اعتبر محللون سياسيون اليوم (السبت) ان عدم تضمين مصر فى جولة الرئيس الامريكي باراك اوباما بالشرق الاوسط "لا يعنى تراجع العلاقات الثنائية"،لكنهم عدوها رسالة بان واشنطن تنظر الى القاهرة بـ"نوع من الحذر" بسبب استمرار الازمة السياسية بها، وتقاربها مع حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وايران.
وأوضحوا ان عدم زيارة اوباما للقاهرة يعكس " تراجع دور مصر الخارجي" لاسيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتوقعوا فى ذات الوقت زيادة تأثير هذا الدور بعد انتهاء المرحلة الانتقالية فى مصر.
واختتم الرئيس اوباما امس زيارته الى الاردن فى اطار جولة استمرت ثلاثة ايام استهلها الاربعاء الماضى باسرائيل ثم الاراضى الفلسطينية.
وتعد هذه الزيارة الاولى لأوباما الى المنطقة فى فترته الرئاسية الثانية، بينما كانت القاهرة محط زيارته الاولى للمنطقة خلال ولايته الرئاسية الاولى وتحديدا فى يونيو 2009.
فى الوقت ذاته ارجئت زيارة الرئيس المصري محمد مرسي ، الذى تولى منصبه رسميا فى 30 يونيو الماضى، الى واشنطن عدة مرات.
وقال الدكتور اكرام بدرالدين رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان عدم زيارة اوباما الى مصر يمكن النظر اليها على انها " رسالة ذات مغزى سياسي او دبلوماسي معين" هو ان واشنطن تنظر الى القاهرة " بنوع من الحذر" .
وعزا بدرالدين ، بحسب ما اوضح لوكالة انباء (شينخوا)، هذا الحذر الى العنف المفرط فى الشارع المصري، وعدم تحقيق الدعوة الامريكية باجراء حوار بين جميع اطراف الازمة فى القاهرة.
واضاف ان التجاذبات السياسية التى تحدث فى مصر ربما جعلت البيت الابيض يعتبر الوقت غير مناسب لزيارة القاهرة.
وتشهد مصر ازمة سياسية حادة بين مؤسسة الرئاسة مدعومة من جماعة (الاخوان المسلمين) ، وجبهة (الانقاذ الوطني) المعارضة الرئيسية فى البلاد بسبب رفض الاخيرة لأسلوب الرئيس محمد مرسي فى معالجة القضايا الداخلية لاسيما ما يتعلق بالدستور ، والنائب العام ، وتشكيل الحكومة والوضع الاقتصادي وغيرها .
وتابع ان امريكا تنظر الى مصر فى ضوء نظرتها لمصالحها فى الشرق الاوسط والتى تتمثل فى تحقيق امن اسرائيل ، وضمان استمرارية تدفق النفط اليها، و الحرب ضد الارهاب ، وملف ايران، مشيرا الى ان واشنطن " قد تكون غير راضية عن العلاقات بين مصر وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) وعن التقارب المصري الايراني".وشهدت العلاقات بين مصر وكل من حماس وطهران تحسنا ملحوظا للغاية فى عهد مرسي مقارنة بما كانت عليه فى السابق تمثل فى زيارة قادة الحركة الاسلامية والرئيس أحمدي نجاد للقاهرة حيث استقبلهم الرئيس المصري. لكن بدر الدين عاد مؤكدا انه " ليس معنى عدم زيارة اوباما للقاهرة خلال جولته بالمنطقة سوء العلاقات" بين البلدين لاسيما ان " هناك قنوات اتصال مفتوحة" بين الولايات المتحدة ومصر التى زارها مؤخرا وزير الخارجية الامريكي جون كيري.
واردف " ان عدم الزيارة لا يعكس تراجع فى قوة العلاقات الثنائية ، انما الظرف غير مناسب او ان الرئيس اوباما منشغل ببرنامج معين".
واشار الى ان الهدف ليس فى مجرد الزيارة وانما فيما يترتب عنها من نتائج ، منوها بان زيارة اوباما الى القاهرة فى بداية ولايته الاولى لم تسفر عن نتائج ايجابية ولم تترجم الى سياسات عملية رغم انها قوبلت بحماس شديد فى العالم الاسلامي.
وعن افاق العلاقات المصرية - الامريكية توقع بدر الدين ان تظل العلاقات بين الجانبين " طيبة" فى اطار " المصالح المتبادلة" لاسيما ان " استمرارية العلاقات يحقق مصلحة الطرفين " .
واستطرد ان امريكا قوة عظمى لها مصالح فى الشرق الاوسط ومصر يتوقع ان تلعب دورا اقليميا اكبر بعد انتهاء الفترة الانتقالية بها، كما ان الاولى تقدم مساعدات سياسية وعسكرية للقاهرة التى " ليس من مصلحتها توتر العلاقات".
لكنه استبعد ان تكون العلاقات فى اطار " التبعية لامريكا" خاصة ان مصر لها مصالح لابد ان تكون الاولوية لها وبالتالي ليس من الضروري ان تتطابق مواقفها مع المواقف الامريكية لان الاولويات تختلف.
من جانبه ، رأى عبدالغفار شكر نائب رئيس مركز البحوث العربية ان عدم تضمين مصر فى جولة اوباما بالمنطقة يعكس " تراجع دور مصر الاقليمي" لكنه " لا يعنى ان هناك ازمة فى العلاقات الثنائية".
وقال شكر ، لـ (شينخوا)، " فى رأيي الموقف الامريكي فى دعم حكم جماعة الاخوان المسلمين لمصر لم يتغير، قد يكون لها ملاحظات على حكم الاخوان، لكنها تؤيده وترى انه لا بديل للاخوان" فى مصر.
واوضح ان الهدف من جولة اوباما هو دعم اسرائيل ومحاولة اكتشاف مبادرة جديدة لاحياء عملية السلام مع الفلسطينيين.
وختم بالقول ان مصر حاليا ليس لها دور مؤثر فى القضية الفلسطينية ربما تستطيع التأثير على حركة حماس لكنها لا تؤثر على القضية الفلسطينية ككل خاصة ان " دورها الاقليمي يتراجع".