/منوعات/ عرض الخبر

الصوم مدرسة الروح

2013/07/15 الساعة 09:21 ص

قلم / الشيخ جمال الدين شبيب



جاء في الحديث القدسي الذي يرويه النبي (ص) عن ربه عزّ وجلّ: الصوم لي وأنا أجزي به"
ولعبارة «الصوم لي»، خصوصية يريد الله ان يبينها، فالصيام ملك لله سبحانه وتعالى والإنسان يمسك منذ الفجر حتى الغروب، وهذه درجة للصائم، بها يسعى لئلا يحترق بالنار وأن يدخل الجنة، «جنات تجري من تحتها الأنهار».
 فالصائم الذي كل همه وتفكيره منصب في حلول وقت الإفطار، ويشعر بالارتياح عند إفطاره وكأنه انتهى من عذاب الصيام، لا يصل إلى حضرة القدوس، ولا إلى لقاء الله عز وجل، فإلى جانب أحكام الصيام وآدابه الخاصة به، هناك سر وهو لقاء المحبوب ألا وهو الله عز وجل.
هذا الحديث يوجد الشوق في الإنسان ومن ثم يجعله عاشقاً، فالإنسان بغير الشوق لا يتحرك ولا يسعى... وعندما يكون الصيام لله، فماذا يعطى للصائم؟ إن الله يعطي الصائم الثواب.
إن الله عز وجل لم يكتف بالقول «الصوم لي» بل قال «وأنا أجزي به، بل قدم نفسه تعالى وقال: «الصوم لي وأنا أجزي به» وهنا قدم ضمير المتكلم على الفعل ولم يقل وأجزي به، بل قدم نفسه تعالى، وقال: «الصوم لي وأنا أجزي به».
فيقول سبحانه في هذا المقام «الصوم لي، الصوم ملكي، وأنا بنفسي أجازي الصائمين، وأنا لا غيري اعطيهم ثوابهم.
ومعلوم أن لكل عبادة ظاهر وباطن، فالأحكام الواجبة والمستحبة تعيّن الشكل الظاهري لهذه العبادة، أما الإرادة والنية فهما يعيّنان باطن هذه العبادة.
وعندما يصوم الإنسان مدركاً حقيقة الصيام ، يصل بالتدريج إلى باطن الصيام.  فباطن يبيّن أن الغاية العظمى من الصيام تحصيل الصائم درجة القرب من الله تعالى «الصوم لي وأنا أجزي به». وهذا التعبير خاص بالصيام فقط ولم يأت لبقية العبادات.
يقول ابن الأثير: من النقاط التي على اساسها قال تعالى في الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا اجزي به» انه ليست هنالك أمة من الأمم التي عبدت الأوثان قد صامت للوثن، نعم لقد صلوا وقدموا القرابين، وكان لهم مراسم أخرى، لكنهم لم يصوموا، الصيام لله عز وجل فقط، ليس هناك من مشرك صام تقرباً للقربان، فالصيام تكليف إلهي، أما بقية العبادات فقد أشركوا بها وعملوها لغير الله، أما الصيام فلا، لهذا قال تعالى: «الصوم لي وأنا أجزي به»، فالله جعل الصيام لنفسه، وهو الذي يجازي الصائم.
وقد جاء في الحديث الشريف: «لكل شيء زكاة وزكاة الابدان الصيام». وقال تعالى: «واستعينوا بالصبر والصلاة». قال بعض المفسرين : يعني بالصبر الصوم، لذلك قال بعض الصالحين «إذا نزلت بالرجل نازلة أو شدة فليصم، ليس فقط في مسألة الحرب، بل يصوم في جميع المحن والصعاب التي تواجه الإنسان لأجل حلها، وبهذا يصل الإنسان إلى عمق وأسرار الصيام. » لأن الله تعالى يقول: «الصوم لي وأنا أجزي به»، فالذي يصوم لله يتكفل الله بحل مشكلاته وهو الذي بيده كل شيء، فالله سبحانه هو الذي يسهل الأمور للذين يسيرون على الطريق المستقيم «فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنسيره لليسرى».

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/37753

اقرأ أيضا