/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

هستيريا في رام الله: الحرية للأسرى

2013/08/15 الساعة 12:14 ص

أهازيج ودموع، ورقص هستيري، اختلطت بصراخ الفرحة وبكاء الأمهات والزوجات، وأطفال انتظروا آباءهم أكثر من 20 عاماً، وهو بكاء على أسرى خرجوا من دون أن يروا الأم والأب الذين شاخوا وغادروا الحياة قبل لقاء انتظروه طويلاً.
صخب في كل مكان، هكذا كانت الحالة في رام الله أمس الاول، حين أفرجت سلطات الاحتلال عن 11 أسيراً من الضفة الغربية من أصل 26 أسيراً أطلق سراحهم مساء أمس الأول. هم أسرى قضوا بالمعدل أكثر من 25 عاماً في سجون الاحتلال، وبعضهم لم يكن يحلم بالإفراج عنه أبداً.
عائلة الأسير خالد عساكرة كانت من بين العائلات التي انتظرت منذ ساعات مبكرة خروج ابنها أمام سجن "عوفر" العسكري القريب من رام الله. خاله أبو سليمان، قال لـ"السفير"، وهو يبكي ويرقص صارخاً بفرحة الإفراج: "اعتقلوه وكان عمره 20 عاماً، وكنت حينها في الأربعين من عمري. اليوم أفرجوا عنه بعد أسر دام 23 عاماً، وبعدما فقد وهو في السجن أمه وأباه، ماتا حسرة عليه، وتركا لي الأمانة، والحمد لله أنا أتسلمها، لأسلمها للوطن". وأضاف "أقول لأختي.. أنعمي بالسلام، ها قد عاد خالد".
لم يتوقف أبو سليمان عن الرقص مع عشرات الأهالي أمام سجن "عوفر"، بينما كانت فرقة محلية شعبية تعزف ألحان الثورة الفلسطينية على آلة "القربة" ويردد معها هاتفاً "لاكتب اسمك يا بلادي". ويتابع حديثه "أقول لخالد إنك ناضلت وضحيت لأجل وطن يستحق التضحية، ولأجل قضية عادلة، ونأمل أن يفرج عن بقية الأسرى من بعدك قريباً".
والأسير عساكرة كان محكوماً بالسجن المؤبد بالإضافة إلى 40 عاماً بتهمة تنفيذ عملية في مدينة القدس المحتلة في العام 1991 أسفرت عن مقتل عدد من الإسرائيليين.
يذكر أن الإفراج عن الأسرى الـ26 يأتي في إطار صفقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تنص على الإفراج عن أسرى ما قبل اتفاق أوسلو الـ104، إلا أن إسرائيل قررت الإفراج عنهم على أربع مراحل ربطاً بتطور المفاوضات. ومن المفترض أن يطلق سراح الدفعة الثانية في نهاية شهر أيلول المقبل. وتجدر الإشارة إلى أنه كان يجب على اسرائيل الإفراج عن هؤلاء الأسرى إثر توقيع اتفاق أوسلو في العام 1993 في إطار صفقة أطلق عليها وقتها "لتبييض السجون". ويقدر عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال اليوم بحوالي ستة آلاف.
وبالعودة إلى احتفالات أمس، وحين خرجت حافلات الأسرى من سجن "عوفر" متوجهة إلى مقر المقاطعة في رام الله، كان آلاف الفلسطينيين يرقصون داخل باحات مقر الرئاسة الفلسطينية. ومن بين هؤلاء وقفت الحاجة نعمة، أم الأسير عصمت منصور، وقد ارتدت أجمل ما عندها، ولبست كل حليها، وزينت يديها بالحناء في انتظار "العزيز الغالي".
الأسير عصمت اعتقل ولم يتجاوز الـ17 عاماً، وأفرج عنه بعد 20 عاماً، ليجد أن كل شيء في الحياة قد تغير وكأنه قادم من عالم آخر. ولكن الشيء الثابت بنظره كان "وجه والدتي التي زارتني طيلة هذه السنوات، وتحمّلت برد الشتاء القارس، وحر الصيف، والذل على الحواجز، والتفتيش العاري لتبقيني أعيش على أمل لقائها".
"الطفل" عصمت كما يحلو لوالدته أن تراه، كان قد تعرض لتعذيب شديد في السجن، أثمر في النهاية كتاباً يصف "ذل السجان، وإرادة السجين" عنوانه "سجن السجن"، وفقا لـ"نادي الأسير الفلسطيني".
وفي الكتاب يقول عصمت "هنا يسجنون السجين، يسجنون الظل، دون أن يدركوا أن هذا يحرره من أبشع أسر، لأن الأسير ينتصر في اللحظة التي يدرك فيها أن أحلامه غير مسجونة وذاكرته غير مسجونة".


المصدر: السفير

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/39981

اقرأ أيضا