجستير في علوم التربية، قائلةً: "كان يشجعني على العلم".
وعن حريتها في إكمال حياتها مع أسير بمحكوميةٍ عاليةٍ، تقول نسرين: "خلال زيارتي الأولى له بمعتقله خيَرني سمير بانتظاره أو طلاقه، إلا أنني فضلت انتظاره ليكرمني الله مقابل صبري".
ضريبة الدم
وعن لحظات الاعتقال، يستذكر سمير حين كان (23 عامًا) كانت الدنيا الواحدة قرب بالليل، واقتحمت قوة من الجيش منزلنا ورمتني بجيب عسكري، وبعدها قضيت 123 يومًا متنقل من سجن لسجن ومن غرفة تحقيق لأخرى". وقد حكم بالسجن 20 عامًا بتهمة الإنتماء لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
ويضيف مرتجي: "السجن سلسة من الأيام التي لا تحمل للأسير سوى الألم والاشتياق للأهل والحرية، بجانب صراع البقاء الذي يخوضهُ مع إدارة السجون، فكل شيء تحتاجه هناك يجب أن تدفع مقابلهُ جزءًا من لحمك ودمك".
ويتابع: "يتعرض الأسرى لسلسلة من الانتهاكات والإجراءات القمعية كالتفتيش التعسفي في جنح الليل والمنع من إكمال التعليم بجانب التنقلات المستمرة للأسرى بين السجون"، مشدداً على أن أصعب ما قد يتعرض له الأسير داخل السجن تلقي خبر وفاة أحد أقاربه.
ويضف مرتجى: "في صيف 2008 توفي والدي، فعشت أيام صعبة لم أكن أقوى على الحركة وقتها، وفي بدايات العام الماضي لحقت به والدتي فازداد العذاب عليَ، خاصة إني حرمت من رؤيتهما مطلقًا منذ اعتقالي حتى مهاتفتهما".
تحدي الظلمة
وأوضح مرتجى أنه وخلال مدة اعتقاله الطويلة حصل على شهادة دبلوم في تأهيل الدعاة من كلية المجتمع للعلوم التطبيقية كتحدٍ لظلمة السجن، منوهاً إلى أنه سيكمل مساقات درجة البكالوريوس في التاريخ من جامعة الأقصى بعد الإفراج حيث أنهى منها سنتين داخل السجن.
وترك مرتجى شقيقه "فادي" إبان اعتقاله وهو بنصف عمره تقريبًا، ليُعاود لقاءه داخل أسوار السجن، حيثُ اعتقل في شتاء 2003 من مدينة بيت لحم.
المصدر: صفا