وكالة القدس للأنباء - متابعة
حملة التشويه الإسرائيلية المجنونة ضد الأونروا، التي وصلت إلى الذروة في الفترة الأخيرة بسيطرة مجنونة على مقرها في القدس ورفع علم إسرائيل فوقه، هي حملة تنبع من سبب عميق، الذي لن تعترف به إسرائيل ذات يوم، وهو أن الأونروا هي المساعد الرئيسي للاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948، هذا هو ذنبها الحقيقي، وكل ما تبقى ليس سوى مبررات ودعاية. الأونروا أنقذت اللاجئين، لذلك تراها عدواً.
شكلت الأونروا طوال سنوات أداة طيعة في يد إسرائيل، تمول الاحتلال وتؤدي الدور الموكل إليها بحسب القانون الدولي. في السنوات التي كانت تهتم فيها إسرائيل ولو قليلاً بمصير الفلسطينيين، رغبة منها في التزام الصمت، وكانت قراراتها تقوم على اعتبارات منطقية وليس على الكراهية، كان للأونروا دور هام. ثم جاء 7 أكتوبر، وانقلبت إسرائيل على من مد يد العون لضحاياها. لقد فقدت كل اهتمام بقضية الفلسطينيين، ولم تعد تنظر إليهم كبشر. حينئذ أصبحت الأونروا منظمة إرهابية، وسارعت إدارة ترامب في الانضمام لإسرائيل.
الذريعة الأولى التي استلتها الدعاية الإسرائيلية هي أن العاملين في هذه المنظمة كانوا مشاركين في أحداث 7 أكتوبر. ليست حماس هي التي هاجمت إسرائيل، بل الأونروا.
قالت إسرائيل إن 12 شخصاً من العاملين فيها شاركوا في المذبحة. 12 من بين الـ 13 ألف عامل في الأونروا في غزة. جوقة الدعاية والإعلام الإسرائيلية نشرت السم. “الأونروا هي نخبة”. هذه المنظمة أقالت من شاركوا في الجرائم، ولكن لم تكن لها أي فرصة. لا أحد إلا وسأل ذات يوم كم من العاملين في بنك ليئومي قصفوا الأطفال في غزة، وكم من العاملين في الجامعة العبرية قصفوا المستشفيات، وكم من العاملين في وزارة التعليم قنصوا الواقفين على الطابور للحصول على المساعدات. مصير الأونروا تم حسمه. والقصص التي لم يتم إثباتها ذات يوم بشأن “مقرات قيادة” حماس الموجودة في مخازن الأونروا، ومكان اللجوء الوحيد لمئات آلاف الأشخاص، عملت على تأجيج التحريض.
عندها، تم فتح الحساب التاريخي. الأونروا تخلد اللجوء. لولاها لما وجد لاجئون. اللجوء دليل أخير على النكبة، لذلك هي لا تعجب إسرائيل. بعد أن محت أكثر من 400 قرية، لم يبق سوى مخيمات اللاجئين كذكرى دموية على 1948. هذه هي جريمة الأونروا، ادعي أيضاً في الفيلم الوثائقي لدوري درور، الذي تم بثه في “كان 11”. الأوروبيون ساذجون، قال درور، كما يدعي الإسرائيليون دائماً ضد منظمات المساعدة. هم ساذجون – نحن وحدنا الإسرائيليين، أذكياء.
الأونروا لم تخلد وضع اللجوء. الاحتلال هو الذي خلده. لو كان للفلسطينيين دولة لانتقلت وظيفة الأونروا إليها. وقد بلغ درور ذروة السخافة في دعايته في مقابلة مع نيريت اندرمان (“هآرتس”، 4/12)، عندما قال إن فلسطين تعتبر دولة مراقبة في الأمم المتحدة اليوم، “لا يمكن أن تكون لاجئاً عندما تكون لك دولة. قرروا، هل أنتم دولة أم مناطق محتلة؟”. حقاً هذا غير جيد، أيها اللاجئون الفلسطينيون، أنكم لم تقرروا بعد. ولكن إسرائيل قررت عنكم منذ زمن. في 1967 قررت الاحتلال، ومنذ ذلك الحين لم تغير أي شيء في هذا القرار. الآن تقول أيضاً: لن تكون هناك دولة إلى الأبد. الأونروا خلدت اللجوء.
بالطبع هناك مناهج تعليمية للأونروا. “كلها تحريض” ضد إسرائيل. وكأننا بحاجة إلى الأونروا لتكريه الأطفال الفلسطينيين بإسرائيل. يكفي أن يفتحوا نافذة بيتهم، هذا إذا بقيت نافذة، كي يكرهوا من فعل بهم كل ذلك. كان على الأونروا أن تعلمهم حب إسرائيل.
لقد وجد للأونروا بديل، وهو منظمة المساعدة الأمريكية “جي.اتش.اف”. ثم تم إغلاقها بعد حوالي ألف قتيل، لحسن الحظ. الهجمات على الأونروا مستمرة، ولا بديل لها. الجمعية العمومية للأمم المتحدة دعت إسرائيل أول أمس وبأغلبية كبيرة للتعاون مع الأونروا، بعد أن قررت محكمة العدل الدولية في لاهاي بأنه لا أساس للاتهامات المرفوعة ضدها. داني دنون سارع للرد: “الأونروا منظمة إرهابية. على الفلسطينيين أن يختفوا من أمام أنظارنا".
------------------
الكاتب: جدعون ليفي
المصدر: هآرتس
التاريخ: 14/12/2025
