(خاص/القدس للأنباء)
قدم اللاجئون الفلسطينيون اثر النزوح القصري منذ عام 1948 من فلسطين المحتلة الى بلد موقع على اتفاقية دولية لحقوق الانسان تمنح الحقوق المدنية للنازحين، الا أن ذلك بقي حبرا لبنانيا على ورق دولي، فلا الحكومات اللبنانية المتعاقبة فعّلت توقيع الدولة ولا المجتمع الدولي فكّر ولو لمرة في مساءلة الدولة اللبنانية لعدم احترامها اتفاقا دوليا هي شريكا فيه.
أكثر من خمسة وستون عاما من حرمان اللاجئ الفلسطيني من حقوقه المدنية في لبنان، والحكومات المتعاقبة تناوبت على مطالبته بدفع الضرائب والقيام بواجباته اتجاه دولة تحرمه منذ أن وطئت قدماه أراضيها من حق العمل، فكيف للدولة أن تطاع وهي لا تطلب المستطاع.؟!
أما المضحك المبكي فهو أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان يدفع منذ سنين ضرائب اضافية فضلا عن ضرائب الدولة.
ومن الضرائب الاضافية التي يتكبّدها اللاجئ الفلسطيني في لبنان فشل اللجان الشعبية في المخيمات في القيام بدورها على المستوى الاجتماعي والخدماتي، حيث لم تكن في أغلب الأوقات على مستوى الأزمة في حلها، مع احترامنا لكل التشكيلات التي تعاقبت عليها منذ سنوات، الا أنه وما لا يمكن لأحد انكاره أن اللجان الشعبية بأغلبية أعضائها تفتقر للتخصّصية العلمية والخبرات المهنية رغم غنى مخيماتنا بذلك.
هذا هو حال المخيمات الفلسطينية في لبنان في ملف الكهرباء وخاصّة في مخيم البداوي، ففضلا عن الزيادة السكانية عموما التي تترافق مع زيادة في حركة الاعمار فيها بشكل أو بآخر ما يتطلب بالضرورة زيادة في صرف الطاقة الأمر الذي لا تؤمنه الدولة للمخيمات، وفضلا أيضا عن العشوائية في البناء و مشكلة عدم توازي وتزامن الزيادة في الأعمار مع توسيع شبكة الكهرباء في المخيم، لا تغيب عن أهالي مخيم البداوي الضرائب الاضافية التي يدفعونها نتيجة لغياب دور الرقيب على الشبكة والحسيب لكل مخالف كان من كان ومهما صغر أو كبر حجم المخالفة.
أما المخالفات على المستوى الفردي فحدث ولا حرج وبشتّى الوسائل، وأما على المستوى المجموعات فهنا تكمن الطّامة الأكبر!!
في مخيّم البداوي مجموعات تعمل على سرقة كهرباء المخيم بمد شبكات من الخطوط المخالفة لبيعها بالتجزئة لحسابهم الخاص على حساب أهالي المخيم ما يزيد من حدة أزمة انقطاع التيار الكهربائي بشكل متقطع خلال اليوم, وانقطاعه بشكل مستمر لأيام عديدة متواصلة في كثير من الأحيان نتيجة لمضاعفة السحب على الخط الواحد الأمر الذي يزيد من الضغط على الخطوط، بالاضافة للتسبب بحالة "روتور" على الخطوط نفسها ما يؤدي خلال أيام قليلة لتلف الترانسات الموّزعة.
الجدير بالذكر أن هذه المجموعات تعمل كشركات خاصة صغرى في مجال سرقة وبيع الكهرباء بالتجزئة على مرأى من الفصائل، وساندين ظهر مشاريعهم الاستثمارية بجدار "التنظيم" !!!
وقد أضاف مسؤول مكتب الخدمات العامة في اللجنة الشعبية في مخيم البداوي ابو رامي خطّار، أسباباً أخرى لأزمة الكهرباء في المخيم كزيادة المعامل على أنواعها ومحطات تكرير المياه والمحال التجارية في المخيم، وأضاف خطّار "أن تكرار حالات النزوح الى مخيم البداوي منذ تل الزعتر والنبطية مرورا بنهر البارد وصولا لنزوح اخواننا من سوريا وخاصة من مخيم اليرموك، كلها أمور أدت وتدريجيا الى زيادة ضخمة في استخدام الكهرباء".
أما بالنسبة لأهالي المخيم فالمسألة تلخص بصورة قاتمة مليئة باليأس انتهاء الازمة وفقدان الثقة باللجنة الشعبية وأدائها والتحامل على الفصائل كسقف رسمي للمخيم غير فاعل تارة وداعم للمخالفين تارة أخرى.
إنّ بعض أحياء المخيم وكنتيجة لغياب المرجعيات المسؤولة عن رقابة ومنع المخالفات وفي ظل ضعف الأداء لدى اللجنة الشعبية في ملف الخدمات العامة قامت بمبادرات أهلية بتشكيل لجان أحياء لضبط المخالفات ومعالجتها ومراقبة الخطوط بشكل يومي لحمايتها والتواصل مع شركة قاديشا مباشرة في مسائل الصيانة عند الحاجة منجزين بذلك مهام مرجعيات فلسطينية مفترضة على مستوى الخدمات والأمن المجتمعي.
ان تجاوز أزمة الكهرباء و كل المشكلات على مستوى الخدمات العامة تكمن في الواقع باعادة تأهيل "اللجنة الشعبية" وتدعيمها بالكفاءات العلمية والخبرات المهنية في كافة المجالات.
وللفصائل الفلسطينية الدور الاساس في انجاز ذلك، من خلال اتمام المشروع على أسس ديمقراطية ضمن عملية انتخابية متكاملة.
الا أن ذلك لن ينجز ان لم تنجح الفصائل الفلسطينية في الفصل ما بين الموقف السياسي والواجب الاجتماعي، وبالتالي التّوقف عن نقل التجاذبات السياسية الى اللجنة الشعبية واقحام اللاجئ الفلسطيني وأمنه المجتمعي في ملف الخدمات العامة في ذلك.
مشهد رمادي هو حتّى الآن للجنة الشعبية في مخيم البداوي، وان كانت فصائلنا على مستوى أمن المخيم وفي ظل الظروف الأمنية الراهنة المحيطة به أثبتت حرصها الشديد وتكاتفها الوطيد، على أمل استخدامها لهاتين الخاصّتين في مشروع تفعيل صرح اللجنة الشعبية.