وكالة القدس للأنباء – ترجمة
مع تزايد لجوء المزيد من الدول إلى "إسرائيل" للحصول على أنظمة الدفاع الجوي، لا يمكن لهذه الدول أن تتحمل تكلفة عزل هذه القوة في الشرق الأوسط.
تستفيد "إسرائيل" من الطلب الدولي المتزايد على أنظمة الدفاع الجوي التي أثبتت فعاليتها في المعارك، حيث يقول المحللون إن مبيعات الأسلحة التي تُقدّر بمليارات الدولارات ستوسع نفوذ البلاد بشكل كبير خارج منطقة الشرق الأوسط.
تساعد صادرات الأسلحة إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تجاوز عزلتها الدبلوماسية بسبب حرب غزة، من خلال جعل الدولة ذات الأغلبية اليهودية شريكًا أمنيًا رئيسيًا على المدى الطويل لعملائها.
قال بويكو نيكولوف، مؤسس شركة هاردبوينت، وهي منصة متخصصة في الاستخبارات الاستراتيجية: "يُعدّ تصدير أنظمة الدفاع الجوي أعلى مستوى من التوافق الاستراتيجي. هذه ليست مجرد صفقة تجارية؛ إنها عقد ولاء لمدة 30 عامًا".
وأضاف في حديثه لمجلة "هذا الأسبوع في آسيا" أنه حين تحصل دول مثل ألمانيا أو فنلندا على أنظمة الدفاع الجوي "الإسرائيلية"، فإنها سترتبط "بإسرائيل" من خلال البرمجيات وتبادل المعلومات الاستخباراتية والدعم الفني المستمر.
وأوضح نيكولوف أن هذا سيحوّل "إسرائيل" من قوة إقليمية إلى "ركيزة أساسية" للأمن الأوروبي، ما يمنحها نفوذًا دبلوماسيًا هائلاً، إذ سيكون من المستحيل "عزل أو فرض عقوبات على الدولة التي تمتلك مفتاح حماية مجالها الجوي".
وبذلك، نجحت "إسرائيل" في تحويل قدراتها الدفاعية إلى "أقوى أداة في سياستها الخارجية"، حيث أصبحت "موردًا وضامنًا رئيسيًا للغرب، ما يُغيّر وزنها بشكل جذري على طاولة المفاوضات العالمية".
تُعدّ ألمانيا أكبر مشترٍ لأنظمة الدفاع الجوي من "إسرائيل". في وقت سابق من هذا الشهر، بدأت ألمانيا بنشر أنظمة "آرو 3" التي تُصنّعها شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI) بموجب عقد بقيمة 3.6 مليار دولار أمريكي، حيث تمّ نشر أول بطارية في قاعدة جوية بالقرب من برلين. وقّع البلدان اتفاقية منفصلة بقيمة 3.1 مليار دولار أمريكي لتوريد المزيد من أنظمة "آرو 3" في 18 ديسمبر/كانون الأول. وتُعتبر هاتان الصفقتان أكبر صفقة تصدير عسكرية إسرائيلية على الإطلاق.
جاءت عمليات شراء أنظمة "آرو 3" في الوقت الذي تسعى فيه ألمانيا إلى تعزيز دفاعاتها ضدّ التهديد المتزايد لهجمات الصواريخ الباليستية الروسية في ظلّ الحرب الدائرة في أوكرانيا، بينما لا تزال الشكوك حول التزام الولايات المتحدة على المدى الطويل تجاه حلف الناتو تُثير قلق الشركاء الأوروبيين في الحلف.
يُؤدّي شراء أنظمة الدفاع الجوي إلى تبعية طويلة الأمد، تتطلّب الوصول المستمر إلى قطع الغيار وتحديثات البرامج والتدريب والتطوير، وفقًا لأندرياس كريغ، الأستاذ المشارك في دراسات الدفاع في كينغز كوليدج لندن.
قال كريغ: "يُؤدّي ذلك إلى ترابط مُسلّح"، حيث ترتبط جاهزية كلّ عميل العملياتية بسلاسل التوريد والدعم الفني الإسرائيلي.
ومع مرور الوقت، قد يشمل ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريبات المشتركة وترتيبات قابلية التشغيل البيني، خاصةً عندما يرغب العملاء في دمج أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بهم بشكل أعمق مع أنظمة الحلفاء، وفقًا لكريغ.
وكدليل على تزايد مكانة إسرائيل بين العملاء الأوروبيين، وقّعت رومانيا عقدًا بقيمة تزيد عن 2 مليار دولار أمريكي مع شركة رافائيل للأنظمة المتقدمة في يوليو/تموز لتوريد ستّ وحدات من نظام "سبايدر" قصير المدى.
وتقترب اليونان من إتمام صفقة بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي لأنظمة "سبايدر" من رافائيل وأنظمة "مقلاع داود" متوسطة إلى طويلة المدى ونظام "باراك إم إكس" المتكامل للدفاع الجوي والصاروخي من شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، لتحلّ محلّ أنظمتها الروسية الصنع الحالية، وفقًا لما ذكره الرئيس التنفيذي لشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، بوعز ليفي، في مقابلة حديثة مع منصة "غلوبز" الإخبارية الاقتصادية الإسرائيلية.
استغل نتنياهو هذه الصفقة المرتقبة خلال قمة عقدها مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في القدس يوم الاثنين، لتوجيه تهديد مبطن لتركيا، خصمهم المشترك في شرق البحر الأبيض المتوسط.
قال نتنياهو: "على من يتوهّمون أنهم يستطيعون إعادة بناء إمبراطورياتهم وهيمنتهم على أراضينا ألا يفكروا في ذلك حتى".
وفي إعلان مشترك، تعهد القادة الثلاثة بتعزيز تعاونهم الثلاثي في مجالات الأمن والدفاع والشؤون العسكرية.
وتسلمت جورجيا أنظمة سبايدر خلال الشهر الجاري.
خارج أوروبا، أبرمت صناعة الدفاع الإسرائيلية صفقة بقيمة 108 ملايين دولار مع تايلاند في 20 نوفمبر/تشرين الثاني لشراء أنظمة باراك إم إكس لحماية قواعد سلاحها الجوي. وتُعد كينيا من بين قاعدة عملاء "إسرائيل" المتنامية في أفريقيا، حيث تسلمت مؤخرًا عدة أنظمة سبايدر.
ووفقًا للأرقام التي نشرتها وزارة الدفاع الإسرائيلية في يوليو/تموز، شكلت أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ والقذائف المرتبطة بها ما يقرب من نصف صادرات الأسلحة في العام 2024، حيث استحوذت أوروبا على 54% من المبيعات.
ويُعزى تفضيل الدول الأوروبية لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية إلى نجاح هذه الأسلحة في ساحات القتال في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، بدءًا من مواجهة الطائرات المسيرة الانتحارية وصولًا إلى الصواريخ الباليستية فرط صوتية، وفقًا لنيكولوف.
وقال نيكولوف إن أنظمة الدفاع الغربية الكبرى غالبًا ما كانت تعاني من دورات تطوير طويلة وبيروقراطية سياسية، بينما عملت الأنظمة "الإسرائيلية" مثل آرو-3 ودايفيدز سلينغ تحت تهديدات صاروخية مستمرة وعالية الكثافة.
وأضاف: "حين يكون أمنك على المحك، والصراع على أعتابك، فإنك تختار من انتصر بالفعل في الحرب الجوية، وليس من يملك أفضل عرض تقديمي على برنامج باوربوينت".
وتابع أن قدرة إسرائيل على التنفيذ بسرعة ودمج التقنيات المختلفة بكفاءة هي ميزة لا يستطيع منافسوها الغربيون في مجال الدفاع مجاراتها حاليًا.
واتفق كريغ على أن صناعة الدفاع الإسرائيلية تستجيب للطلب على أنظمة تتناسب مع بيئة التهديدات الحالية، من خلال مجموعة واسعة من الأسلحة التي تم تطويرها وتحسينها باستمرار بعد نشرها في ساحة المعركة.
وقال كريغ: "بالنسبة للمشترين الذين يسعون لسد الثغرات بسرعة، فإن الجاذبية لا تقتصر على الفعالية المتوقعة فحسب، بل تشمل أيضًا سرعة التسليم والتكامل".
ومع إعطاء الحكومات الأولوية للحماية من الصواريخ والطائرات المسيرة، يمكن "لإسرائيل" أن تقدم نفسها كمزود أمني لا غنى عنه، وفقًا لكريغ.
وأضاف: "لدى الدول التي تعتمد على الأنظمة "الإسرائيلية" في الدفاع الوطني الحاسم أسباب لتجنب أي خلافات قد تؤثر على استدامة هذه الأنظمة أو جاهزيتها أو مسارات تطويرها".
يوم الأربعاء، أعلن نتنياهو عن خطط لاستثمار 110 مليارات دولار أمريكي لتوسيع صناعة الدفاع "الإسرائيلية".
وقال: "هدفنا هو بناء صناعة أسلحة مستقلة لدولة "إسرائيل" وتقليل الاعتماد على أي طرف، بما في ذلك الحلفاء".
-------------------
العنوان الأصلي: Israel’s rising air defense sales become its ‘most potent’ foreign policy weapon
الكاتب: Tom Hussain
المصدر: South China Morning Post
التاريخ: 26 كانون الأول / ديسمبر 2025
