/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

فانوس رمضان.. معلم روحي ونكهة لا بد منها

2013/07/20 الساعة 07:45 ص

"حالو يا حالو رمضان كريم يا حالو".. كلمات كان وما زال الأطفال يرددونها وهم يحملون الفوانيس في ليالي الخير والكرم خلال شهر رمضان المبارك, فمنذ القدم، كانت وظيفة هذا الفانوس هي الإضاءة وتبديد العتمة, ومن ثم بدأ يتطور شيئاً فشيئاً حتى أصبح هذا الجماد الذي يضفي الفرحة على نفوس المسلمين معلماً ورمزاً روحياً ونكهة لا بد منها.
وأخذ الفانوس أشكالاً وألواناً وكلمات تنطق بتاريخ وتراث وأصالة، واقترن ذكره بقدوم شهر رمضان الكريم، وبدأ يمتد بعراقة، وصار وجوده ضرورة، وإلا فهناك نقص يجب أن يكمل فرحة رمضان.
ويحرص المسلمون في جميع أقطار الأرض، وخاصة الشعب الفلسطيني، على شراء الفوانيس وتزيين منازلهم والشوارع بها، فى مظهر مبهج للصغار والكبار، ولكن هل سأل أحدكم يوماً كيف ومتى وما الظروف التي بدأ فيها ظهور فانوس رمضان؟!.
إرث مهم
المواطن أحمد الخالدي، الذي ابتاع فانوس رمضان منذ أول أيامه، يرى أن الفانوس يعد فرداً من أفراد عائلته خلال شهر الصوم، حيث يكون حاضرا في كل الأوقات وخاصة تلك التي ينشدون فيها أناشيد رمضان لتعم الفرحة على نفوس الحاضرين.
وأوضح الخالدي (59 عاماً) أنه أحضر سبعة فوانيس إلى عائلته بعدد أفرادها، حيث يجتمع الأطفال مساء كل ليلة من رمضان في الحارة ويضيئونها في مشهد ذي طابع رمضاني بحت.
وقال وابتسامته تملأ وجهه: الفانوس لا أعلم متى صنع وكيف نشأ، ولكن ما أعلمه أنني وعيت عليه، وكان والدي وجدي من قبل يحملانه في ليالي رمضان (..) أرى أنه من المهم أن نعلم القصة الحقيقية لهذا الفانوس وهذا ما سأسعى إليه".
أما المواطنة أم سامح البربري، ولديها أربعة أطفال، تقول: الفانوس يعد رمزا من رموز رمضان، ولا نعلم ما حقيقته وإلى أي عصر ينتسب وفي أي ظروف بدأ، ولكنه يعتبر إرثاً ورثناه عن أجدادنا ونحيه مع قدوم شهر رمضان المبارك في كل عام".
وأوضحت أن الفانوس قديماً كان يستخدم للإنارة ولكن اليوم لم يعد هناك حاجة لاستخدامه في هذه الوظيفة، وبات يجسد مظهراً وشكلاً لإضفاء الفرحة على الأبناء، مشيرةً إلى أنها تختار أكبر حجم منه في السوق مع قدوم رمضان وتنصبه في موقع هام ومركزي داخل منزلها.
كيف ومتى نشأ؟!
وفى ذات السياق، تحدث "المؤرخ في التراث الإسلامي"، د. سليم المبيض، عن نشأة الفانوس وبدايات ظهوره الأولى وأهم الظروف التي بدأ فيها.
وقال: الفانوس بدأ يتبلور ويتضح منذ زمن الفتح الفاطمي لمصر سنة 358هـ، حيث كان يستخدم للإنارة ليلاً كي يسير الناس بالشارع، وكان حينها يسمى السراج، وهو عبارة عن قطعة مصنوعة من الفخار والمعادن بدرجات حسب الطبقات الاجتماعية".
وأوضح د. المبيض أنه خلال هذا الفتح الإسلامي لمصر، صادق مرور القائد الفاتح المعز لدين الله الفاطمي داخلاً مصر وعبرها في إحدى ليالي شهر رمضان، فخرج الناس لاستقباله حاملين الفوانيس المضيئة ومهللين بقدومه.
وأضاف المبيض: "بعد ذلك بدأت الناس تتناقل الفوانيس وتشعلها في شهر رمضان تذكيراً بفتح مصر، وبدأت حكاية الفانوس بالتطور مروراً بأهازيج الفانوس وألوانه الجميلة وأشكاله المختلفة، ويحمله الكبار والصغار فرحاً وابتهاجاً بقدوم شهر رمضان مع تجدده كل عام".
أما ظهور الفانوس في قطاع غزة، فيرى المؤرخ الإسلامي أن الرواية التي توثق وتؤرخ ظهور الفانوس بغزة، كانت في عام 1799م، عندما دخلها الغازي الفرنسي نابليون بونابرت في ليلة شتاء، وخرج الناس بالفوانيس لاستكشاف ما يجري.
وقال د. المبيض في ذلك: "كان الناس في غزة صياماً بشهر رمضان وكانوا يخرجون ليلا حاملين تلك الفوانيس ويتجهون للمقاهي ويتبادلون الحديث والقصص ويتغنون بالأشعار والأطفال يغنون للشهر الفضيل، وكلها معالم استقبال رمضان قديماً".
وعما يمثله الفانوس للمسلمين بشهر رمضان, أكد أن بدايته كانت لإرشاد الناس ليلاً وإضاءة طريقهم, أما حديثا فهو يعد رمزا من رموز رمضان ويبشر بقدومه ويدل على فرحة عارمة للصغار بمجرد حلول هذا الشهر الفضيل، وبات الجميع يتفنن في صناعته وإضفاء الألوان عليه.
وفي معرض رده عن كون هذه الفوانيس تشكل "بدعة" كما يصفها البعض، قال: "إن الترويج لهذه المقولة يعد مغالاة بالدين يجب عدم الإنجرار خلفها، فهذا الاختراع يعود للعصر الفينيقي حيث كان يستخدم كأسرجة من الفخار والحديد وتنار بها البيوت، وحتى الآن لا زلنا نعثر عليها كآثار قديمة".
وبيّن المؤرخ في التراث الإسلامي أن اهتمام الأقوام الماضية بالفوانيس والأسرجة، كان أكبر بكثير من اهتمامهم الحالي، حيث كانت الأسرجة لا تسير الحياة إلا بها، وذكرت الفوانيس والأسرجة في مواضع كثيرة في مئات الكتب القديمة، مشيراً إلى أن الناس تجهل تلك المعاني والتاريخ الطويل لها أيضاً.
المصدر: الاستقلال

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/38127

اقرأ أيضا