عنوان يثير التساؤل: هل للإيمان حلاوة؟ وبأية حاسة يتم تذوّقها؟
يقول أبو حامد الغزالي: من ذاق عرف، ومن حُرم انحرف. ونسمع الإمام الشافعي يردد: ولست أرى السعادة جمع مال ** ولكن التقي هو السعيد.
ونهرع إلى أحاديث المصطفى (ص) فنقرأ: "ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله و رسوله أحبّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار."
آنئذ نعرف الجواب: إن اللذة الروحية والطمأنينة النفسية وهدوء الأعصاب لا تتوفر إلا لمن ذاق حلاوة الإيمان، واستشعر حب الله ورسوله، فعاش معهما ولهما آناء الليل وأطراف النهار؛ فاستغنى بالخالق عن المخلوق ورضي بالله ربا وبالإسلام ديناً، وبسيدنا محمد نبيا ورسولاً، وتوكل على الله حق التوكل، فأحبه الله وهداه سواء السبيل.
ولكن كيف يتأتى للمسلم هذا الحب؟ يقول الله عز وجل: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم."
إذاً، فميزان الحب في الله تعالى هو اتباع الحبيب المصطفى (ص) واتخاذه قدوة حسنة. فمن أراد أن يذوق حلاوة الإيمان لا بد أن يشعر بحب الله عز وجل، وذلك بعد أن يتبع صراطه المستقيم، ويلتزم بما أمر به الله ورسوله، وينتهي عما نهيا عنه. وبعد أن يلتزم بأخلاق الرسول (ص) ويسلك مسلكه بين الناس. عندها سيلمس محبة الناس ويتذوق حلاوة الإيمان؛ فإذا أحب الله عبداً حبب الناس إليه.
حين يشعر المسلم بأنه يحب الله ورسوله، أكثر من ماله وولده وزوجه وعشيرته، يكون قد سلك درب الحب في الله وارتقى في مدارج السالكين "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين".